المقالات

الامية بلباس سوء التخطيط ..!


عبد الحسين الظالمي

 

يعتمد البناء والتطور في العالم على ركيزتين  الاولى بناء البنى التحتية ومرافق الخدمة العامة  بكل تفاصيلها  والثانية بناء الانسان  وتطوير قابلياته ومهاراتهه  وصقل خبرته وإتاحة الفرص المناسبة له لتفجير قدراته الذاتية ليكون منتج في مجال ما .  لذلك يقاس تطور الشعوب على ضوء هاتين الركيزتين وعلى العكس من ذلك  نرى الدول تكون متخلفة وفقيرة عندما تتفشى فيها الامية وانعدام التعليم والتربية سواء انعدام تام ام فشل في سياسة التعليم و يصاحب هذه الحالة تفشي الفقر والفساد ليشكل ثنائي التخلف .

من هنا اهتمت الشعوب في قضية التعليم واعتبراتها مهمة وطنية اساسية تقع من اول اولويات الدولة والمجتمع والاسرة والفرد  لان التعليم والتربية التي تشترك  فيهما  الاسرة والدولة ولكل واحد منهم  له دور  يلعبة في مفاصل هذه المهمة  وهناك اشارة غاية في الاهمية ودرس بليغ  في تاريخنا الاسلامي قل نظيرة في التاريخ

وأهمل للأسف الشديد  وهذا الحدث  هو ما فعلة رسول الله محمد صل الله عليه  وسلم في القضية المشهورة في معركة بدر (اطلاق الاسير من الاسر مقابل تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة) وهذا الشرط الذي يؤسس  لقضية غاية في الاهمية وهي التعليم والتربية فبدون القراءة يبقى الانسان اعمى بالمعنى المجازي لذلك اهتم الاسلام بالعلم والعلماء والتعليم والتربية وبناء الانسان روحا وسلوك واعتبرت  الاخلاق مهمة الرسول الكبرى (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) والاخلاق قرينة  الايمان  الذي هو (معرفة وتصديق وعمل ) .

كل الدول التي تطورت وتجاوزت المحن التي مرت عليها  انما جاء ذلك من اهتمامها في بناء الانسان  واعتبار هذا البناء هو الاساس في محاور البناء والتطور الاخرى .

قطعا الانسان المتعلم يختلف في تعامله مع الاحداث وأمور الحياة عن الشخص غير المتعلم خصوصا مع تطور العالم الذي اخذ يقفز في هذا المجال بشكل رهيب لذلك من الصعب على الانسان ان يبقى متخلف عن المواكبة .

ولكن السؤال هل مجرد التعلم ومعرفة القراءة والكتابة والحصول على الشهادة هو الاساس في عملية التعليم ومجرد الحصول على الشهادة يمكن ان يعد الانسان  انسان واعي؟ وحقق هدفه وهل كل من حمل الشهادة اصبح قادرا على تحمل المسؤولية التي تفرضها  علية  الشهادة ؟ ام اننا انتقلنا من الامية التعليمية الى الامية السلوكية؟ وأصبح خريج الجامعة اقل تعلما من خريج المتوسطة في السبعيانات .

ذلك ما يجيب علية اقتران التسمية بين التعلم والتربية فالتعليم يعني تطوير قابليات الفرد وتمكينه من ادوات  مواكبة التطور وتعليمة فنون هذه الادوات في مختلف المجالات ولكن هل هذا يكفي ام ان التربية وتقويم السلوك وضبط حركة الحياة الشخصية نحو الاهداف هو الشق الثاني من ركيزة تطوير الانسان وبنائه الذاتي  ليكون هو محور البناء في المجالات الاخرى بالضبط مثل الاسلام فالاسلام نطق الشهادتين والإيمان  (اعتقاد وتصديق وعمل) .

التعليم هو تعلم ادوات المعرفة والاختصاص وفنون التطرو واما الرقي فهو تعليم  وتربية ينعكسان على مجريات حياة المتعلم ويؤطران سلوكه  لذلك قيل عن المثقف هو (من تمكن من ادوات المعرفة وقرنها بالسلوك القويم)  .

لذلك هناك خطوط حمراء في هذه العملية وهذه الخطوط هي اولا يجب على كل  فرد بالمجتمع ان يكون متعلم بالحد الادنى على الاقل القراءة والكتابة بشكل جيد  والخط الاخر هو يجب على المتعلم ان لا يتجاوز ضوابط السلوك العام ويجعل من علمه ضررا يصيب المجتمع.

وهناك حقيقة اخرى يجب ان لا نهملها وهي ان المجتمع حتى يتطور  يحتاج كل جهود ا بناءة من اقلهم تعليم الى اعلى درجات التعليم  فليس من المنطق ان نكون جميعنا اطباء او مهندسين او شرطة او فلاحين فذلك محال بل محتاجين الفلاح والشرطي والجندي والطبيب والقاضي والمهندس والعامل والحلاق والقصاب ولكل واحد من هولاء دور لا يقل اهمية عن الاخر في عملية البناء لذلك استوجب على الدول المتطورة ضبط عملية التعليم وتوزيعها بما يخدم جميع مناحي الحياة بدءا من اقل المستويات الى اعلى اختصاص.

 المجتمع محتاج الفلاح  لتوفير الغذاء ومحتاج الطبيب ليبقى الفلاح سليم ومحتاج المهندس  لبناء البيت والشارع والمصنع وهكذا .

فليس من مصلحة البلد  اغراق البلد اما في الامية وإما بتعليم غير منضبط  المخرجات وبدون تحديد ولو بشكل تقريبي  لمجالات  الحاجة للاختصاص فالدول المتقدمة تحدد لكل الف مواطن طبيب وهكذا، وتحافظ دائما على المهن والحرف وتطورها من خلال معاهد ومراكز خاصة بذلك وتسعى لفتح مجالات الاستيعاب  المتنوع لكل الطاقات…

الدولة تواجه مهمة صعبة جدا وأكثر صعوبة من تعين الخريجين فهي امام مسارين الاول ضبط وتنظيم عملية التعليم والثاني فتح فرص استيعاب تناسب مع المخرجات  بدون ذلك سوف ياتي اليوم الذي يتظاهر فيه الاطباء مطالبين بالتعين في اي وظيفة وربما تنتظرهم سيارات مكافحة الشغب وهذا ليس دليل تطور بل دليل عشوائية  في التخطيط  في وجهه الاخر .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك