تمر علينا هذه الأيام ذكرى ولادة نبي الرحمة والإنسانية النبي محمد (ص) لتعيد للوجود زهوا ومجدا وليكون هذا المولد فجرا وأملا ومستقبلا يبدد كل رواسب الجهل والتخلف والبداوة التي كان يعيشها العرب في الجزيرة والحجاز ويأسس لتاريخ يتسم بسمات الانسانية والعدل والعفو والصفح والتنازل ومن اجل احياء منهج القيم والمبادئ ومكارم الأخلاق.
وولادة نبي الرحمة في تلك البقعة المباركة من الجزيرة العربية وما ترتب على هذه الولادة الميمونة من اثر كوني غير معه القيم والمفاهيم الجاهلية التي كانت سائدة وأسس لنظام الهي اختزل كل نظم الكون وأطاح بكل الاديان ،كان من اثره ان انتشرت راية الاسلام التي رفع لوائها نبي الرحمة في جميع افاق المعمورة.
هذه الولادة المباركة لم تحظ بإجماع الأمة ،وحدث ان اختلف المسلمون في التاريخ الحقيقي للولادة وبدل ان يكون هذا التاريخ مصدر الهام ووحدة مثل نقطة خلاف واختلاف بين مكونات المسلمين رغم ان الولادة تمثل تاريخا ولا تمثل منهجا،لهذا حاول الكثير من المصلحين والعظماء ان يجعلوا من الاختلاف في تاريخ الولادة اسبوعا للمحبة والمودة والتقارب وتجاوز الخلافات والمشاكل المتراكمة والتي تقف بوجه وحدة الامة الاسلامية.
واخر العظماء الذين اعتبر ولادة الرسول الاكرم محطة للتقارب والمودة هو الراحل السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله عندما اطلق تسمية اسبوع المودة والرحمة على ولادة الرسول والتي تصادف (12-17) ربيع الاول من كل عام،هذه الدعوة جاءت في وقت استثنائي وخطير كان يمر به العراق،والدعوة انما تمثل رغبة حقيقية لتجاوز اخطاء الماضي والحاضر وفتح صفحة جديدة من التعايش واستيعاب الطرف الاخر ونبذ العنف والتفرقة واطلاق رسالة السلام والامل والتعايش السلمي بعيدا عن فتاوى القتل والتكفير.
دعوة عزيز العراق كانت استثنائية في التوقيت وفي المداليل فهي جاءت في وقت كانت اوضاع العراق قد تغيرت وانتهى حكم الطغاة والعفالقة وعاد الحق الى اكثرية ابناء الشعب العراقي وجاءت من طرف منتصر وليس من طرف خاسر وعندما تكون المبادرة من طرف منتصر فانها تمثل حالة من التوازن والتعقل والرغبة الحقيقية في التعايش والابتعاد عن الاحتقان والتشنج.
ذكرى اسبوع المودة والمغفرة هذه السنة جاءت في وقت استثنائي يعيشه العراق وتمر به المنطقة العربية وفي وقت ربما هو الاسوء في التطرف والجهل والانغلاق وفي وقت يشهد صراعا حقيقيا وليس خفيا او لفظيا بين الاعتدال والتطرف تسبب بارقة انهار الدماء وتشريد الملايين وسبي الاف النساء وترميل عشرات الالاف من المفجوعات.
ان ذكرى اسبوع المودة والرحمة والمغفرة الذي يحتفل به ابناء الشعب العراقي هذه الايام مع ما يواجههم من هجمة تكفيرية شرسة انما يبقى هو الصوت النقي وهو الصوت الاكثر علوا بين اصوات التكفير والجهل والغاء الطرف الاخر.
https://telegram.me/buratha