وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
إن تلك الأمثال القرآنية تعيد نفسها، وكأنها تتحدث عن عصرنا الحالي، بعد أن تحولت مدن كبيرة في العراق، كانت تنعم بالأمن وسعة الرزق، فهي أشبه بالجنان، إلى مدن خاوية ومهجورة.
مدينتا حديثة والفلوجة، تجمعهم مشتركات مذهبية وعشائرية واحدة؛ ولكن شتان بينهما، فحديثة إختارت الصمود والصبر، ومقاومة الإحتلال الداعشي، رغم الحصار وقلة المؤن، والأخرى ذابت في الدواعش، وأختلطت معهم في إناء واحد، يصعب الفصل بينهما. تكمن أهمية حديثة في سدها، الذي يعتبر من أكبر السدود في العراق، ويمكن أن يشكل تهديدا على بغداد، إن سيطر عليه الدواعش، كذلك فيها قاعدة عين الأسد العسكرية، فهم يحاولون ضم الأنبار، إلى المناطق التي يسيطرون عليها في سوريا، فلم يتبق لهم إلا حديثة؛ لهذا كانت الهجمات بكثرة، على تلك المدينة، إذ صد الأهالي أكثر من (300) هجوم.
إن رباطة جأش أهالي حديثة، وثباتهم وصمودهم رغم الحصار، الذي فرضه عليهم أبناء جلدتهم، مع الغرباء من شذاذ الأرض وأشرارها، فهم يعانون نقصا، في الغذاء والماء والدواء، ولم يتبق لهم إلا رحمة السماء، فكانوا يقتاتون على ما يصل إليهم، من مؤن عن طريق الطائرات، إلا أن النصر سيكون حليف الصابرين، وليست آمرلي ببعيدة عنهم.
أما الفلوجة فهي الجانب المظلم، فكانت عاصمة للتطرف الديني والحقد الطائفي، فكانت تسمى بمدينة المساجد؛ لكثرتها فتحولت تلك المساجد، إلى معاهد لتخريج المتطرفين جيلا بعد جيل، فمنذ سقوط صنمهم وإلى اليوم، لم ينسجموا مع إخوتهم في الوطن، والعيش بسلام معا، إذ لا يزال الحلم، بعودة الحكم البائد في مخيلتهم.
إن العمليات الجارية في الأنبار، تميزت عن سابقاتها، بالتنظيم الإعلامي وعنصر المباغتة، الذي كان مفقودا، فلم نعلم قبل أيام، أي الجبهات ستكون المعارك، في الفلوجة أم الأنبار، فكانت المفاجئة أن العمليات، إنطلقت في الجبهتين معا.
إن بشائر النصر لتلوح في الأفق؛ لأن الحشد الشعبي، والقوى الأمنية الساندة له، لم يشتركوا بأي معركة، إلا وخرجوا منها منتصرين، مهما كانت طبيعة الأرض وصعوبتها، وشراسة المعارك وشدتها، كجرف النصر وديالى وصلاح الدين والأنبار، ستنظم إلى تلك المناطق، المحررة بإذنه تعالى.
إن دحر قوى الظلام والتطرف، في عاصمتهم المعنوية(الفلوجة)سيجعل إنهيارهم، من أرض العراق أمرا حتميا، وسيلاحقون حتى في خارج الحدود(وإن غدا لناظره لقريب).
https://telegram.me/buratha