بقلم:د.جعفر الحكيم/رئيس تحرير جريدة المهاجر-الولايات المتحدة-
قام الإرهابيون التكفيريون بارتكاب جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة جرائمهم اليومية بحق الأبرياء من أبناء الشعب العراقي،حيث ارتكب هؤلاء الطائفيين الأوباش جريمة اغتيال الصحفية العراقية (سحر الحيدري) في مدينة الموصل،والشهيدة المغدورة أم لثلاث بنات وتعمل مراسلة صحفية للعديد من وكالات الأنباء.
وقد تبنى مجرمو عصابة (أنصار السنة) هذه الجريمة الحقيرة في بيان على موقعهم في الانترنت جاء فيه(وعند وصولها إلى المكمن انقض عليها رجالنا الأبطال الأشاوس وأمطروها بوابل من الرصاص فاردوها قتيلة)ويمضي البيان بسرد تفاصيل سلب المغدورة بعد قتلها حيث يقول(وقد قام رجالنا الأبطال بالاستيلاء على هاتفها الخلوي حيث وجدوا فيه أرقام هواتف الشرطة مما يؤكد عمالتها لحكومة المالكي)ياسلام........لقد أصبح وجود أرقام هواتف الشرطة عند شخص ما دليل على عمالته لحكومة بلاده! فلذلك هو يستحق تطبيق عدالة الطائفيين عليه فورا بلا محاكمة بلا وجع رأس! بل وحتى قبل التأكد من التهمة كما في حالة الشهيدة (سحر) فلقد تأكد المجاهدون الأبطال( أنصار السنة) من عمالة هذه الصحفية لحكومة بلادها بعد أن منّ الله عليهم بالنصر المظفّر على هذه المرأة وقتلها وسلبها!!
إن هذه الجريمة تعد مؤشرا حقيقيا على مستوى الانحدار والسقوط الأخلاقي الذي وصلت إليه عصابات الإجرام هذه من البعثيين والطائفيين والذي يطلق عليهم الإعلام العربي اسم (المقاومة) حيث إنهم بهذه الجريمة أفصحوا عن افتقارهم لأدنى مستويات الخلق العربي من شهامة ورجولة ومروءة ،حيث يُعتبر الاعتداء على المرأة عند العرب وخصوصا العراقيين من اكبر المعيبات بحق الرجل،في حين نرى (المجاهدين من أبطال المقاومة) يفتخرون بان ذئابهم انهالت بالرصاص على هذه المرأة.وقد سبقهم قبل أسبوعين (مجاهدو دولة العراق الإسلامية) بذبح عشر نساء في مدينة(هبهب) لأنهن فضّلن الذبح على تدنيس شرفهن من قبل (المجاهدين المقاومين)! والأمر الآخر في هذه الجريمة هو تحديهم وعدم اعترافهم بكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تجرم الاعتداء على الصحفيين لما لمهمة الصحافة من دور مقدس في إيصال الحقيقة إلى الناس.
ولا أريد هنا الإطناب في وصف وحشية ووضاعة الجريمة ولا عن سفالة هؤلاء القتلة فالجريمة تفصح عن نفسهالكن لابد من التطرق إلى ظاهرة أصبحت سائدة في أوساطنا الإعلامية والدينية وهي ظاهرة السكوت على مثل هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية،فلم نر أي جهة سنية عراقية أو عربية استنكرت هذه الجريمة أو تبرأت من مرتكبيها وخصوصا إنهم يدّعون الدفاع عن السنة،فهل يشرف العرب السنة أن يكون أمثال هؤلاء القتلة هم من يتكلم باسمهم ويدعي نصرتهم؟
وفي الجانب الآخر لم نسمع من أي منظمة أو نقابة صحفية عربية ولا من أي هيئة إعلامية أو ثقافية عربية اصواتا تشجب أو تستنكر أو تدين هذا العمل الشائن الذي استهدف زميلة لهم!بل أطبق على الجميع صمت القبور الذي لايُفهم منه الرضا فقط بل وأيضا التأييد والتشجيع لمثل هذه الجرائم!إن السكوت على جريمة وحشية مثل هذه ليعتبر دليلا واضحا على عدم المصداقية والانحياز التام لطرف واحد وتأييده والسكوت على جرائمه مهما بلغ حجم فظاعتها ولا انسايتها،وهذا بالفعل ما تمارسه الكثير من المؤسسات والهيئات الإعلامية العربية مع الأسف،فالظاهر إن إعلامنا العربي قد نهل من كأس الطائفية حتى الثمالة وأصبحت صفة الإدمان على التناقض عنده كأنها عاهة مستديمة لا يدانيها في القبح حتى عاهة العور!!فلو تصورنا العكس على سبيل المثال وتبنت مجموعة شيعية ما قتل هذه الصحفية لرأينا كيف ستقوم قيامة الإعلاميين عندنا وكيف تخصص البرامج –بما فيها برامج الموضة- لإدانة وفضح هذه الجريمة التي قام بها أعداء الإسلام والإنسانية ،ولرأينا (فيصل القاسم) ملعلعا بصوته وهو يتحدث عن أسطورة فرق الموت الشيعية وجرائمها المزعومة،ولرأينا كيف ستقوم (العربية) بشجب وإدانة وشرح أبعاد الجريمة من خلال استضافة محلليها الذين ماهم إلا أبواق دعاية للقاعدة والوهابية تفرضهم على المشاهدين بصفة محللين وكأن العربية بذلك تعلق يافطة في رقبة حمار مكتوب عليها(هذا غزال) والمطلوب منا أن نصدّق!
والكل يتذكر التهويل والتطبيل الذي قامت به الجهات الإعلامية الطائفية حول أكذوبة اغتصاب (صابرين الجنابي)بل والإصرار على الاستمرار في الكذب حتى بعد وضوح الحقيقة وافتضاح أمر فبركتهم لهذه القصة. إن سكوت الإعلاميين والصحفيين والنخب المثقفة عن هذه الجريمة وأمثالها من الجرائم الكثيرة- فقط لان مرتكبيها من (أهل السنة والجماعة )- ماهو إلا مؤشرا عن أزمة أخلاقية حادة يعيشها حاملي يافطة الثقافة والإعلام والفكر في عالمنا العربي، حيث إنهم بصمتهم هذا يبرهنون على ازدواجية المعايير التي يستخدمونها وانحيازهم الطائفي الأعمى الذي يجعلهم يغضّون الطرف عن مثل هذه الجرائم -التي تأنف عنها حتى الحيوانات- بل وتبريرها في اغلب الأحيان.
https://telegram.me/buratha