المقالات

إنْ همْ ذهبت ْأخلاقهم...  


سالم مشكور

 

مَنْ يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، والنقاشات الدائرة فيها منذ بدء التظاهرات المطلبية العراقية في مطلع تشرين الأول الماضي يدرك كم أن منظومة الاخلاق والآداب تعاني أزمة حقيقية تنذر بخطر كبير على مستقبل البلاد والمجتمع، فالأخلاق أساس صعود الأمم وتطورها، وغيابها يعني انهيار الأمم وسقوطها، الكم الهائل من الالفاظ البذيئة وازدراء الاخر وعدم تحمل الرأي المخالف، أمر مشهود ومفهوم الأهداف عندما يصدر من الجيوش الالكترونية العاملة وفق معايير وأهداف محددة من قبل من ورائها. المحزن أن هذه الحملة نجحت في جرّ الناس الطبيعيين على الشبكة، من حملة شهادات وتربويين وأساتذة جامعات، الى منزلقات خطيرة من البذاءة والاقصائية والاتهام ووصلت الى حد ازدراء العقائد والأفكار والدين الذي يعدُ أهم أحد مرتكزات الاخلاق وحماتها، ربما تكون حالة العنف والاقصائية في الشخصية العراقية موجودة بفعل عوامل تاريخية عديدة، إلّا أن أجواء ما بعد 2003 كان يفترض أن تقلل من منسوبها، بفعل الحريات المت وبحكم تدرّب العراقي على قبول الاخر، لكن يبدو أن الاحتقان من سوء الأداء الحكومي على مرّ السنوات، والتأجيج الذي تمارسه الجيوش الالكترونية، وعدم حاجة النقاش من خلف الكيبورد الى الشجاعة المطلوبة في النقاش المباشر، ساعدت كلها في استنهاض أخلاقيات الاقصاء والقسوة في نفوس الكثيرين، بينهم الكثير ممن عرفوا بالخلق الرفيع والادب الجمّ الذي تبخر فجأة لدرجة أن علاقات قرابة وزمالة وصداقة قديمة باتت في مهب نقاش أو جدل حول موضوع التظاهرات وحقّانية مطالبها، والخوف عليها ممن يريدون استغلالها في تنفيذ أجندات

أخرى.

كثيرون باتوا يرددون مع الجيوش الالكترونية مقولاتها التي لا يدركون معناها وإن أدركوا فهم غافلون عن أهدافها. تسقيط أحزاب تسمّي نفسها إسلامية لم يكن يستهدف الأحزاب ذاتها وحسب، انما اسقاط حرمة الدين نفسه، لأنه أحد حماة الاخلاق، ولأن الشعب العراقي بطبيعته يميل الى العقيدة الدينية، كانت المرحلة الثانية ترويج مقولات أن الشيعة ليسوا أهل حكم، بات الكثيرون يرددونها من دون أن يسألوا أنفسهم إذا ما كان الآخرون أفضل في الحكم سابقا وحاليا، تطوّر الأداء الى تنمية حالة التمرّد على مرجعية الشيعة التي يتبعها الناس، الصمت في خطبة الجمعة عن الشأن السياسي معناه أن لا رأي لمن لا يطاع، بعدما أعلن من ينتمون الى جهة شيعية عصيانهم أمر المرجع واستمروا بإغلاق المدارس والدوائر.

كل هذا التراجع الأخلاقي، انما يوفر ظروف حرب بينية داخل المكّون تنتقل لاحقا الى المكونات الأخرى، وأمامكم تاريخ لبنان الحديث فاطلعوا عليه.

ليست سوداوية ولا تشاؤماّ منّي إنّما هي قراءة واقعٍ وتحذيرٌ من قادمٍ، آمل ألّا يأتي.

ــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك