أحمد كامل عودة
يتمنى كل شخص منا ان يظهر اسمه في قوائم حجاج بيت الله الحرام ، ليكسب شرف اداء احد الاركان التي فرضت على المسلم ، على الرغم من التكاليف الباهضة مقابل اداء تلك الفريضة ، والتي تحتاج الى بذل المزيد من الاموال ، ويكون ميسوري الحال هم الاقرب لأداء فريضة الحج .
وما ان تظهر الاسماء حتى يبتدأ الشخص الذي ظهر اسمه في القوائم بتهيئة كافة الامور لإداء تلك الشعيرة الروحانية ، فيذهب بعضهم لإبراء ذمته من الاخرين في الامور المادية وحتى النفسية ، ويطلب براءة الذمة والتسامح مع الناس لتهيئة نفسيته بشكل كامل ، عسى وان الله سبحانه وتعالى ان يتقبل عمله بأحسن قبول.
ويذهب آخرون للتباهي بين الناس والتشهير بنفسه على انه سيذهب لأداء مناسك حج بيت الله الحرام ، والحصول على لقب كلمة الحجي والتي اصبحت صفة تطلق على الكثير من الرؤوس التي تتحكم بحياة الناس .
وما ان يصل الحاج الى مكة والبدء بتأدية شعائر الحج ولبس الاحرام ، حتى يبتدء بالالتزام التام ، فمنهم من يريد ان يبتدء بصفحة جديدة لحياته المتبقية ، ومنهم من يلتزم خوفاً من دفع الدية ازاء كل اشكال يحدث خلال مناسك الحج !
وبعد انتهاء مراسيم الحج تبدء الحجاج بالعودة الى ديارهم ، وهم في شوق بلقاء اهاليهم ومحبيهم ، لكن مايؤسف حقاً هو عند عودة الحجاج الى مدنهم وما تحدث من تقاليد الافراح التي يطلقها الناس دون سابق معرفة وبجهل عما يفعلون ، مثل اطلاق الاهازيج من النساء المتبرجات في الشوارع اضافة الى ارتال السيارات التي تطلق المنبهات بشكل عشوائي ، مقابل سد الشوارع.
والاكثر من ذلك هو اطلاق العيارات النارية بكثافة مسببة فوضى عارمة متجاهلين انهم يحتفلون بشخص ادى فريضة واجبة على المسلمين ، كالصلاة والصيام ، وهذا الحاج المسكين تحمل عناء السفر والحنين وبذل الاموال من اجل بدء صفحة جديدة ، يقابلها اهله بتسببهم الاذى للاخرين عند عودة الحاج اليهم.
والملفت كذلك ان الحاج في الديار المقدسة يكون التزامه شديداً لكي لا يدفع دية او صيام ثلاثة ايام متتاليات في حال حدث اشكال معين خلال اداء مناسك الحج بقصد او بدون قصد ، لكن فور عودته لبلاده تحدث عشرات الاشكالات دون الاكتراث لها ، وهناك امر اشارت اليه مرجعية السيد علي السيستاني ادام الله ظله ان الرمي العشوائي محرم ويوجب على المتسبب دفع الدية ازاء كل رصاصة اطلقت بشكل عشوائي ، والتي قد تؤذي نفساً او ادخلت الرعب في قلوب العوائل .
يضاف الى ذلك فأن الرمي العشوائي والاحتفالات الفوضوية تعكس مدى جهل المجتمع ورفضه التخلي عن التقاليد السلبية ، فيقول البعض ان الحاج لاذنب له مما يحصل خلال عودته ، وهذا يبدو جواباً غير مقنع تماماً لان الحاج هو من يبلغ اهله عن موعد عودته وفي الوقت المعلوم .
بالاضافة الى ذلك اهماله وصية اهله بأمور في غاية الاهمية مثل عدم التسبب بأيذاء الاخرين خلال مناسبات الافراح والاحزان ، وان اداء فريضة الحج هي عبادة خالصة لله ، ويطلب فيها الحاج التماس العفو والمغفرة من ربه والابتعاد عن كل الذنوب الصغيرة منها والكبيرة ، وان لا يكون سبباً في ازهاق نفس بريئة.
وليعلم الحاج ان الله سبحانه وتعالى ليس موجوداً في مكة او المدينة فقط ، بل هو في كل مكان ، وما اوجبته وحرمته على نفسك في الحج هو كذلك محرم عند عودتك ، ولتكن نفسك مروضة لاداء شعائر الله في كل وقت ، اما اهل الحاج فلا تعكسوا فرحكم على حساب ازعاج وتعاسة الاخرين لان ما تفعلون في مراسيم وفعاليات فرحكم بالحاج قد تمحي عمله ولا تقبل حجته بسبب تصرفاتكم الطائشة .
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
