حمزة مصطفى
في ذروة أزمتنا الدستورية الخانقة حول "الكتلة الأكبر" أعلنت وزارة الزراعة أن العراق سيبدأ بتصدير الباذنجان والرمان الى المانيا. المانيا "حتة وحدة"؟ نعم, هكذا قالت الوزارة في بيانها الرسمي. ماهي الصلة بين الباذنجان والرمان؟ لاتختلف أبدا عن الصلة بين إصرار جماعة الكتلة الأكبر على إنهم هم الكتلة الأكبر وبين إصرار المحكمة الإتحادية على إعادة تفسير الكتلة الأكبر بكونها هي نفسها "الكتلة النيابية الأكثر عددا", ولمن هو متعجل فإن الكتلة النيابية الأكثر عددا "تره" هي نفسها الكتلة الأكبر. فالرمان أحمر والباذنجان أسود, و"الأحمر والأسود" رواية لساتندال و"إسمي أحمر" هي رواية لأورهان باموك الحائز على نوبل. أما الأسود فهو اللون المفضل لمن يحب "المليحة ذات الخمار الأسود" أو "يم العيون السود ماجوزن أنا".
وفي سياق العلاقة بين الأزمة الدستورية المستمرة منذ إستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وتلويح رئيس الجمهورية برهم صالح بالإستقالة وبين تصديرنا للباذنجان لواحدة من أهم دول الإتحاد الأوربي وهي المانيا مسافة بين التفاؤل والتشاؤم أوالفرح والحزن. فالأزمة الدستورية لايوجد مايلوح في الأفق بنهاية معقولة لها في ظل تصادم الإرادات بين جميع الأطراف. أما تصدير الباذنجان فقد يكون بداية جادة لرفع مستوى الإنتاج الوطني لاسيما مع حملة دعم المنتوج الوطني التي بدأت تؤتي أكلها بعد أن تبنتها ساحات التظاهر.
دعم المنتوج الوطني بدأ من "الريوق" وبلغة النخب الفكرية والسياسية الفطور. فحين تجد مائدتك الصباحية تخلوا من منتجات دول الجوار ويتصدرها البيض والجبن والقيمر والعسل والمربى العراقي فإنك تقدمت بخطوة جادة نحو تنويع مصادر الدخل. ولأن الباذنجان سليل حسب ونسب بالنسبة للعائلة العراقية حيث أنقذها في تسعينيات القرن الماضي أيام الحصار من غائلة الجوع فإنه في الواقع يتمتع بكل سمات الإستقلالية والنزاهة والوطنية. فالباذنجان لايحمل جنسية ثانية وليس هو مزودج الولاء ولم تسجل عليه ملفات فساد ولم يكن جزء من منظومة الفشل.
لكن مشكلة الباذنجان إنه باذنجان وأسود وصالح للأكل والتصدير فقط والى المانيا حصرا لأن أجواءهم الباردة لاتشجع على زراعته عندهم. بالمناسبة وهذه فكرة طلعت لي صفح الآن.. طالما بدأنا التصدير الى المانيا لمحصول الباذنجان لماذا لانعقد إتفاقا مع المانيا شبيه "الإ شويه" بإتفاقنا مع الصين حتى وإن كان لايزال حبرا على ورق. الإتفاق الذي أقترحه هو أن نتفاهم مع الألمان على زراعة في أرضنا كل ماينقصهم من مزروعات لاتنتجها أرضهم. هناك دول كثيرة تعيش على الصادرات الزراعية مثل هولندا التي بلغت صادراتها من المنتجات الزراعية وفي مقدمتها الزهور عام 2018 أكثر من 103 مليار دولار. يعني أكثر من ميزانيتنا التي تعتمد على النفط فقط وبرغم أسعار النفط المرتفعة وحكت أوبك وقالت اوابك وحكى النفط الصخري وقال نفط بحر الصين.
لاينبغي أن نستهين بالباذنجان. ففي ظل أزماتنا السياسية المستمرة وعدم وضوح الرؤيا لدى زعمائنا السياسيين فإن الحل في .. الباذنجان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)