محمد مكي آل عيسى
رجاءٌ ... تكرر في كتاب الله العزيز عدّة مرات يبين لنا أن الله جل وعلا يصرّف ويبين الآيات للناس ويفصّلها لهم . . لعلهم يرجعون له . .
ويأتي بالآيات . . آية أكبر من أختها . . فيراها الناس لعلهم الى ربهم يرجعون { وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
يبتلي الله الناس ويختبرهم ويفتنهم بأن يوجّه عليهم الحسنات التي يحبون والسيئات التي يكرهون . . لعلهم ينتبهون ويرجعون اليه . . { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
ويذيقهم الله نتاج بعض ما فعلته أيديهم واكتسبته من الخراب والدمار في خلقه , ويعرّضهم لبعض الويلات التي استجلبوها لأنفسهم . . لعلهم يفيقوا من غفلتهم فيعودوا الى ربهم { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
ويعجّل لهم العذاب الدنيوي قبل العذاب الأخروي . . لعلهم يرجعون { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
ويكأنّ الله يتوسّل - يستعملها وسيلة - بتلك الآيات والعذابات ويستخدمها وسائط ينبه بها عباده ليعودوا اليه
سوط يلوّح به قبل أن يضرب
الهي . . ما أشد حبّك لعبيدك وحرصك عليهم ! . . ما أرأفك وأرحمك بهم ! . . تنذرهم . . تحذرهم . . تخوفهم . . قبل أن تؤاخذهم وتباغتهم لعلهم يرجعون
مع أن عبيده استحقوا الإهلاك . . لكنه لا يعاجلهم وإنما ينبههم . . يتدرج بالعذاب ليرجعوا اليه قبل أن يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون
اليوم ونحن نواجه الآيات والعذابات . . .
هل رجعنا ؟ هل عدنا ؟ انتبهنا ؟ صحونا من غفلتنا ؟ أفقنا من غيبوبتنا ؟
هل صرنا كقوم يونس فينكشف عنّا العذاب ؟
أم واجهنا الأمر كالنعامة التي تدس رأسها تحت التراب خوفا وتترك جسدها عرضة الافتراس ؟
أم أخذتنا العزة بالإثم . . فقبلنا أن نتحدى
نتحدّى من ؟ . . . نتحدى الملك الجبّار ؟
عجباً والله . . فهناك من يستهزئ بعذاب الله ويستعجل به . . { قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ }
بلاءٌ يحيط بالأرض . . وما زال هناك من يعصي رب البلاء ورافعه
عذاب رجعت به السماء بعد أن رُفِعت اليها سيئات العباد . . وهناك من يستزيد من السيئآت لاهياً غافلاً . . وربما ظلماً وعلواً واستكباراً في الأرض
بل شر من ذلك . . فهناك من طوّعت له نفسه أن يستغل عذاب الله لمصلحته ويجيّره لمآربه .. عجباً . . { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ }
بلاء يعصف بالأرض فيفرح الذي في قلبه مرض لينتفع منه
ويحك . . أي موجة تريد أن تركب ؟؟ ويحك لا عاصم اليوم من أمر الله إلّا من رحم
موجة عذاب الله لا يمكن ركوبها . . . ولا يمكن النجاة منها إلا من صعد سفينة نوح زمانه
متاجرة بأرواح الناس . . . بأموالهم . . بمعنوياتهم
بعد تجّار الحروب . . . هناك من سوّلت له نفسه أن يكون من تجّار البلاء . . من تجّار الأوبئة . . من تجّار العذاب . .
يتاجر بعذاب الله . . !!
إعلام مضلل هدفه المال لا الحقيقة . . تصعيد للأسعار . . احتكار للاحتياجات . . إخافة للأبرياء . . إفتراء وكذب إستغلالاً للظرف . . كتم للحقائق والتدليس على ما يجب الإخبار عنه . .
مصلحتي فقط . . . ومصالح الناس تحت الأقدام !!
ويحكم أين الإنسانية التي تدّعون ؟ ؟
أين التضرع وأين الدعاء . . أين روافع البلاء { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ }
{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ }
{ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ }
والله أرسل كل ذلك لهم لعلهم يرجعون . . فإذا هم يبتعدون . . وهم معرضون
و جميعنا سائر اليه راجع له . . شئنا ام أبينا
{ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ }
لكن الفرق أن من يرجع بنفسه .. يكون رجوعه له
ومن يرجع مرغماً فرجوعه عليه
{ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ }
ولاحول ولا قوة الا بالله
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha