لم يعد خافيا على أحد, وخاصة في الوقت الحاضر, إمكانية قيام الدول وأجهزتها الحكومية, بممارسات وأفعال بحق الأفراد والشعوب, بقوة تسلط وهيمنة وتحكم بالمقدرات؛ فعند قيام الصراع بين دولتين أو طرفين أو محورين أو قطبين, تنتهي قضية إحترام حياة الناس ودمائهم, وهذا هو المكروه والمنبوذ في السياسة!
ما يمر به العراق الآن من معارك كبيرة وشرسة, ضد تنظيم داعش الإرهابي, جعل من العراق حلبة لنزال الكبار وصراعهم وتصارعهم؛ ولا يخفى علينا أيضا, أن طرفي الصراع الكبار هم محورين معروفين, روسيا-ايران, امريكا- اسرائيل- وبعض دول القارة العجوز؛ ومن المؤسف القول أن هذا الصراع والتقاتل, قد حصل في إحدى أهم مناطق العراق, وأكثرها حيوية وإستراتيجية, ألا وهي المنطقة الغربية, والتي يقطنها الكثير من أخواننا السنة.
حصول المعارك في هذه المناطق, وتصارع الإرادات فيها, مع حضور النفس والآديولوجيا العقائدية السنية السلفية المتطرفة, والمتمثلة بالخطاب الداعشي! جعل من هذه المناطق أتون نار مشتعلة, حيث نرى كل يوم, ومع تصاعد خطاب التنافر والعداء بين الأطراف الكبار, نرى في المقابل إزدياد اشتعال النار في هذه المنطقة, والضحية دائما هم أخوتنا من أبناء السنة, من الناس الشرفاء الذين لا ناقة لهم بهذا الصراع ولا جمل.
الحركة الأخيرة من دول محور امريكا, والتي دفعت بإنخفاض أسعار النفط, لضرب المحور المنافس لهم( محور ايران- روسيا), إدى الى الإضرار كثيرا بدول هذا المحور, وأدى أيضا الى الإضرار بالعراق الذي تقع على أرضه المعركة؛ وبنظر بعض المحللين السياسيين, فإن ذلك سيؤدي الى ازدياد شراسة المعارك في العراق, بل وفتح جبهات جديدة ضد دول محور أمريكا, وستتطور الحرب نحو الأسوء, والخاسر الأكبر هم: أخوتنا السنة الشرفاء!
المرجعية الدينية في النجف الأشرف, كانت وبإستمرار, تحث على أهمية التفريق بين البريء والمذنب في هذه الحرب, وعدم أخذ البريء بجريرة المذنب, بل ووقفت في أغلب الأحيان, سدا مانعا قويا ضد أي انتهاكات, أو تجاوزات ضد أخوتنا السنة الشرفاء خصوصا, والعراقيين عموما, وما كان تصريحها الأخير في هذه الجمعة, وما فيه من أبعاد أخلاقية تمثل جوهر الإسلام الصريح, إلا إشارة دالة دلالة واضحة على كونها تعمل كمصد دفاعي , يعمل لصالح العراقيين, من أجل منع الدول الكبيرة المتصارعة, في الإنطلاق بغيّها, وإشعال أرض العراق, وإحراق من تبقى من شعبه, وقودا وحطبا!
والعجيب في أمر هذه التوصيات والفتاوى, أنها جمعت بين النقيضين, فهي من جانب كانت الحافز الذي أشعل صدور الغيارى من أجل الذود عن مقدسات هذا البلد(الأعراض- الدماء- الأرواح- المشاهد المقدسة)؛ ومن جانب آخر مثلت مصد دفاع عن أرواح الناس البريئة, بل كانت ككابح إيقاف لمخططات المتصارعين الكبار الرامية إلى إبادة هذا الشعب.
المرجعية الدينية الآن وبنظر عدد من المحللين, قد دخلت ساحة السياسة الدولية, وبشكل ظاهر وقوي ومؤثر, ومن المتوقع أنها ستقلب الكثير من المعادلات الظالمة !
يا سنة العراق, بختكم بالسيد !
*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة..
https://telegram.me/buratha