المقالات

سقوط حيتان الفساد السياسي أزمة أم علاج

1966 04:57:30 2015-08-14

يعتمد المختصين بتعريف مفهوم الأزمة والأزمات, على فكرة مفادها أن الأزمات السياسية تبدأ بالخلاف والتباين بين طرفين أو أكثر في الحالة العراقية : (بين الشعب والحكومة), ويذهب البعض منهم إلى أن هذا الخلاف قد يتطور إلى صراع إرادات, والصراع إلى مشكلة, وقد تتحول المشكلة بدورها إلى أزمة عاصفة, وفي حالة عجز الأطراف المعنية, من التوصل إلى حل أو قرار بشأنها, فإن الأزمة قد تتحول إلى مجابهة, تبدأ مدنية سلمية لتنتهي مسلحة عنفيه, وإذا دخلت أطراف خارجية , وأجندات مقصودة , قد تتحول المجابهة إلى قتال أو حرب لا تحمد عقباها.

يقاس نضج النظام السياسي ورجال الدولة الذين فيه, من خلال نجاحه في احتواء مثل هذه الأحداث, وتبني حزم إصلاحات واسعة, يحاول من خلالها إصلاح الخلل, وتغيير الوضع المعوج والمنحرف, ومحاربة الفساد وأدواته وأذرعه ومؤسسيه ومافياته.

الأزمة التي يمر بها العراق الآن, سواء أكانت أزمة سياسية أو مالية أو أزمة ثقة, بين المواطن والمسئول (الحكومي والبرلماني والقضائي) تبقى مع ذلك حالها حال بقية الأزمات التي إذا تمكن طرفيها من تفكيكها, وعلاج أشكالياتها علاجا صحيحا , فإنها قد تتجه نحو الحلول الحقيقية, وإن كانت حلول جزئية , لا ترضي الطرفين. 

إلا أن المشكلة أكثر تعقيدا, فتراكم الإخفاقات, وتراكم آليات التحايل على القانون, سهلت وفتحت الباب مشرعا, لكل من تسول له نفسه سرقة المال العام, حتى باتت هناك ثقافة قائمة في السلك الإداري, للطبقات البيروقراطية العليا في البلد, وأقصد بها: بيع المناصب! فلكل منصب سعر, ولكل منظومة مناصب جهة معينة تسيطر عليها, والكل سيكون مرتبط بالنتيجة بإدارة عليا للبلد, تغض البصر, بل وتحاول أن تمد أذرعها الأخطبوطية؛ نعم , هذا هو حال العراق, خلال الــ 8 أعوام السابقة من عمر الحكومتين السابقتين.

المشكلة الحقيقية لا تكمن في نفس عملية الفساد, بل الأخطر هي أن هناك عملية تأسييس ممنهج لبيروقراطية وظيفية فاسدة, ضربت بأطنابها في عمق الدولة العراقية, وتشبثت بكل المفاصل, بحيث أصبحت عملية الإصلاح صعبة جدا, وتحتاج إلى نهضة ونكران ذات, وتحتاج إلى قوة مضمونها اجتماعي, متسلحة بعقيدة أو مقبولية شرعية, مع توفر الظروف المناسبة, فكانت المظاهرات الشعبية التي انطلقت من وعي أغلب شرائح الشعب, بأن ما يحصل من الفساد, هو استمرار لعهد الدكتاتوريات السابقة التي أهلكت الحرث والنسل.

توفر الظروف المناسبة لقيام هذه التظاهرات تلخص في: زوال حكم دكتاتوري فاسد, تسلط على رقاب العراقيين خلال 8 أعوام بعد التغيير, ودفع المرجعية الدينية والروحية, والتي تمثل الجانب ألعقيدي والشرعي لأبناء المجتمع العراقي, باتجاه النزول إلى الشارع.

لقد حل العراق خلال عمر الحكومتين السابقتين, في المرتبة الرابعة ضمن الدول العشر الأكثر فسادا في العالم, وفقا لمؤشر الشفافية الدولية, والذي شمل 174 دولة, والغريب في الأمر أن المنظمة, قد عدت هذا الأمر متوقعا في بلدٍ كالعراق, تم حكمه بفوضوية سياسية واقتصادية, مع إجرامية فساد وسرقة! وهذا إن دل على شيء, فإنما يدل على أن المفسدين وإن أزيح صنمهم- لازالوا يتمتعون بالحرية والحصانة! سهل تحركهم هذا ضمن جو من التقصير وعدم المهنية الوظيفية, حيث غياب الحسابات الختامية, وضعف الرقابة على المؤسسات والمشاريع؛ وضعهم في خانة التسلط على مقدرات هذا البلد, بلا رقيب أو حسيب ! مما جعل بلدنا يفوز بالمراتب الأولى بالفساد واللامهنية الوظيفية!

*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالأيديولوجيات السياسية المعاصرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك