المقالات

العلوم الإنسانية بين الموثّقة والموثوقة 


علي عنبر السعدي ||

 

-دكتاتورية المصدر وخطورة الاستلاب .

- العقول الناقلة ، والعقول المتأملة .

الباحث في أيما فرع من العلوم الإنسانية ، يلجأ الى مجموعة من الخيارات لإثبات مادة بحثه ،وهي على التوالي :

-1: الوثيقة ،وهذه ينبغي أن تكون مدوّنة بشكل رسمي، كما في قانون صدر من جهات مختصّة ،أوفقرات وردت في دستور ،أوقرارات من سلطة مخوّلة ،أو معاهدة دولية ،أو فتوى تحمل ختم صاحبها ،أو بيت من الشعر ورد في قصيدة لشاعر عُرفتْ بإسمه ،أو تسجيل حيّ لحدث ،أو لقاء مصور مع شخصية ما ،إن توفر أي من الأنواع المذكورة أعلاه ،يجعل الإيراد موثقاً ،أي مستنداً على وثائق يعتمدها الباحث بعد التأكد من صحتها كوثيقة .

- 2- الموثوقة ،وهي الوقائع التي وردت على لسان صاحبها وتم تأكيد حصولها من قبل عدة شهود أو رواة للحدث ذاته بصورة متطابقة ،أي في كل مايجعلها جديرة بالثقة واقعاً.

- 3- المحتملة أوالممكنة :هي تلك الشهادات التي رويت على لسان أحد من دون تأكيدها من قبل آخرين ،أو تم تناقلها عن مصدر واحد.

- 4- المرجّحة : أي التي وردت متقاربة على أكثر من مصدر بشكل مستقل أحدهم عن الآخر.

لكن ماذا لو لم يكن ذلك متوفراً ؟ هل يمكن للباحث سلوك طرق أخرى ؟

في الموروثات الشعبية خاصة ،هناك الكثير من الأمثال الشائعة والحكم والحكايات والنوادر والمصطلحات، ذات نتاج جمعي ،أي انها لاتنسب لشخص بعينه ، إذ يتم تناقلها بين الناس حسب ظروفهم ومعطياتهم في مرحلة معينة ،ومثل هذه الموروثات مايمكن دراسته وتفحصه لمعرفة أحوال مجتمع ما ،خلال مرحلة من تاريخه ، لذا يلجأ الباحث الى تتبع سيرورة تلك الأمثال والمصطلحات والحكايات وظروف المجتمع آنذاك ومستوى تطوره الاجتماعي والسياسي ،وأهم الأحداث التي شهدها ،ليستدل على جذر ذلك الموروث وما يجعل شيوعه ممكناً.

الباحث والحالة هذه كالمكتشف حين يفترض حالة ما ،طبقاً لحيثياتها وعلاقتها بما حولها واقترابها من معطيات العقل ومنهجيات اشتغالاته ،وكما إن أحداً لايطالب عالم الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات ،فيما اذا كان ما اكتشفه أو اخترعه موثقاً ،لذا فالفكرة كذلك تخضع للقياس ذاته ،وكما أن من حقّ المكتشف أو المخترع تسجيل براءة اختراعه باسمه ،كذلك هناك مايسمى بحقوق الملكية الأدبية أو الفكرية للمشتغلين في هذه الجوانب.

المصدر في البحوث الأكاديمية ،تحول الى (دكتاتور) يفرض وصاية معرفية قاسية ، تمنع العقل من البحث بحرية ،وبالتالي تلزمه بترديد ماجاءت به (المصادر) ماجعل البحث المقبول ،ليس ذلك الذي يحوي أكبر قدر من الكشف المعرفي ، بل الذي يجمع أكبر قدر من المصادر، ليصبح الباحث بالنتيجة ،مجرد آلة ناسخة لاعقلية مفكرّة ، مايعفي البعض من مسؤولية التأمل والاكتشاف وبالتالي الاسهام بتطور الفكر .

 

ــــــــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك