المقالات

[بَحْرُ العُلومِ]...ثُلاثِيّةُ التّوافُقِ (١)

1274 02:13:15 2015-04-13

كانت كنيتُهُ تتردّدُ كثيراً على لسانِ والدي (رحمه الله)، فكلّما أسمعَهُ يتحدّث مع خالي الكبير الدكتور ابراهيم عبد الحسين الطباطبائي (رحمه الله)، أسمعَهُ يكرّرُها (السيد ابو ابراهيم). كان ذلك في الستّينيّات من القرن الماضي، وقتها لم يتجاوز عمري عدد أصابع اليد الواحدة.

لم اعرف من هو المقصود بهذه الكُنية، كما لم أكن لاجرؤ على السّؤال من الوالد او من الخال، فمثل هذه الأسئلة وبهذا العمر المبكّر جداً تُعتبر خلاف الأدب!. 

كبرتُ قليلاً وبدأتُ أتردد على محافل القرآن الكريم والمنتديات الأدبيّة والثقافيّة المتواضعة التي تتناسب وعمري، والتي كانت تنتشر في كربلاء المقدسة وقتها، فبدأ إسمهُ الصريح يتردّد اكثر فاكثر على لسان الأدباء والعلماء والمثقّفين، نصيحةً تارةً وشعراً أو نثراً تارة أُخرى، او مقولةً محفوظةً تارةً ثالثةً. حتى اذا انخرطتُ في اوّل حلقةٍ رساليّة، أعطاني المسؤول الحركي كتابين من الحجم المتوسط، كان قد دسّهُما بين صفحات جريدة (الثّورة) طالباً منّي قراءتها وتلخيصها في اللقاء القادم.
ذهبتُ الى البيت وانا احملُ صيداً ثميناً، فقد كنتُ اعشقُ القراءة والمطالعة.
مزّقتُ (الثّورة) واذا بالكتابين هما؛
[بين يدي الرسول الأعظم (ص)].
[من مدرسة الامام علي (ع)].
لمؤلّفهما (محمد بحر العلوم) هكذا كان مكتوبٌ على الغلاف.

وبينَما انا مُنهمكٌ في المطالعة، رمقني الوالد بنظرةِ قلقٍ، ففي العهد الجديد، عهد النظام القومجي العنصري الطائفي الشوفيني، فانّ عقوبة اقتناء كتابٍ لكاتبٍ غير مرغوبٍ فيه، الإعدام! كما لو انّك تقودُ مؤامرة لقلب نظام الحكم. 

كان ذلك بداية السبعينيّات من القرن الماضي، عندما شنّ النظام الشمولي حملة اعتقالات واسعة جداً شملت أعداداً غفيرةً من العلماء والشباب الحركي والرسالي، انتهت بإعدام الشيخ عارف البصري ورفاقه الخمسة الشهداء، الامر الذي زاد في قلق الاباء وقتها، خوفاً على ابنائهم لمثل هذا السبب، مثلاً، اقتناء كتاب ممنوع!. حاولتُ ان اخفي الكتابين عن نظراته الحذِرة والمتسائِلة، ولكن دون جدوى، فبادرني بالسؤال؛
ما هذه الكتب؟.
اريتهُ احدُهما، فوقعت عينيه على اسم المؤلف، فرأيت وكأنّ وجههُ استبشر خيراً واستقرَّ قليلاً، فقال وهو يبتسم؛
لا بأس عليك، فانا اعرفُ المؤلف!.
مرّةً اخرى، لم اجرؤ على السؤال منه؛ ومن هُوَ؟ وكيف تعرفهُ؟ وما علاقتك به؟ فلازال العمرُ مبكّراً على طرحِ مثل هذه الأسئلة!.
مرّت الايام لأكتشف ان (السيد ابو ابراهيم) هو نفسه (محمد بحر العلوم) مؤلف الكتابين.

لم اكُن اعرفُ لحد ذلك اليوم ان صلةَ قُربى من طرف الوالدة العلويَّة (رحمها الله تعالى) تجمعُنا مع السيد ابي ابراهيم، حتى اكتشفت ذلك في وقت متاخرٍ وتحديداً في العام ١٩٩٢ في مصيف صلاح الدين، ولذلك قصة سأرويها في الجزء الثاني.

امّا الكتابان، فقد التهمتُهُما بسرعة البرق، لسلاسة اسلوبهما الأدبي الذي استخدمه السيد، وكأنّه كتبهما للشباب واليافعين ليقدّم بهما أنموذجاً رسالياً لعددٍ من الشّخصيات الرّسالية الرائعة في صدر الاسلام، محاولاً بالنّماذج تكريس قيم الإيمان والشجاعة والوفاء والإيثار والعمل الصالح والثقة بالنفس، في نفوس الجيل الجديد.


يتبع

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك