عمار الجادر
على طريق المستقبل، صباح جديد يشرق معلنا رحلة مجد جديدة، ونوارس بيضاء تحلق على الطرق العكرة، لتبارك خشبات مسفطة على شكل كرسي، معلنة بداية العام الدراسي الجديد في العراق.
لقد هممت بالذهاب مع ابنائي، بسيارة بيضاء مغسولة، لاني اشهد عهد جديد لولدي في الصف الاول الابتدائي، متشوقا لرؤية ولدي وعيناه تتلألأ نحو السبورة، لكني تأخرت قليلا، عندما رأيت ثلاث نوارس، بان التعب والانكسار على محياها، فادركني الفضول متسائلا:
شكو شبيهة النوارس خافات جناح
همتهة قليلة وعينهة تدمع
اوصلكم تعالو يلة يا حلوين
الشمس عالي قرصهة وبالوجه تصكع
فتفاجئت برد كبيرهم:
اتركنة يعمي ويا نوارس هاي؟!
هدومي مشككة والحذة مكطع
اخاف علة ولدك خاف يتلفون
والسيارة نظيفة وحالنة مضعضع
فأبتسمت له وقلت له : لا يا ولدي ان ما بنا من نعمة فهو بدماء الشهداء، والشهداء لنا جميعا، فسيارتي بخدمة الجميع، ولعلك افضل من ولدي في العلم والمعرفة، فلا تقاس الامور بالملبس ولعل من هو افضل منا جميعا، امامنا الغائب لا يرتدي ما نرتديه، وهذا مرجعنا وهو القائد يرتدي من الثياب قليلها ويسكن في بحبوحة، اما اذا انزعجت من لبس اطفالي فأعتذر لك لكن ثق اني لم اشتري لهم الا هذه الملابس.
بعد الاقناع والالحاح تشرفت بوجودهم معي، فبادرني قائلا: (( عمو يعني هسة هاي سيارتك بفضل دماء الشهدا؟!))، فاجبته: نعم يا بني، فقال : (( يعني هاي السيارة مالتنة!))، فقلت له: كيف؟! قال: لان والدي شهيد! هنا سكن في صدري الكلام، وحارت الدموع بين محاجر العيون، فتمالكت نفسي بابتسامة مصطنعة، وقلت له: انت لك الوطن باسره، لولا اباك لما درسنا، ولما عملنا، فقال لي: هذا غير صحيح، ولو كان كذلك لما اعطوني انا واخوتي كتب قديمة؟!
الوطن كلة الة بس ما الة طلاب
غدة جرحي نزف يوم الشفت طلاب
مستشهد ابوهم والدرس طل اب
كتب مزكة وعيونهم تربي
للشهداء وابنائهم الفضل في كل شيء، ولعل ما اورته بين ايديكم قليل من كثير، هم الاكرمون والاعلون شئنا، فلا تجعلوهم الا بمصاف المتميزين، وقد افلحت امة تكرم شهدائها.
https://telegram.me/buratha