المقالات

أسرار الطنطل والكَرطة والقهوة!..

1455 11:51:00 2014-01-22

أنا من جيل خوفوه من كل شيء، ولقد كانت حياتنا مستقيمة جدا بالخوف من أشياء كثيرة، من "الطناطل" و"الكَرطة" والغرباء الأجانب..

خوفونا من أحلامنا وأمنياتنا..ومن كائنات سرية أسموها "الطناطل"، التي قالوا لنا أنها منتشرة في كل مكان، خارج قريتنا الجنوبية..

خارج القرية كل مكان كان يحكمه طنطل له أسم معلوم..كانت أسماءا غريبة لا أعرف لغاية اليوم معناها، حتروش وكاووش، كانا طنطلين قرب مضخة الماء التي كانت ملكا للشيخ!..وفرغص وماهوش؛ كانا طنطلين في "ذنايب" النهر الذي يتحكم به السركال عمران..وفي غرب القرية طناطل أخرى لأناس من الرجال والنساء ماتوا قتلى في حوادث. وكنا نسمع قصصا تجعلنا نموت في جلدنا.

خوفونا من أي غريب يدخل القرية، حتى إذا كان عابر سبيل..كانوا يقولون إن للغرباء عيون تريد أن تخترق العشيرة وتكشف أسرارها..ولم أكتشف ما هي أسرار العشيرة التي كان "الكبار" يحرصون عليها، إلا بعد أن صار عمري ستين عاما، فقد عرفت أن سر وجود العشيرة وقوتها، يكمن في إجتماعها كل ليلة في مضيف الشيخ، على قهوة مازالت رائحتها في أنفي نافذة!

وكانوا أيضا يقولون لنا أن الغرباء لصوص يسرقون الأطفال..ومنذ كنت صغيرا عرفت معنى محددا للأجنبي، فزوج عمتي كان أجنبيا، لأنه فقط من عشيرة أخرى، تبعد مساكنها عن مساكن عشيرتنا كيلو متر واحد فقط! وخوفونا من حيوانات خرافية، تهاجم الأطفال الذين يأكلون مع الكبار، والذين لا يقبلون أيادي أجدادهم..كان إسم هذه الحيوان "الكَرطة"، وكان عندي عشرات الأجداد، هم جدي لأبي وجدي لأمي, وإخوان أجدادي من الطرفين وباقي (شياب) العشيرة!

تعلمنا أن نسمع الكلام حتى إذا كان كلاما فارغا..نسمع فقط حتى لا تهاجمنا المخلوقات الخرافية..وتعلمنا ألا نشكو من يضربنا، لأنه دائماً أكبر منا، ومن العيب أن نشكو الأكبر منا، وحتى عندما كبرنا وأنتقلنا الى المدينة، كنا نقبل أن يضربنا المدرس حتى يدمينا!

مرة ضربني المعلم بلا وجه حق، وشكوت لكبير أسرتنا عمي الأمر، فما كان منه إلا أن أخذني مقتادا من يدي إلى المدرسة، وأكمل ضربي أمام المعلم وهو يقول له: "آنت يا أستاذ لك اللحم ولي العظم، خذه أنت تجرح وأنا أداوي..وحتى العظم أنت تكسره وأنا أجبره".

أنا من أولئك الذين حفظوا عن ظهر قلب المثلين العاميين الشهيرين:"أكبر منك بيوم أعرف منك بسنة".."واللي ماله كبير يشتري له كبير"..ومازلنا نبحث عن كبير لنشتريه، ومازلنا نبحث عن الأكبر منا بيوم الذي يعرف أكثر منا بسنة.

كلام قبل السلام: عندما كبرنا مازلنا مصممين على قبول فكرة الطنطل، على أن يكون "طنطلا" كبيرا نخاف منه حتى تستقيم حياتنا؟!

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
قاسم العجرش
2014-01-23
أختي الكريمة ، أخت الشهداء د. زهراء محمد، حياك الله، أشتقنا كثيرا الى مداخلاتك، بالنسبة للطنطل، عندنا طنطل كبر فجأة، لكنه واحد ممن ذكرت لك، بات لا يخيف إلا الفقراء، أما الأقوياء، واصحاب النفوذ، فهو أداة بيدهم...لا تقطعي الإتصال بنا ، وأذا حصل وأتيت الى بغداد، أتشرف أن أكون بخدمتك وخدمة عائلتك الكريمة،أخوك سيد قاسم العجرش
زهراء محمد
2014-01-23
فالعراق يحتا ج الى طنطل او شمشون قوي يضبط امور واركان الدولة ويضرب بيد من الحديد على الارهاب والمجرمين ويسن قوانين تحمي مواطنيه والكل تحت القانون وليس فوق القانون كما هو اليوم في العراق.. اعتقادي العراق والعراقيين يحتاجون الى توعية ثم توعية.. ودمتم يااخي قاسم العجرش
زهراء محمد
2014-01-23
بين كلمة وآخرى اسمع منم كلمة شمشون واول مرة اسمعه بحياتي فعجبتني لانها كلمة غريبة،دخلت بيت اختي وكان بااستقبالي اوكح طفل في العالم له حركات بهلوانية ورياضية . هو لطيف معي ويحبني ويخاف مني ايضا بعد ساعة سمعت صوته وبكاء اخيه الاصغر فتكلمت معه انت كبير الان ويجب ان تكون عاقل كليشة التي حفظناه منذ الصغر فسكت قليلا وبعد دقائق عاد مرة آخرى فصحت شمشون علاوي صاير كلش وكيح بعده بدقائق آتى فقلت له اذا متصير عاقل راح شمشون يجي ويعاقبك(طبعا هذه الامور عكس وظيفتي الطبية بضبط لايجوز ان اتكلم هكذا لكن للضرورة
زهراء محمد
2014-01-23
تحية طيبة ياسيد العجرش .. قرأت مقالتك وتمنيت لو كانت اطول حيث سردت فيه امور لم اسمعها من قبل (خصوصا الطنطل) والذي لااعرف معناه سوى باعتقادي انه كائن طويل ورفيع ومخيف بدرجة يهابه الصغير والكبير،لكن بمقالتك هذه عرفت من هم الطناطل وماهي اهدافهم وغاياتهم!ااسرد لك قصة حقيقية اختى لها ابن انه وكيح بدرجة لايطاق ابدا فأمه استعملت كل الطرق من طبيب ومن نفسي واجتماعي كله كان هباء بل كان يصير اوكح(في المدرسة والبيت) من قبل.قررت ان اسافر الى مدينتهم اولايتهم كنت في القطار سمعت كبل مصري زوج وزوجة يتكلمون
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك