هبط الوحي على المصطفى محمد (ص) في جزيرة العرب والأخلاق فيها كما هي صحراء نجد والحجاز من غلظة وبداوة وشظف العيش وجاهلية ظلماء يصعب انارة سراج العقل والمنطق فيها،الا ان عدالة السماء اختارت هذه البقعة المباركة التي كانت غارقة في ظلام الجاهلية لان تكون مركز للعدل الالهي ونورا يبدد ظلام الجاهلية واشعاعا للعلوم الانسانية ومنطلقا لتحرير البشرية ومركزا لمجامع الأخلاق المحمدية.
انتشر نور الإسلام وتبدد ظلام التخلف والجهل وتبدل حال الجزيرة الى افضل حال واكتملت مكارم الاخلاق بنص سماوي يؤيد منهج صاحب الرسالة في اتمام مكارم الأخلاق"انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق" فانسحب هذا المنهج في تصرفات وسلوك اهل بيته واصحابه وبشكل عملي حتى تفوق هذا المنهج المحمدي على كل مناهج المنطق والتعليم في الوجود لان ما انتجته مدرسة النبي محمد تفوق على العقل البشري الطبيعي السوي بل تفوق حتى على اخلاق باقي الانبياء ولا فخر.
منهج الرسول في الشجاعة والعفو في الكرم والجود في السخاء والبذل لم ينتهي ويتلاشى بغياب الرسول (ص) بل امتد في اهل بيته اماما بعد امام وجيلا بعد جيل حتى وقتنا الحاضر وكان انفاس الرسول وروحه حاضرة بين اولاده واحفاده.
هذا المنهج الالهي ازداد رسوخا وثباتا في اهل بيته حتى ان مصاديق هذا المنهج تكاد تكون معاجز انسانية لانها جمعت المتناقضات فتجاوزتها بكل اقتدار وانتصرت فيها ارادة الخير على الشر ،غير هذا فان منطق العقل والحكمة كان حاضرا في كل موقف ونازلة لم تتغلب فيه شهوة النصر او الرغبة في الانتقام او قطف لذة الانتصار على الحلم والعفو والانتظار،هي صورة راسخة في عقل ووجدان البشرية يوم جثا الامام علي عليه السلام على صدر الفارس عمر ابن عبد ود العامري ولان ابن عبد ود استفز الامام لكنه خاب ظنه لان الامام لم يستفز ولم ينتصر لنفسه بل تجرد عن ذاته وانتصر للاسلام ودين الله.
هذا المعنى يكاد يكون حاضرا اليوم في منهج الامام السيد السيستاني في تعامله مع الاحداث والحرب التي يمر بها العراق خاصة وان العدو في تعامله وفي حربه ضد ابناء الشعب العراقي لم يترك اي موبقة او جريمة الا وارتكبها حتى فاق في جرائمه جرائم الوحوش والهوام لكن مع كل هذا وبعد فتوى الجهاد الكفائي وبعد الانتصارات التي تحققت بفضل تضحيات ودماء ابناء الشعب العراقي من الجيش وابطال الحشد الشعبي لم يفكر في الانتقام او اخذ الثار او حرق الارض بمن فيها لانه ينتمي الى سلالة الانبياء ولانه يدرك ان الكثير ممن وقع تحت سطوة مجرمي داعش لا حول لهم ولا قوة ولانه ملتزم بنص القران ولا تزروا وازرة وزر اخرى ولانه كجده امير المؤمنين لا يطلب النصر بالجور واصل منهجه في التوجيه والارشاد وتحريم دماء واموال الابرياء بل دعا الى الحفاظ عليها.
ان ازمة الاخلاق في الطرف الاخر لم تمنع المرجع الاعلى من التصرف وفق منهج القران ومنهج الرسول الاكرم ومنهج اهل البيت ولكن للاسف فان الامام السيستاني كلما زاد حلما وكرما ازدادوا لئما وحقدا وكل اناء بالذي فيه ينضح.
https://telegram.me/buratha