قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ما تدور رحاه اليوم في بلدنا؛ لا يمكن أدراجه في ضمن توصيفات الديمقراطية، التي دخلنا قفصها الذهبي منذ 2003 ، فبإسقاطه على تجارب أمم أخرى، سبقتنا بالعمل الديمقراطي، نجد أننا قد سلكنا مذهبا في العمل السياسي، يمكن تسميته بأستبداد الأقليات الديمقراطي.
هذا الإستبداد يتمثل بإحتكام من لم تعجبه نتائج الديمقراطية الى الشارع، لحل المشكلات ونيل المطالب، وبآليات وأدوات الديمقراطية، بمعنى ا،ه مع الديمقراطية كممارسة، ولكنه ليس معها كنتائج!
الأقليات لدينا بكل تنوعاتها، المكوناتية والدينية والمذهبية والطائفية والسياسية، نالت حظوظا من التمثيل، في مؤسسات الدولة وتشعباتها؛ أكثر من إستحقاقاتها، ما مكنها من أن تهيمن على الفعل السياسي، وبل وتصادر قرار الأغلبية..!
كانت "الكوتا" النسائية؛ سبيلا لتسيد الرداحات من النسوة؛ على مساحة المشهد، وكانت أيضا وسيلة لأن تدخل في معترك السياسية الحامي، من لا يعرفن ألأف باء السياسة، إذ حظين بمقاعد نيابية، فقط لأنهن نسوة!
كانت "كوتا" الأقليات الدينية والعرقية، وسيلة لأن تتمثل جماعة، لا يزيد عديدها عن بضعة آلاف، بأكثر من عضو في البرمان، وأحتلوا هذه المقاعد بحيلة سياسية، مرة باـ"كوتا"، ومرة مع باقي الكتل السياسية، التي خطبت ودهم، حتى يقال عنها أنها تمثل الطيف العراقي كله!
الأقليات عندنا؛ وبفضل الكوتا(نظام الحصة)، لم تقبل بتوصيفها على أسس عددية، أو وفقا لكمها الجمعي، بل هي لا تقبل إلا بالتوصيف المكوناتي، وترفض أسم الأقلية؛ وتتمسك بتسمية المكون، كي تقف على قدم وساق، وعلى مساحة مساوية بالضبط، لما تقف عليه الأكثرية.
الحال إننا في وضع غريب، تقف فيه الأقليات؛ ليس على الحجر الذي تحت أقدامها، بل هي فعلا؛ تقف على أحجار لا تمتلكها أصلا، وهي أما أحجار الأغلبية، وهذا على الأعم الأغلب، أو أحجار بعضها بعض!
هذا الوضع أنتج نوعا من الساسة، لا يكتفون بالزاد الذي ماعونهم، بل هم يتطلعون دوما، الى أناء الأغلبية السياسي، وبالضرورة سيكون ثمة تزاحم سياسي، تتسلسل عنه صراعات مضافة الى صراعاتنا الكثيرة.
كلام ليس ديمقراطي، ولا يعجب مفوضية الأنتخابات، أو ممثلية الأمم المتحدة، لأن لهؤلاء الظاهر.
"الكوتا" أنسحبت الى المناصب التنفيذية، وبات المكون الصغير يطالب مصرا، بحصة من المناصب الوزارية، بل ومد بصره الى المناصب السيادية، ليس على أساس الكفاءة والمقدرة، بل أساس "الحصة"!
رويدا رويدا أنسحبت المطالب؛ الى المفاصل والدرجات الأدنى، وصولا الى اقل درجات السلم الوظيفي، وزحفت أيضا نحو القضاء، وقيادات الجيش والشرطة، والأمن والمخابرات، وكل كرسي بالدولة العراقية!
تصاحب هذا المشهد الصاخب ظاهرة تفردنا بها عن غيرنا، إلا وهي ظاهرة كثرة القادة والرموز..!..وأذا كانت الأغلبية تشهد تخمة في السياسيين ،وأزدحاما على طريق تبوء المواقع المتقدمة، لأنها مواقع يسيل لها اللعاب، فإن ساحات الأقليات السياسية، تشهد شيئا متفردا ليس كمثله شيء، إذ أن معظم العاملين في الحقل السياسي، يرون في أنفسهم قادة بل ورموز وطنية..!
كلام قبل السلام: "الكوتا" سادتي أمر لا بد منه في بدايات أي تجربة ديمقراطية، لكن عندما يشتد عود هذه التجربة، وتتحول الى ممارسة معاشة، يتعين أن يعاد النظر بها، لأنها تحولت الى ضرر معرقل لمسيرة الديمقراطية!
سلام...
https://telegram.me/buratha