ضياء المحسن
بموجب الدستور فإن الإقتصاد العراقي تحول من الإقتصاد الموجه (المركزي) الى إقتصاد السوق، وهو الأمر الذي يتطلب الإنضمام الى منظمة التجارة العالمية وفق مراحل، تبدأ بتقديم العراق طلب الإنضمام الى المنظمة بصفة مراقب (تم قبوله في شباط 2014)، لكن السؤال الأهم هو: هل أن العراق مؤهل فعلا للإنضمام الى هذه المنظمة (wto)؟
سؤال بسيط لكن الإجابة عنه صعبة، بسبب كثرة العراقيل التي تواجه هذا الموضوع، من حيث تشابك القوانين التشريعية وكثرتها، والآليات التي يعمل بها نظام السوق بعد حصار دام سنوات عديدة.
عمل العراق لتحقيق متطلبات منظمات التجارة العالمية، على تعديل تشريعات كثيرة تعيق عمل المستثمرين والشركات الأجنبية، وما التقدم الحاصل في الخدمات المالية وتحسين بيئة الإستثمار الأجنبي إلا خطوة في هذا الإتجاه، لكن المشكلة التي لا يزال يعاني منها الإقتصاد العراقي هي الريعية، أزاء ليبرالية السوق والتي مع كل التعقيدات ساهمت في توفير فرص إيجابية؛ ووضع الأسس القانونية والتنظيمية التي من شأنها ان ترتقي ببيئة الأعمال العراقية.
كثيرة هي المشاكل والعوائق التي تقف في طريق إنضمام العراق الى منظمة التجارة العالمية، منها أن أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي يأتي من تصدير النفط، في وقت نرى انه من إجمالي قوة العمل العراقية لا يقوم بتشغيل إلا 2%، بما يؤشر وجود خلل في تركيبة الثروة البشرية المنتجة والقدرة على إستثمارها؛ خاصة العنصر النسوي التي تعاني من التهميش.
بالإضافة الى ما تقدم فإن هناك ما يزيد على خمسة الآف نص يعيق تقدم الإقتصاد العراقي، بما يجعله بيئة طاردة للإستثمار، وهو الأمر الذي يساهم ايضا في غعاقة إنضمام العراق لمنظمة التجارة العالمية، لغرض حصول العراق على سرط الدولة الأكثر رعايةح ومبدأ المعاملة الوطنية.
تقوم منظمة التجارة العالمية بإستبعاد النفط من الموازنة العامة والمتحصلات من العملات الأجنبية، وبما أن الإيرادات النفطية تشكل النسبة الأكبر في الموازنة العراقية؛ يتحتم على العراق تنويع مصادر دخله بعيدا عن النفط ليكون عضوا اصيلا في المنظمة، في وقت نجد ان القطاع الزراعي الذي يعمل فيه ما يقرب من 23% من قوة العمل الفعلية؛ لكنه مع لك لا يساهم باكثر من 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأمر الذي يؤثر على الأمن الغذائي لهذا البلد من الحبوب ومستلزمات الإنتاج الزراعية، الأمر الذي أصبح فيه يستورد أغلب ما يحتاجه، بسبب تقلص المساحات المزروعة بفعل البنية التحتية الضعيفة والتصحر.
في ضوء تدهور القطاع الزراعي وإنخفاض غلة الدونم لجميع المحاصيل الزراعية، فإننا من الممكن أن نشهد في سنوات قادمة تهديدا حقيقيا للأمن الغذائي، مع توجه العالم الى ما يمكن أن نسميه (إحتكارات زراعية)، وبالتالي فإن على العراق القيام بثورة تشبه ما قامت به المكسيك وأغلب دول أمريكا اللاتينية (ثورة خضراء)، عندما أدت الى زيادة غلة الدونم الواحد بإستخدام تقنات حديثة (إدخال أصناف جديدة والأسمدة، بالإضافة الى استخدام مبيدات الحشرات).
إن القطاع الزراعي رافد مهم فيما انتبهت الحكومة الى المعوقات التي تواجهه وساهمت في تذليلها، سيكون له دور فاعل في تأمين الأمن الغذائي للبلد، بالإضافة الى ممساهمته الفاعة في رفد الموازنة باموال طائلة تضاف إليها؛ هذا عدا عن مساهمته في التقليل من تهريب العملة، التي تذهب الى خزائن دول أخرى بحجة إستيراد المواد الزراعية من هذه البلدان.
https://telegram.me/buratha