محمد أبو النواعير*
لم يعد خفيا, إمكانية قيام الدول وأجهزتها, بممارسات وأفعال بحق الأفراد والشعوب, بقوة تسلط وهيمنة وتحكم بالمقدرات؛ فعند قيام الصراع بين دولتين أو طرفين أو محورين أو قطبين, تنتهي قضية إحترام حياة الناس ودمائهم, وهذا هو المكروه والمنبوذ في السياسة!
ما يمر به العراق الآن من معارك كبيرة وشرسة, ضد تنظيم داعش الإرهابي, جعل منه حلبة نزال الكبار وصراعهم؛ ولا يخفى أيضا, أن طرفي الصراع الكبار محورين معروفين, روسيا-ايران, امريكا- اسرائيل- وبعض دول القارة العجوز؛ ومن المؤسف أن هذا الصراع والتقاتل, قد حصل في إحدى أهم مناطق العراق, وأكثرها حيوية وإستراتيجية, أي المنطقة الغربية التي يقطنها كثير من السنة.
حصول المعارك وتصارع الإرادات في هذه المناطق, مع حضور النفس والآديولوجيا السنية السلفية المتطرفة, والمتمثلة بالخطاب الداعشي! جعل منها أتونا مشتعلا, ومع تصاعد خطاب التنافر والعداء بين الكبار, إزداد اشتعال النار في هذه المنطقة, والضحية هذه المرة من أبناء السنة, من الناس الشرفاء الذين لا ناقة لهم بهذا الصراع ولا جمل.
الحركة الأخيرة من دول محور امريكا, والتي دفعت بإنخفاض أسعار النفط, لضرب المحور المنافس لهم(محور ايران- روسيا), إدى الى الإضرار كثيرا بدول المحور المنافس, لكنه أدى أيضا الى الإضرار بالعراق الذي تدور على أرضه رحى المعركة.
وبنظر بعض المحللين السياسيين, فإن ذلك سيؤدي الى ازدياد شراسة المعارك في العراق, بل وفتح جبهات جديدة ضد دول محور أمريكا, وستتطور الحرب نحو الأسوأ!
المرجعية الدينية في النجف الأشرف, كانت وبإستمرار تحث على التفريق بين البريء والمذنب في هذه الحرب, وعدم أخذ البريء بجريرة المذنب, بل ووقفت سدا مانعا قويا ضد أي انتهاكات, أو تجاوزات ضد السنة خصوصا, والعراقيين عموما, وما كان تصريحها الجمعة الأخيرة, وما فيه من أبعاد أخلاقية تمثل جوهر الإسلام الصريح, إلا إشارة واضحة على كونها تعمل كمصد دفاعي, يعمل لصالح العراقيين, من أجل منع الدول الكبيرة المتصارعة, في الإنطلاق بغيّها, وإشعال أرض العراق, وإحراق من تبقى ما شعبه, وقودا وحطبا!
العجيب في أمر هذه التوصيات والفتاوى, أنها جمعت بين النقيضين, فهي من جانب كانت الحافز الذي أشعل صدور الغيارى للذود عن مقدسات هذا البلد(الأعراض- الدماء- الأرواح- المشاهد المقدسة)؛ ومن جانب آخر مثلت مصد دفاع عن أرواح الناس البريئة, بل كانت كابح إيقاف لمخططات المتصارعين الكبار الرامية إلى إبادة هذا الشعب.
المرجعية الدينية الآن وبنظر عدد من المحللين, قد دخلت ساحة السياسة الدولية, وبشكل ظاهر وقوي ومؤثر, ومن المتوقع أنها ستقلب الكثير من المعادلات الظالمة!
يا سنة العراق, بختكم بالسيد !
*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة..
https://telegram.me/buratha