نشرت على صفحتي نبذة بعنوان "إصلاحات فضائية" أشرت فيها الى أن "جمعة بعد جمعة، يقل عدد المتظاهرين في ساحة التحرير" معللاً بأن الناس بدأت تفقد ثقتها بالتظاهرات والاصلاحات التي يفترض أنها مترتبة عليها، وأن تنفيذها رهين بشخص رئيس الوزراء د. حيدر العبادي.. الذي وضعها، على أساس الفعل ورده؛ إذ أعلنها عقب يوم او يومين من أول تظاهرة خجول شهدتها الساحة.
وفي مثل تلك الحال، فإن آليات التنفيذ يجب ان تكون مفاتيحها بيد من وضعها وأعلن إحتواءه للأزمة من خلالها. إنها مجرد خدعة لتخدير الشعب، عن المطالبة بالخدمات الأساسية.. أساسية حد العظم.. خدمات الكفاف، من ماء وكهرباء وعلاج وتعليم؛ لأدامة العيش المتوزان، لا رفاه زائد عن الحاجة فيها.
الإصلاحات نشرت من غير توقيتات ولا تحديد ولا علامات على سطح الخريطة الصماء، وكان يمكن لرئيس الوزراء البدء بإعتماد الكفاءة، وإيقاف العمل بالمحاصصة؛ كي لا تتحول الوزارات الى وسائل تلوي ذراع المراجع البسيط والمستثمر الكبير.. تبتزهما لتمويل الحزب الذي قسمها الشيطان من حصته.
جمعة غدٍ.. ثاني أيام عيد الأضحى، أتمنى لها أن تجد أصداء عملية، وألا تلتف عليها الحكومة، بوجبة رابعة من إصلاحات كارتونية.. على الورق.. نظرية ليس لها تطبيق ميداني على أرض الواقع.
إدعاءات
صفات وظيفية مائة وثلاث وعشرين، تظاهر القرار الوزاري بإعفائها، ولم يحدد أسماءها، إنما هكذا عفو الخاطر، مثل وليمة العصفور لجيش سليمان.. بدل تلك الصفقة التي أخلت بمصداقية العبادي أمام شعبه، كان يمكن التعاقد مع شركة عالمية على إنشاء مفاعل نووي سلمي يخصص لتوفير الكهرباء، مشعرا العراقيين بجدية مشاركتهم المعاناة، بعد توقف الحياة في البلد.. لا معاملة تروج ولا طبيب يعالج مريضا ولا معلم يدرس تلاميذ، إلا بإهانة المواطن و(نشل) ما في جيبه والسطو على مدخراته للزمن؛ من أجل تمشية معاملة واحدة.. فكيف والعائلة متوسطة العدد.. من سبعة نفرات مثلا.. كل واحد منهم له متعلقات عدة مع دوائر الدولة، التي يتعمد مدراؤها العامون تعقيد الإجراءات وحشر المراجعين في ظروف صعبة، تستنزفكرامتهم وطاقتهم ومالهم؛ كي يوافقوا على دفع المبلغ الذي يعينه على تثبيت منصبه أمام الحزب الذي تولى الوزارة بموجب المحاصصة، على إعتبار الوزارات تجارة! لتمويل الأحزاب.
صدر قرار في البدء ببضعة أسماء لا ندري إن أعفيت فعلا ام لا، لكن قيل أنهم أقيلوا أو أحيلوا على التقاعد، او تبوأوا (مفاسد) أوطأ، بينما مئات المفسدين ما زالوا في مناصب أقوى من الدولة! وما الـ 123 الا رقم يتصاعد حسابيا، من الواحد الى الثلاثة، كما لو أنه لعبة أرقام للسخرية من معاناة الناس.
والإدعات الإصلاحية الأخرى، لم نلمس لها أثرا، حتى الآن، بينما الوقت يمر و... "كل الشغلات البقية اشياء فضائية مالها اسماء.. يعني شنو 123 وكيل وزارة ومدير عام راح يطلعون ومقسمين حسب الوزارات وما بيهم ولا اسم معلن.. أكو احتمالين مطروحين للعراقيين حاليا اما الموضوع ابرة تخدير منتهية صلاحيتها او ابو يسر هاي كل طاقتة وما بيه بعد اكثر من اللي صار.. وليس بالإمكان أكثر مما كان، وإن لم يكن شيئا قد كان، فلا جدوى، وبلغنا مفترق كلمات، تدور في متاهة اللغو المهذار الذي يثرثر من دون ان يؤدي إلا الى تضاؤل عدد المتظاهرين.. جمعة بعد جمعة، والهتافات تشح، وسط أهازيج فقدت قيمتها.. لم يعد لها شكل مؤثر ولا مضمون فاعل.. بضعة أفراد، لم يملأوا أمتارا من ساحة التحرير، الفاغرة فاها: "هل من مزيد؟".
إلتفافات
تناقص عدد المتظاهرين وفتور همتهم، من جمعة الى أخرى، يثبت ان الفساد أقوى من النزاهة، وأن المفسدين يتمترسون وراء قوى تحميهم بجنودها المنتشرين من ساحة الأندلس الى جسر السنك، تحت ذريعة حماية المتظاهرين، وتلك هي رصاصة الرحمة.. عندما يقع دعاة النزهة تحت رحمة المفسدين؛ فإن الأمر محبط ومفند من أصله.
يبدو منظر المتظاهرين، وقد تضاءل عددهم، كما لو جوق سفهاء خرجوا من حانة.. ثمالى.. يعربدون (حاشى لهم) لكن الحكومة لعبتها جيدا، والإصلاحات الجاهزة في الليلة التي أعقبت أول تظاهرة تدل على أن اللأحزاب المنتفعة من الفساد، هي التي وضعتها.
وهذا ليس غريبا على الدهاقنة، الذين يتناسلون "لكل زمان دولة ورجال" فسبق ان أمر صدام حسين بتشكيل لجنة من خمسة أفراد تنعش المسرح الجاد، بعد ان إستفحل المسرح التجاري؛ فإختارت وزارة الثقافة حينها أربعة من أصحاب المسارح التجارية وكحلتهم بناقد مسرحي معروف بطيبته المفرطة، برغم سعة ثقافته ومنهجية نقده! لعضوية تلك اللجنة.
الإلتفافات طبع عراقي معروف منذ بابل وسومر، نزولا في بحر الزمن، حتى قاعه الراهن، لكن أن يتآمر الرأس على الشعب المسكين فتلك قضية ليس فيها نظر!!! وأخشى أحد أمرين.. أما تتحول التظاهرات الى حرب أهلية، بين فئات الشعب من جهة
https://telegram.me/buratha