المقالات

بحضرة…“علي” و”علي”

847 2019-08-20

جواد ابو رغيف

 

المسافة بين جدار علي بن أبي طالب وجدار “براني” السيستاني عشرات الأمتار لا غير.

عندما نتشرف بحضرة علي أمير المؤمنين ونقف على بابه لشحن انسانيتنا التي تستهلكها آدميتنا التي جبلت على العجلة والأنانية،تستوقفنا ونحن نجتر الزمن مسيرة ذلك العملاق الإنساني صاحب النفس الكبيرة.

إذ كيف لرجل يطعم قاتله!و كيف لأمير يرتدي مدرعة استحيا من راقعها!وكيف لحكيم يزاح عن مقامه لما يزيد عن عقدين ويصمت!وكيف لشجاع كمثل علي لا يرد على هتك حرمة داره والاعتداء على زوجته وإسقاط جنينها!!!. يزداد علواً دون دنو!.

حينها يخسأ النظر فيرتد حسير بلا تفسير ويساورك الشك أن ذلك الشخص ليس واقعياً بل من نسيج الخيال!تستعيذ….وتودعه وداع المضطر،كيف لا وشعوراً يخالجك وأنت بحضرته يمنحك أمانا غريب تفتقده بجميع ما يحيطك.

على بعد عشرات الأمتار عن ذلك الحصن المهيب،”براني” لرجل جاوز عقده الثامن يسكن بيت بسيط تتدلى أسلاك الكهرباء من جدرانه بأحد أزقة النجف القديمة.

تقف في طابور لرجال كبار وشباب أعيان وبسطاء حملة شهادات عليا ودون ذلك.

الجميع يقف بصمت وهدوء،ألا من سؤال لحجاب ذلك الرجل.الذين لا يسمحون للسياسيين فقط بلقائه،بحسب توجيهاته احتجاجاً على فسادهم ولسوء أدارتهم للبلاد وظلم العباد.

بعد لحظات من الإجراءات ،ندخل على شكل مجموعات،ولكثرة الزائرين نتنقل بعدة غرف،كنت أطيل النظر في تلك الجدران القديمة والفرش البسيطة،وسؤال يساور ذهني لماذا لا يسكن “السيستاني” قصراً ويتمتع بوفرة الأموال؟ (وأنا اعرف بحجم المبالغ التي يوزعها مكتبه على المؤسسات الخيرية،وعلى الأيتام شهرياً،سيما وأنني عملت مع مؤسسة “عين” للأيتام عام “2007 ” التي يديرها مكتبه)، ولماذا لا يتلذذ بأشهى المأكولات؟ ويكتفي بلقمات (كعكعتين مع قدح شاي صباحاً وبعض الرز واللبن بالعشاء)!،ولماذا يكتفي بعباءة يرتديها منذ أربعة عقود؟!.

يقطع فكري السارح وتساؤلاته صوت احدهم: “تفضل مولاي ـ تفضلوا اغاتي”.

خطوات ونقف بطابور يسبق لقاءه.

عادة ما يستغرق اللقاء بضع ثواني بقدر التحية لكثرة الزائرين ومراعاة لصحته،لكنني كنت محتاج دعائه،فوقفت قبل تحيته وقلت لحاجبه : قل له أني ممن لبى فتواه وقدم دماً.

تحدث الحاجب لشيخ كبير بجانبه فهمس بأذنه،فوجه نظره لي وبدأ مخاطباً لي بعزيمة وصلابة بصوت اسمع الحاضرين، فأسدل دموعهم وعلا نشيجهم.

أيقنت أن بكاء الحاضرين،لسوء الطالع،وعدم الالتحاق بركب الحسين وصحبه،كما وصف “الآية العظمى” حال الشهداء بحرب “داعش “،ثم استغرق يشرح حجم التهديد والخطر الذي يعقب تمكين داعش في العراق،فخطرهم، كان يستهدف “الشيعة” أينما وجدوا وليس في العراق فحسب.

عندها أدركت أن علياً القديس الزاهد الشجاع الناطق الحكيم ليس وهماً،وهاهو مصداق أمامي أراه واسمعه بشحمه ولحمه.

ودعته مشحوناً بارتفاع مناسيب إنسانيتي،وقوة أيمان بعمل الخير ومحبة الآخر الإنسان بصرف النظر عن عقيدته فجميعنا متجهين إلى الله، موقناً أن المسافة بين قبر علي وبراني علي متلاشية!،فهي “مسافة قيم”،لا تخضع للغة الرقم بل تصفره!

ــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
بغداد
2019-08-21
مقال رصين يستنهض الهمم فعلي عليه السلام ليس ورقة من اوراق التاريخ نقلبها ونتحسر او نفخر وانتها الامر انها مسيرة لابد ان تتبع وان يكون لنا دور في حركة التاريخ احسنتم
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك