عبد الرحمن المالكي ||
قد يكون من الغريب القول اليوم ان بغداد كان لها ميناء تصل السفن الشراعية اليه من الخليج العربي , والحقيقة ان المصادر التاريخية تشير الى انهُ ومنذ انتقال مركز الخلافة من الشام الى العراق , في العصر العباسي ( 123هــ 749 م _ 158 هــ / 774 م ) وتوسع النشاط الملاحي العربي الاسلامي في الخليج العربي والمحيط الهندي , مما دفع مؤسس بغداد سنة ( 145هــ 762 م ) واتخاذها عاصمة للخلافة العباسية وكان ابو جعفر المنصور الدوانيقي له اثر بالغ في جعل بغداد ميناءاً يرتبط مائياً بواسطة نهري دجلة والفرات بمراكز الملاحة البحرية في الخليج العربي كالإبلة وصَحار ودارين .
وقد ذكر ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان , ان مينائها كان يقع في منطقة باب الشعير وهي محلة ببغداد فوق مدينة المنصور الان , حيث كانت ترقأ اليها السفن .
كان لأزدهار الملاحة البحرية في الخليج العربي خاصة في القرنين الثالث و الرابع الهجريين / التاسع والعاشر الميلاديين , اثره البالغ في تنشيط التجارة مع الشرق وبخاصة مع الهند , فنشطت التجارة لسهولة نقل السلع والبضائع مائياً من المزارع والمصانع عبر نهري دجلة والفرات , لا سيما القريبة منها الى موانئ الخليج العربي ومنه الى بلدان العالم .
اصبحت بغداد عاصمة الخلافة برزخاً تتلاقى عليه خطوط التجارة العالمية , لعب البغداديون فيها دور الوسيط التجاري , حتى غدا النشاط التجاري كما يقول ميتز : ((مظهر من مظاهر ابهة الاسلام , وكانت سفنهم وقوافلهم تجوب , كل البحار والبلاد , وما قصة السندباد البحري الذي انطلق في رحلته الاسطورية الممتعة من بغداد الى بحار العالم الا دليل على حيوية ميناء بغداد البحري .