المقالات

وزارة الحج السعودية .. تعلّموا من خَدَمَة الحسين!

1928 16:26:31 2015-09-27

لقد آن الأوان أن يسحب خَدَمَة زوار الإمام الحسين في كربلاء البساط من تحت أقدام حاتم الطائي وغيره ممن اشتهروا بالكرم عبر التاريخ. فلطالما كان أسم حاتم الطائي مقرونا بالكرم والجود والعطاء بلا حدود. بيد أن بوصلة التاريخ لابد أن تتغير اليوم والأمثال لابد لها أن تتحول. فعطاء حاتم يتوارى أمام عطاء أهالي العراق لزوار الأربعين.

لقد شاهد العالم بأسره قبل أيام، شلالا بشريا جاء من مختلف البقاع والمدن ومن جميع المذاهب والانتماءات والتوجهات، في زحف مليوني قل نظيره على طريق ”المشاية“ كما يطلق عليه، بين مدينة النجف الأشرف إلى مدينة كربلاء المقدسة بالعراق، إيمانا منهم بأن الحسين للإنسانية كافة، لا للمسلمين الشيعة فقط.

وخلال هذه المسيرة المليونية التي تستغرق العشرة أيام التي تسبق مناسبة أربعين الإمام الحسين، يصاب المرء خلالها بالعجب والذهول فعلا، من عمق العطاء والكرم، الذي هو أشبه ب «ما لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على قلب بشر»، والذي لا يمكن وصفه ولا الحديث عنه إلا أن تكون ممن نال شرف المشي للحسين على الأقدام. عندها حقا ستدرك مكانة وعظمة الحسين في قلوب هؤلاء الناس، وستعرف تفسير الزوار في نعتهم لكربلاء ب «الجنة».

ما دفعني لكتابة هذه المقالة في الحقيقة، هي صدمة المقارنة، بين الكرم والسخاء اللامتناهي الذي يلقاه زائرو كربلاء ماديا ونفسيا، وبين ما يجري في بلادنا من جفاء لحجاج بيت الله الحرام. فقد حظيت خلال العشر سنوات الماضية بخدمة الحجاج في أكثر من حملة للحجيج، إلا أنه وعلى النقيض من كل الخدمات المجانية التي يلقاها الزائر الماشي على قدميه بين النجف وكربلاء على مدى ثلاثة أيام أو أكثر والتي تبدأ من الغذاء والسكن والخدمات الصحية، ولا تنتهي بخدمة تدليك الأقدام وتلميع الأحذية، لم أجد في مكة المكرمة أكثر من علبة ماء تلقيتها ذات مرة على طريق منى!. الفرق شاسع ولا مجال أصلا للمقارنة، بين ما يلقاه زائرو كربلاء وزائرو مكة، في الأولى يستجديك الناس طمعا بالتشرف في خدمتك مجانا، أما الثانية فما عليك إلا أن تحمد ربك كي لا تضطر للاستجداء نتيجة الأسعار المتصاعدة صاروخيا عاما بعد عام في السكن والغذاء والنقل.

على طريق ”المشاية“، ورغم أنك تسير في طرقات دولة تحولت إلى مصاف الدول الفقيرة نتيجة الحرب، إلا أن رأسك سيصاب بالدوار بمجرد التفكير في عقد مقارنة بينها وبين دولتي المتقدمة والغنية التي يفدها ملايين الحجاج.

ففي عرصات مكة المكرمة وحينما تتعب من السير وأنت متوجه إلى أرض منى مثلا، فلا بديل أمامك إلا أن تجبر نفسك جبرا على مواصلة المسير حتى لو هلكت، بينما - وكأبسط خدمة متوفرة على طريق المشاية - فالطريق يعج بمئات المخيمات المجانية والمواكب والتي تتسابق لاستقبال الزائر وتقدم له خدمات الراحة والنوم والغذاء وحتى خدمات التدليك والمساج الطبيعي لمن أعياهم المشي.

في طريق المشاية، لست بحاجة إلى التنقل بأمتعتك وحاجاتك الاساسية، فهناك تتوفر كل الخدمات، بل وتصل إلى الكماليات في أحيان كثيرة. فعلاوة على المضايف المختصة بتوزيع صنوف الأطعمة والمشروبات الساخنة والباردة طوال المسيرة التي قد تمتد لأكثر من ثلاثة أيام عند بعض كبار السن والمرضى.

وعلى مدار ال24 ساعة، هناك مواكب ومضايف تقدم لك خدمات الشحن للهواتف النقالة مجانا وتمنح الزائر خدمة الاتصال المجاني بعائلته في أي بقعة من العالم، وفي ذات الطريق فأن أبسط وأصعب الحاجات ستجد لها أهالي سخروا أنفسهم وأرواحهم وأموالهم وخبراتهم لهذه الخدمة ومن كل بقاع العراق، فهذا الطبيب والاستشاري يقف أمام المفرزة الطبية، التي تقدم خدمات العلاج وتوزيع الأدوية، وذاك الميكانيكي بسط أدواته لتصليح عجلات العربات التي يمتطيها الأطفال الصغار،

وعلى الوجهة الثانية ترى من جهز طاولته بمختلف أنواع الكتب والمطويات إيمانا بأن رسالة الحسين شاملة في كل جوانبها، وترى رجال الدين قد نصبوا خيامهم لتقديم الاستشارات والرد على الاستفتاءات الدينية لدى الزوار وتصحيح قراءة السور ولا تتوقف الخدمات على هذا الجانب، ففي طريق المشاية لا تشعر «بورطة» لو اتسخت ملابسك لأي سبب كان، فهناك من يقف مجهزا غسالات الملابس والكي وخياطتها منتظرا للزائر لخدمته!.

في الزحف المليوني نحو كربلاء رغم الصقيع والبرد القارص والأمطار لست بحاجة إلى عمال النظافة، ولا إلى البلديات، والسبب يعود أن جميع أهالي العراق، الغني منهم والفقير والمتعلم والأمي تراهم في طريق المشاية يحملون مكنستهم بكل تواضع خدمة للزوار وإيمانا برسالة الحسين.

في طريق المشاية، كنت أود لو أن أحدا من وزارة الحج في بلادنا، حضر هذه التظاهرة العالمية السلمية ضد التطرف وضد العنف، حتى يشاهد العطاء الخيالي ويستلهم دروسا في الضيافة والكرم من الأهالي البسطاء الذين لا يتوانون ولو للحظة في تقديم كل ما يمكنهم لأجل الزوار، دون النظر إلى قيمته وحجمه. ولك أن تتصور عزيزي القاري أن هناك من يقف في وسط الطريق فقط ليقدم لك المناديل أو يرش عليك الطيب والعطر بقوله «تعطر يا زائر أنت في الجنة»، إضافة إلى من يقف ويساعد بكلماته القريبة للقلب في التشجيع على المشي والتذكير بالثواب، والأمر ذاته حينما دخلت أحد المخيمات للاستراحة والتي تستقبلك بها السيدات والفتيات اللواتي وهبن أوقاتهن لخدمة الزائرات أسوة بالرجال، تساءلت لماذا في الحج شركات المخيمات تستغل الحاج وتطلب منه تلك الالاف لأجل مكوث في الخيمة محدود الساعات، بينما في حج الحسين فالخيام متاحة ومجانا بالوقت الذي يرغب به الزائر، فأي عطاء هذا وأي مفردات أصف بها هذا الحب؟.

أسئلة كثيرة دارت بداخلي وتمنيت لو يجيبني عليها أحدا، ألسنا أولى بهذا الخدمات ونحن أغنى من العراق بأضعاف مضاعفة؟ أليس الحج هو الفريضة التي أوجبها الله على المسلمين، فكان من الأجدى بنا أن نتفانى في خدمة الحجاج. وكمواطنة، أنتمى لبلاد الحرمين أتمنى فعلا أن يكون هناك مشاركة مجتمعية من الأهالي والحكومة في خدمة الحجاج وأن تتاح الفرصة لتقديم العطاء لهم، عساها تكون خير فرصة لتغير صورتنا التي بدأت تتلوث بسواد العنف والتعصب.

بعد رحلتي على طريق المشاية بين النجف وكربلاء، لا أتردد في القول مرة أخرى لحاتم الطائي، بأن لا مكان لك اليوم أمام ما رأيناه على طريق ”المشاية“، من عطاء وكرم وأخلاق العراقيين خَدَمَة زوار الإمام الحسين ، فقد فاقوا كرمك بما لا يحويه الوصف

اﻻيستحق منا ان نطلق على هذه اﻻيام (الصفريه)ايام للسلام العالمي وندعوا المنظمات الدوليه لحضور هذه التظاهره السلميه والخدميه والكتابه عنها ومشاهتها حضوريا
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك