المقالات

بين عقوبة الإعدام في أمريكا, والنظام الرئاسي في العراق- مقاربات سيسيولوجية

1148 20:04:29 2015-07-20


منذ أن طرح مونتسكيو نظريته الشهيرة, والمتضمنة مبدأ الفصل بين السلطات, وعالم السياسة والحكم يشهد تحولات مهمة, قادت الى تطور العمل في مجال بناء الدول وتطويرها؛ وإذا أردنا أن ننظر الى نموذجين مطروحين في دول العالم المتقدمة, وأقصد بهما : نظام الحكم البرلماني الحكومي في أغلب دول أوربا, ونظام الحكم الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية, فإننا سنجد أن الثاني قد تجسدت فيه بوضوح ملامح نظرية مونتسكيو أكثر من الأول. 

مبدأ الفصل بين السلطات الذي أقره مونتسكيو, كان يرمي من خلاله إلى تهذيب وتشذيب عوامل القهر السلطوي, والتي كانت تتجسد وتتمثل في ذلك الزمن بالسلطة المطلقة للملك, أو الإمبراطور, محاولا في الوقت نفسه, أن يجعل من صناعة القرار أو صياغة القانون, وتنفيذه والمتابعة والمراقبة في تنفيذه, يمر عبر مؤسسات متعددة, لكي لا يكون حكرا على جهة واحدة أو شخص واحد.

في الولايات المتحدة الأمريكية, يتميز نظام الحكم فيها بكونه نظام حكم رئاسي, إضافة إلى أن أمريكا ومع ما تتميز به من تقدم في حقوق الإنسان, والعمل بمبدأ الفصل بين السلطات, نجد أن عقوبة (الإعدام) معمول بها في هذا البلد! وهو عكس ما موجود في أوربا؛ ويذهب فقهاء القانون والفكر السياسي في تفسير هذا الاختلاف, إلى أن أوربا قد عانت ولعقود طويلة من تسلط الطغاة والدكتاتوريات- سواء الملكية منها أو الجمهورية- فكانت عقوبة الإعدام أداة طيعة بيد هؤلاء الطغاة لتصفية خصومهم.

في أمريكا الوضع يختلف, حيث أن أمريكا كبلد, تميز وخلال الــ 200 عام الأخيرة- أي منذ تشكيل الدولة, وإقرار الدستور الأمريكي- بعدم ظهور اي حالة من حالات الدكتاتوريات, المخالفة لروح وجوهر النظام الديمقراطي المعمول به في ذلك البلد, لذا وجد فقهاء القانون في هذا البلد, أن عقوبة الإعدام للمجرمين الذين يستحقونها, هي عقوبة مناسبة, ولم يتخوفوا منها أن تكون أداة بيد حاكم من حكامها في يومٍ من الأيام.

المعنى :
أن أنظمة الحكم, وأشكالها, وأنواعها, إنما تتشكل في البلدان والدول, بحسب طبيعة وأرضية وبيئة ومقومات وظروف ذلك البلد, ويتم الابتعاد دوما عن أي قانون أو شكل حكم, أو أدبيات عمل سياسي, قد تؤدي في المستقبل إلى تخريب بناء الدولة, أو القضاء على الشكل السياسي فيها.
في بلدٍ كالعراق, وبعد مئات السنين من تسلط أعتى وأغرب أنواع التسلط الدكتاتوري فيه, وبعد تذوق شعبه الويلات من خلال معايشتهم لكل أنواع التسلط الفردي والسلطوي, الدكتاتوري والاستبدادي والطغياني, ومع توفر أرضية اجتماعية وبيئية خصبة في هذا البلد, لتصدير كل أنواع الدكتاتوريات الممكنة, لذا فإن المطالبة بأن يتحول نظام الحكم في العراق من النظام البرلماني, إلى النظام الرئاسي, إنما هو فتح الباب على مصراعيه, لشرعنة ولادة دكتاتوريات جديدة, ستعمل على تفتيت مفهوم الفصل بين السلطات, وسترسخ ما تم بنيانه سياسيا وجماهيريا من فكر استبدادي وطغياني.
ولا أعلم, هل أن الداعين الى مثل هذا النوع من الأنظمة, قد عُميت أبصارهم عن الحرائق والكوارث التي أصابت المنطقة برمتها, نتيجة تسلط دكتاتوريات استبدادية تسلطية, تحكمت بأرواح شعوبها ومقدراتهم وحقوقهم وأصواتهم, وحكمتهم بالحديد والنار, ومن يأبى منهم فسيكون البديل هو : داعش!


*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالأيديولوجيات السياسية المعاصرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك