اهداء الى كل زوجة شهيد بطلة في هذا الزمن الصعب .
الى من تركني في منتصف الطريق. الى من كان لي خيمة وكنت لخيمته عمودا .الى من غادر الدار ولم يعد .الى زوجي الشهيد .ودعتني ذلك الصباح باسماً كعادتك مداعباً اولادنا النائمين على الارض الجرداء من شدة حر ليلٍ بدون كهرباء بينما انا اتذمر منك كي لا يصحو احدهم ويتشبث بك باكياً، دعوتك لتناول الافطار معاً الا انك فضلت المغادرة على عجل مبرراً ان الطرق مزدحمة والامر يتطلب ساعات لبلوغ محل عملك أملت رأسي مؤيدة وكيف لا يا عزيزي وجسورنا تنقص يوماً بعد اخر !!.
سرتَ مسرعاً نحو باب مذكراً أياي بان انتبه للاولاد وان لا افتح الباب الا بعد التأكد الى ان فتحت الباب سائلاً هل من طلب لكِ والابتسامة تملىء وجهك المشرق فاجأبت سلامتك هذا كل ما اريده .عندما اوصدت الباب خلفك اغلقت عيني وتنفست بعمق كما افعل دائما لتظل عيناي على ساعة الجدار لحين وصولك تقدمت خطوات لاتأمل وجوه اولادنا وهم نائمين ببراءة حاملين بعضا من ملامحك الطيبة وقاطع تأملي هذا اصوات اطلاقات نارية قريبة اعتدت سماعها يوميا وما هي الا دقائق لتطرق بابنا بطريقة جنونية ركضت نحوها لاجد من يخبرني بانك هناك في الشارع .
خرجت خلفك نعم كنت هناك مستلقياً على الارض يفيض دمك من جسمك لقد اغمضت عيناك قبل ان اصل ولم تمر ساعات الا والسواد ردائي وبالبكاء تعبيري والعزاء عزائي والمكان داري والايتام اولادي والشهيد زوجي .مرت الايام سريعا وها انا ازورك في مكانك الجديد واقفة امام صخرة صغيرة كُتب عليها اسمك وتاريخ توديعك لي وها هي يداي تغسل الصخرة بأنامل ترتجف فوق الحروف ، أتيتك اليوم بعد ان عقدت العزم على ان لا ابكي فاليوم يومي فانا زوجة الشهيد ناكرة لقب أرملة فانا زوجة من هو عند الله حيٌ يـُرزق ها هي امانتك معي اولادنا يحيطون القبر من كل جانب .
ما عساي ان أقول لهم بعد ان أنتهي من قراءة القران ، كيف أُفهم صغارنا انك هنا وأن سألوا عن سبب غيابك فكيف اشرح لهم ، خططنا لكل شيء ونحن نبني حياتنا الجديدة ولم نحسب لهذه اللحظة حساب ألم تقل لي انك لن تصابي بالحيرة ذات يوم ، ها انا ذا بقربك حائرة هاربة من عيون اولادك محدقة بحروف اسمك الذي اشتاق تردديه .
انظر لهم انهم يوقدون لك شموعاً بعد ان كنا سوياً نوقد شموع ميلادهم ونتمنى ان نراهم شبابا مؤمنين محبين لمحمد وال محمد ، لست عاتبة عليك يا من ضمنت لي الفخر العمر كله كما ضمنت لي مسؤولية تربية هذه البراعم الصغيرة .
اليوم صار حزني عليك امرا ً يجب علي دفنه في اعماق قلبي وثارك ممن رماك بطلقات الحقد لانك مثال الشاب المؤمن الملتزم فالتزامك تقاطع مع مبادئهم الرديئة صار ثاراً لا استطيع نيله الا بان أربي اولادنا على نهج اتفقنا عليه معا ليكونوا شوكة في عيون من ظلموك صار واجبي ان اوفر لهم الحنان والعاطفة المضاعفة ولقمة العيش الصعبة .
نعم جئتك لاستحصال الاذن منك بأن اعمل يا من كفلتني طوال حياتي معك ، اعلم انه يصعب عليك الامر غير ان من شاركتك حياتك انما شاركتك لانها ارتضت خـُلقك ودينك الذي تناغم مع خـُلقها ودينها وبهذا الدين والخُلق ستتسلح لمواجهة الحياة القاسية فأذن لها .
كن معي بروحك فمهمتي صعبة وعزائي بفقدك كونك شهيد الكلمة شهيد الحب العلوي شهيد مذهب مظلوم شهيد الاباء ويكفيني فخرا باني زوجة الشهيد وأي حظ كبير لدي برجل شجاع مؤمن مثلك وفر لي الماكل والملبس الحلال وان كان بسيطا وترك لي ثروة يفخر بها اولادنا وهي الشهادة الحقيقية .كلماتك ، أقوالك ، كتبك ، أرائك ، بسماتك ، لحظات غضبك من الظلم كلها امانة ساحفظها لاولادك عندما يكبروا وان اطال الله عمري ساحضر يوم تخرجهم ويوم زفافهم وهنا سافتقدك اكثر من أي وقت اخر .وداعا ايها البطل ايها الحي في قلبي ابدا .
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha