قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
استثنت الأدارة الأمريكية ثماني دول أول أمس؛ من حظر شراء النفط الإيراني، ما يشير إلى عجز ترامب عن خنق صادرات النفط الإيرانية، وبالنظر الى أن قرار الحظر؛ المتخذ أحاديا من قبل واشنطن، وجد معارضة عالمية قوية، فضلا عن رفض دول الأتحاد الأوربي والهند واليابان والصين، ومعظم الدول الكبرى المستهلكة للنفط الأيراني، فإن القرار الأمريكي بحظر شراء النفط الأيراني؛ الذي تم أتخاذه بدفع إسرائيلي خليجي سعودي، سيبقى حبرا على ورق، ولن يجد من ينفذه على أرض الواقع، مهما أتخذت واشنطن من إجراءات عمليا..
الواقع أن الأجراء الأمريكي بإستثناء ثماني دول، منها الهند واليابان، وكوريا الجنوبية الحليف القوي لواشنطن في جنوب شرق آسيا، يكشف إنهيار الحظر منذ يومه الأول، وأن لا سبيل الى تطبيقه، بعدما وجدت واشنطن نفسها منعزلة في مجلس الأمن الدولي، الذي أصدر بيانا واضحا؛ برفض العقوبات الأمريكية على الجمهورية الأسلامية.
الذين ينظرون الى قصة الحظر الأمريكي، بنظرة حسابات السوق فقط يقعون في وهم كبير، وستبقى نظرتهم قاصرة؛ عن فهم أساسيات العلاقات الأقتصادية بين الدول، إذ أن تلك العلاقات لا تشير الى حب من طرف واحد، بل هي قائمة على علاقات منفعة تبادلية، تترسخ وتقوى عاما بعد عام وجيلا بعد جيل، وبالتالي تنشأ منظومة "قيم تعاملية" بين الدول، تمثل بالحقيقة محور العلاقات الدزلية البينية ووجهها الحقيقي.
الدول المشترية للنفط الأيراني، أو أي دول أخرى منتجة للنفط، تربطها أواصر قوية، بأسواق الدول المنتجة، وهي تسعى لتغطية أثمان النفوط بسلهع تنتجها وتصدرها لتلك الأسواق، وفي حالة عزوفها عن شراء النفط الأيراني، فإنها لن تخسر السوق الأيرانية لسلعها فقط، بل ستخسر أسواق إعادة التصدير من السوق ألأيراني.
لذلك سعت دول عديدة للحصول على إستثناءات من قرار الحظر المريكين وأول الغيث كان هذه الدول الثمان، أضافة لدول الأتحاد الأوربي، وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وهي دول ذات وزن ثقيل في القرار السياسي العالمي.
نأخذ أيضا بالحسبان؛ أن روسيا والصين بإقتصاديهما العظيمين؛ يقفان لأسباب أقتصادية وسياسية وجيوبوليتيكية، موقفا صلبا من أمريكا في كثير من القضايا، ومنها قرار حظر شراء النفط، وأنهما طرفان في الأتفاق النووي الذي أنسحبت منه واشنطن ترامب أحاديا، وأن هناك حربا أقتصادية أمريكية صينية، تبدو طلائع إنتصار الصين فيها واضحة، وأن هناك تلويحات أمريكية لأنسحاب وشيك من أتفاقية الصواريخ النووية مع موسكو، سندرك أن ترامب وضه نفسه في مازق كبير.
فضلا عن ما تقدم، فإن جمهورية إيران الأسلامية بلد واسع وكبير، وأقتصاده ليس أقتصادا ريعيا، كاقتصاد الدول العربية المنتجة للنفط، بل هو أقتصاد متنوع، والنفط لا يشكل أكثر من 20%؛ من الدورة الأقتصادية الأيراني.
كلام قبل السلام: يغلف كل ما تقدم، أن القيادة الأيرانية حسبت حسابها للموقف الأمريكي منذ 40 عاما كما قال السيد الخامنائي قبل يومين، ومن يحسب حسابات لأربعين عاما، سينتصر حتما..!
سلام..
https://telegram.me/buratha
