المقالات

بحضرة…“علي” و”علي”

973 2019-08-20

جواد ابو رغيف

 

المسافة بين جدار علي بن أبي طالب وجدار “براني” السيستاني عشرات الأمتار لا غير.

عندما نتشرف بحضرة علي أمير المؤمنين ونقف على بابه لشحن انسانيتنا التي تستهلكها آدميتنا التي جبلت على العجلة والأنانية،تستوقفنا ونحن نجتر الزمن مسيرة ذلك العملاق الإنساني صاحب النفس الكبيرة.

إذ كيف لرجل يطعم قاتله!و كيف لأمير يرتدي مدرعة استحيا من راقعها!وكيف لحكيم يزاح عن مقامه لما يزيد عن عقدين ويصمت!وكيف لشجاع كمثل علي لا يرد على هتك حرمة داره والاعتداء على زوجته وإسقاط جنينها!!!. يزداد علواً دون دنو!.

حينها يخسأ النظر فيرتد حسير بلا تفسير ويساورك الشك أن ذلك الشخص ليس واقعياً بل من نسيج الخيال!تستعيذ….وتودعه وداع المضطر،كيف لا وشعوراً يخالجك وأنت بحضرته يمنحك أمانا غريب تفتقده بجميع ما يحيطك.

على بعد عشرات الأمتار عن ذلك الحصن المهيب،”براني” لرجل جاوز عقده الثامن يسكن بيت بسيط تتدلى أسلاك الكهرباء من جدرانه بأحد أزقة النجف القديمة.

تقف في طابور لرجال كبار وشباب أعيان وبسطاء حملة شهادات عليا ودون ذلك.

الجميع يقف بصمت وهدوء،ألا من سؤال لحجاب ذلك الرجل.الذين لا يسمحون للسياسيين فقط بلقائه،بحسب توجيهاته احتجاجاً على فسادهم ولسوء أدارتهم للبلاد وظلم العباد.

بعد لحظات من الإجراءات ،ندخل على شكل مجموعات،ولكثرة الزائرين نتنقل بعدة غرف،كنت أطيل النظر في تلك الجدران القديمة والفرش البسيطة،وسؤال يساور ذهني لماذا لا يسكن “السيستاني” قصراً ويتمتع بوفرة الأموال؟ (وأنا اعرف بحجم المبالغ التي يوزعها مكتبه على المؤسسات الخيرية،وعلى الأيتام شهرياً،سيما وأنني عملت مع مؤسسة “عين” للأيتام عام “2007 ” التي يديرها مكتبه)، ولماذا لا يتلذذ بأشهى المأكولات؟ ويكتفي بلقمات (كعكعتين مع قدح شاي صباحاً وبعض الرز واللبن بالعشاء)!،ولماذا يكتفي بعباءة يرتديها منذ أربعة عقود؟!.

يقطع فكري السارح وتساؤلاته صوت احدهم: “تفضل مولاي ـ تفضلوا اغاتي”.

خطوات ونقف بطابور يسبق لقاءه.

عادة ما يستغرق اللقاء بضع ثواني بقدر التحية لكثرة الزائرين ومراعاة لصحته،لكنني كنت محتاج دعائه،فوقفت قبل تحيته وقلت لحاجبه : قل له أني ممن لبى فتواه وقدم دماً.

تحدث الحاجب لشيخ كبير بجانبه فهمس بأذنه،فوجه نظره لي وبدأ مخاطباً لي بعزيمة وصلابة بصوت اسمع الحاضرين، فأسدل دموعهم وعلا نشيجهم.

أيقنت أن بكاء الحاضرين،لسوء الطالع،وعدم الالتحاق بركب الحسين وصحبه،كما وصف “الآية العظمى” حال الشهداء بحرب “داعش “،ثم استغرق يشرح حجم التهديد والخطر الذي يعقب تمكين داعش في العراق،فخطرهم، كان يستهدف “الشيعة” أينما وجدوا وليس في العراق فحسب.

عندها أدركت أن علياً القديس الزاهد الشجاع الناطق الحكيم ليس وهماً،وهاهو مصداق أمامي أراه واسمعه بشحمه ولحمه.

ودعته مشحوناً بارتفاع مناسيب إنسانيتي،وقوة أيمان بعمل الخير ومحبة الآخر الإنسان بصرف النظر عن عقيدته فجميعنا متجهين إلى الله، موقناً أن المسافة بين قبر علي وبراني علي متلاشية!،فهي “مسافة قيم”،لا تخضع للغة الرقم بل تصفره!

ــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
بغداد
2019-08-21
مقال رصين يستنهض الهمم فعلي عليه السلام ليس ورقة من اوراق التاريخ نقلبها ونتحسر او نفخر وانتها الامر انها مسيرة لابد ان تتبع وان يكون لنا دور في حركة التاريخ احسنتم
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك