د. علي المؤمن |||
الهويات الولادية والمناخات الاجتماعية والمواقع الحياتية المكتسبة، هي مناشئ الاختلاف عادة، وهذا التنوع هو النتاج الطبيعي للخلقة، والذي يفرز تلقائياً تعدداً في الفكر البشري وتمايزاً في معاييره وقوالبه. ولذلك؛ يرتبط الاختلاف بزاويا نظر المختلفين ومعاييرهم، وفق تعدد هوياتهم ومناخاتهم ومواقعهم، الأمر الذي يمنع وجود حقائق مطلقة في الفكر البشري غالباً، بل قراءات نسبية.
وأنا؛ استناداً لهويتي الولادية ومناخاتي الاجتماعية ومواقعي الحياتية المكتسبة، أجد أن قراءاتي لاجتماعنا الديني، موضوعيةً، ولصيقةً بواقعنا الرخو المستهدَف. وبناء على هذه القراءة؛ استشعر الخطر من المهددات المحسوسة أو المخبوءة في عقل الآخر الإقصائي، ومنهجه في التفكير والتخطيط، أيا كان عنوانه وشكله ومضمونه. وهذا الاستشعار فطنةٌ فطرية، زرعها الله (تعالى) في دواخل مخلوقاته.
ولذلك؛ في القضايا التي تمس اجتماعنا الديني، فإن شخصيتي الواقعية الاجتماعية الدينية تتغلب ـــ عادة ـــ على شخصيتي الفكرية النظرية؛ الأمر الذي يكشف عن دوافعي الفطرية في التفكير والكتابة، وهي دوافع الهوية قبل كل شيء، وفق مفهومي للهوية.
بكلمة أخرى؛ أنا أكتب من موقع الإنتماء لواقعي والالتزام بقضايا مجتمعي وأمتي، وليس من موقع الاسترخاء الفكري والتجرد النظري أو الوهم الذي يسمونه الحياد العلمي؛ لأن مقولات الباحث المحايد والمثقف المستقل والمفكر اللامنتمي، هي أوهام كبيرة، لايزال الآخر الحضاري والمذهبي والديني يستغفل بها من تستهويهم تعريفات علماء الاجتماع الغربي للمثقف والمفكر والأكاديمي، بهدف إفراغ اجتماعنا الديني والسياسي والثقافي من عناصر قوته البشرية، المتميزة فكرياً وأكاديمياً وثقافياً وإعلامياً وأدبياً.
أقول لمن يختلف معي: هذه هي زاوية تفكيري.. محفورةٌ في كل خلية من خلايا عقلي وقلبي ووجداني وحواسي ومشاعري وذاكرتي؛ فأنا أوظفها مجتمعةً حين أكتب، ولا أستخدم واحدة دون غيرها.
أعذرني أيها المختلف معي ـــ أياً كنت ـــ لأن مخرجات زواية نظرك تختلف عن مخرجات زاوية نظري. هذه أقدارنا؛ فربما لو تبادلنا الهويات الولادية والمناخات والمواقع؛ لكنتُ أنا الآخر وأنت الأنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha