المقالات

تكليف الزرفي: فتق كبير وزرف جديد..!


طيب العراقي

 

ثمة مؤشرات مهمة تتعلق بتكليف عدنان الزرفي من قبل رئيس الجمهورية، وتنتج هذه  المؤشرات المتعلقة بإدارة الأزمة، تصورا للمرحلة الحساسة؛ التي يمر بها العراق والمنطقة والعالم:

1ـ ان اختيار الزرفي جاء كنتيجة طبيعية؛ لغياب الوعي السياسي عند الكتل المعترضة، التي لم تتصرف بشكل محترف، وكانت كأنها تلميذ إبتدائي، متخلف في قاعة إمتحان الدكتوراه، وهو مؤشر لفقدان البوصلة السياسية لتحالف الفتح؛ في تسمية رئيس الوزراء، وفقدانه توصيف الكتلة الأكبر، التي تم تجاوزها منذ تكليف عادل عبد المهدي، وبعده بترشيح وفقدان محمد توفيق علاوي، على الرغم من أن الفتح قاد تحالف البناء، الأكثر عددا داخل مجلس النواب بعد انتخابات ٢٠١٨، لكن سرعان ما تفكك تحاف البناء بعد استقالة حكومة عبد المهدي، حتى أن الفتح ذاته تضعضع، وفيه من تمرد على قرارات وتوجهات التحالف، وتبدى ذلك بوضوح في  قصة تمرير حكومة المكلف علاوي. 

لذلك فإن التعامل يجب أن  يكون باحتواء الكتل الاخرى؛ التي لم تحسم امرها بعد بخصوص تأييد ترشيح الزرفي، اضافة الى توحيد الصف وترتيب أوراق البيت الشيعي، وبالمختصر المفيد على الكتل المعترضة على مؤامرة ترشيح الزرفي، ان توحد هدفها وتجذب حلفائها والاتفاق على شخصية ودعمها بكل قوة؛ وايضا ممارسة الضغط على بعض الافراد والشخصيات، التي تزرع التفرقة والضعف في صفوف كتل بعينها.

2ـ إن اللجنة السباعية المشكلة من القوى السياسية الشيعية لم تتصرف بواقعية وإقتدار، بل عكست وكرست الخلافات بين القوى الشيعية، وخاصة بين محور الفتح وسائرون، الذي تبنى تكليف عادل عبد المهدي وبعده علاوي، هذه اللجنة أساساً لم يعول عليها قادة الكتل الشيعية في التوصل لإتفاق، ولم تكن قادرة على تجاوز أزمة التشرذم والانقسام التي تعيشها القوى الشيعية، لأن المرشح المطلوب في تنافر بين استحقاق المكون الشيعي من جهة، وإرضاء الأطراف السياسية الأخرى والشارع الداخلي و القوى الخارجية من جهة أخرى.

3ـ إن ترشيح الزرفي حظي بدعم أمريكي ـ دولي، وأيضا حظيَّ بدعمٍ من ساسة كرد وسنة؛ ومن عدد مهم من أصحاب المصالح من النواب الشيعة..

4ـ قراءة القوى السياسية للمشهد، كانت قراءة مصالح، فالزرفي بوابة أمريكا التي يرون أن مستقبلهم السياسي منوط بقبولها عنهم، لذلك فإنهم دعموه أملا بأنه سيراعي الاستحقاقات السياسية لهذه القوى، وستكون حكومته انعكاسا لمصالحهم وتوجهاتهم، ولو بالحد الأدنى، وهو حد لم يضمنوه مع غيره، خصوصا المرشح السابق علاوي، الذي تصوروا أنه مستقلا ومتحررا من ضوابط العملية السياسية وتوازناتها، مع أنه ليس كذلك!

5ـ الزرفي لن يكون مرفوضا من المتظاهرين، كما حصل مع توفيق علاوي، لأن الزرفي  كان داعما للمتظاهرين بل ومحركا لهم، وهو جوكر أصيل وليس منتحل، كما أن الظروف السياسية والاقتصادية والصحية المتعلقة بخطر انتشار وباء كورونا، شكلت مناخا مساعدا لتخفيف الضغط  ضد رفضه.

6ـ هنالك إحتمال كبير بعدم حوز الزرفي للثقة النيابية، لكن ذلك لن يتحقق إلا في حالة تشكل جبهة نيابية وطنية قوية ضده، أو بتراجع دعم سائرون له، التي تعد قطبا أساسيا، في تغطية أي رئيس حكومة، وأيضا بتحفظ أو أي إشارات رفض من المرجعية الدينية.

7ـ تؤشر خطوة تكليف الزرفي بشكل واضح، وجود تمرد نيابي لقوى سياسية شيعية حتى داخل كتلها، وهذه بدأت تستدير بالبوصلة، نحو المشروع الأمريكي، الذي يتصوروا أن كفة التوازن في هذه المرحلة تميل نحوه، وهذا يقتضي أن يتدارك الشيعة أمرهم، بإحداث تغيير في قواعد الإشتباك السياسي، وإتباع سياسات جديدة لتعديل التوازن.

8ـ بلحاظ المطالب النيابية والشعبية بإخراج القوات الأجنبية من العراق، فإن إدارة الصراع أمريكيا تقتضي التموضع والتدخل في الساحة العراقية، وقد زاد الأمر تعقيدا، بعد إستشهاد قادة الإنتصار، ولابد من دفع الولايات المتحدة للانسحاب، بإستخدام القوة المحسوبة جيدا..

 9ـ بعد أن جعل ترامب من ضرب محور المقاومة هدفا دائما له، فإن تحقيق هذا الهدف؛ يقتضي أمريكيا أن يكون رئيس الوزراء القادم في العراق، متخادماً مع المصالح الأمريكية؛ وضاغطا قويا على الحشد الشعبي وقوى المقاومة، أما الإنسحابات الأمريكية فيريدها ترامب تكتيكية وطوعية، وفيها بدائل وضمانات للبقاء.

10ـ لهذا فإن الزرفي ولسجله الخياني البراغماتي المعروف، يعد أفضل من يكون أداة لتنفيذ هذا المخطط، وإذا لم يفعل ذلك فأن مصيره سيكون مثل عبد المهدي، وسيدفع  الزرفي واشنطن، إلى عدم الخروج والقيام بعمليات إعادة انتشار، وتبني سياسة الدفاع، والضغط على الحكومة العراقية، وتكثيف الغارات الأمريكية، ضد أهداف منتقاة للحشد الشعبي وقوى المقاومة، لإعادة ميزان الردع، وهذا سيؤدي الى الكثير من الضحايا والمخاطر وردود فعل قوية في العراق، وهذا ما لا يمكن قبوله محليا وإقليميا ودوليا، وهو أمر تدرك واشنطن عواقبه السيئة عليها.

العراق رغم معاناته من الفتق الكبير؛ الذي لم يُرتَق لحد اللحظة، يظهر فيه ( زَرُفْ) جديد ليزيده تعقيدا..!

شكرا

20ـ3ـ2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك