تركت الإحداث السياسية والأمنية والاقتصادية التي ضربت العراق طوال عقود من الزمن ظلالا معتمة على طبيعة العلاقة بين مكونات الشعب العراقي غابت معها في كثير من تفاصيلها اليومية روح الولاء والوحدة والمحبة والانتماء الى الوطن،ولم تترك الصراعات والحروب وفيما بعد المحاصصة فرصة حقيقية للتقارب او القضاء على الفجوات الطائفية التي صنها البعث وتركها ألغاما تنفجر واحدا بعد الأخر.
التغيير الذي حدث عام 2003 لم يمنحه بعض الشركاء الوقت والفرصة لالتقاط الأنفاس وإزالة العقد والألغام التي زرعها البعث ألصدامي لإعادة اللحمة الوطنية الى طبيعتها العراقية الأصيلة بل تعمقت جراح الفرقة وتوسعت مساحة الاختلاف وكثرة نصال التجريم والتخوين والانتماءات الوهمية فكان ان لجا كل طرف الى طائفته او قوميته وابتعد قدر ما يستطيع من مساحة الطرف الاخر عله يجد في انتمائه ووجوده وطنه وحقيقته بعد ان فقد الانتماء الى الوطن الاب.
مع كل هذه الفوضى في الانتماء استمر البعض في تغذية الروح العدوانية وبطريقة مدروسة للاطراف الاخرى حتى ان تنزيه مكون سياسي على اخر الا ما رحم ربي امر مستحيل لان كل طرف من الاطراف الشركاء كان يختزن في وجوده أشخاصا كأنه أدخرهم لمثل هذه المهمة حتى برع في هذا المسلك رجال ونساء حملوا في رقابهم اثام ودماء الاف الابرياء من العراقيين دون ان يراعوا حرمة للعراق ومائه وسمائه وهواءه.
من بين كل هذا الضجيج وهذه الفوضى كانت هناك نافذة من الامل تعمل باتجاه اخر يختلف كليا عما ينسج عليه معظم الفرقاء السياسيين من فرقة وسعي حثيث لخلق الفوضى والفتنة واستباحة الدم العراقي والارتهان الى الاجنبي،هذه النافذة كانت تنطلق من رؤية المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف لوضع العراق واحوال العراق وشعب العراق بجميع مكوناته،حتى انها سمت السنة انفسنا ورفضت ان يكونوا اخوتنا واعتبرت الكرد اهلنا وشركائنا الحقيقين في السراء والضراء وفي لقمة العيش.
وللتاريخ فان انفسنا السنة لم يكونوا بمستوى هذا المعنى لانهم لازالوا محكومين بارقام التاريخ ونشوة الحكم وكانوا حتى اليوم يقابلون هذا النفس العراقي الخالص بكل الوان الاتهام والتسقيط والمؤامرات والارتهان الى الخارجي وحلم العودة الى السلطة حتى لو ابيد اكثرية العراقيين بما فيهم المرجعية الدينية وزعيمها المرجع الاعلى الامام السيستاني.اما الكرد وان كانوا اقل تاثيرا وحقدا الا انهم غير معنيين بتوجيهات المرجعية التي افتت في يوم ما وبوجه اعتى طاغية بحرمة الدم الكردي وكل ما يهمهم هو مصلحة الكرد ولا شيء غير ذلك حتى لو تطلبت هذه المصلحة الدخول في حرب مع الاكثرية ومرجعيتهم الدينية التي لا تفرق بين عبد الزهرة وكاكه حمه.
في الأشهر الأخيرة ابتلى العراق بطاعون داعش الإرهابي ولولا المرجعية الدينية وفتوى السيد السيستاني باطلاق الجهاد الكفائي للعراقيين لكان داعش اليوم في كل ركن وزاوية ولم يبق شبر من العراق الا واحتله ولم تبق غيرة او شرف او ناموس الا وانتهكه.فتوى المرجعية كما وصفها أصحاب العقل والحل الهام الهي اوقفت داعش بل بدأت بتحطيم أسطورة داعش وما هي الا ايام قليلة وتطهر كل أراضي العراق من رجس البغاة والإرهابيين.
الامر الأكثر روعة في توجهات المرجعية هو أبوتها ومساواتها للجميع لا تفرق بين سني او شيعي عربي او كردي مسيحي او صابئي دون ان تنتظر من اي طرف من هذا الجميع جزاءا او شكورا.
في أحاديث الكثير من السياسيين وقادة الكتل والفضائيات والصحف يتحدثون عن انجازات الجهة التي ينتمون اليها اما الأطراف الاخرى التي تدفع باعز فلذات أكبادها فلا مجال لذكرهم الا المرجعية الدينية فهي الجهة الوحيدة التي تذكر الجميع بذكر الخير والامتنان.
المرجعية لم تقف عند حدود الطائفة بل تجاوزت حدود الوطن فهي تشيد بانجازات البيشمركة وانجازات الحشد الشعبي وانجازات قواتنا الامنية في كل مناسبة ولن تتردد من الإشادة بالصحوات اذا ما منحوا ولائهم للعراق وتركوا لعبة المراوغة هنا وهناك.
لا شيء يربط المرجعية بالبيشمركة الا حقيقة الأبوة والانتماء ومتى ما انتمى الآخرين الى العراق فان ابوة المرجعية ستكون غطاءا وخيمة والتزاما.
https://telegram.me/buratha