( بقلم : علي جاسم الغانمي )
على الرغم من مرور اربع سنوات على عملية التغيير النظام السياسي في العراق وازالة حكم وسيطرة 35 عاما من الطغيان الصدامي وتشكيل نظام سياسي وديمقراطي جديد ودستور شعبي وجماهيري خالص وحكومة شرعية جاءت بفضل اختراع صندوق الانتخابات لا بفضل أساليب (العمالة والانقلابات العسكرية) وتكوين مجلس نواب ليمثل مطالب ورغبات وارادة الشعب العراقي إلا اننا ما زلنا نرى ان الكثير من الانظمة العربية والاقليمية أيضا تسعى الى تناسي ذلك المشوار الطويل من النضال والتضحيات والدماء التي سالت على أرض الرافدين وتغض النظر عن الانجازات التاريخية والوطنية الكبيرة المتحققة بعد تلك السنوات العجاف فيصر بعض زعماء وقادة هذه الدول اصرارا عجيبا على رفض ذلك جملة وتفصيلا وكأن قدر الشعب العراقي هو البقاء قيد الطغاة والاستعمار ولا يحق له خلع ثوب الذلة والمهانة الذي أضفاه عليه الحكام والقادة الذين سيطروا على ثرواته وحياة ابنائه.
ولعل الملفت للنظر والمثير للدهشة والاستغراب هو ازدواجية هؤلاء الحكام العرب وتعاملهم مع القضية العراقية بسياسة خاصة بهم ذات وجهين ،وجه يحتفظون به أثناء اللقاءات والزيارات والمؤتمرات المشتركة مع أي مسؤول عراقي حكومي فيبدر عن هذا (الوجه الصديق) أقوال واراء لاتنجم إلا عن صديق واخ يشاركك مصيرك وبلائك ويسعى الى تخليصك من محنك وهمومك والتي أهمها وأخطرها هو الارهاب العالمي الذي يسرق يوميا العشرات من أرواح العراقيين واحلامهم الخضراء فيستنكر _أخواننا الزعماء العرب_ مظاهر الارهاب والعنف وتدخل بعض الدول في شؤون العراق الداخلية ثم يقدمون وعودا وتعهدات للسعي من اجل دعم العراق وتأييده والعمل على بسط استقراره السياسي والامني أما الوجه الاخر الذي يكون عادة طويلا عريضا ومحدبا قاتما يعكس حقيقة المشاعر المكنونة والاحاسيس التي تمثل جوهر اصحابه فهو ما فعلوه ويفعلوه باستمرار بالسر أحيانا والعلانية أحيانا كثيرة كتقديم الدعم المادي واللوجستي للعصابات الارهابية وتنفيذ عمليات اجرامية داخل الاراضي العراقية بتخطيط مخابراتي من تلك الدول الصديقة والجارة كذلك الهجوم الاعلامي لبعض فضائيات وقنوات ووسائل اعلام هذه الدول وهي تحاول تصوير الواقع العراقي كواقع اسود ميئوس منه ذي نزعة طائفية وبوجود حرب اهلية وانفجارات تدميرية وعمليات اغتيال دموية منظمة وفساد أداري ومالي ضخم وسرقات وازمات لا حل لها دون النظر الى الانجازات المتحققة في هذه الفترة القياسية جدا وأقصد العام الواحد لقيادة الحكومة الحالية للعملية السياسية في العراق مع ان هذه الاساليب والوسائل العدائية للشعب العراقي هي معروفة ومكشوفة وباتت من ضمن تسميات الماضي القريب رغم استمرارها لليوم ،إلا ان الامر الجديد (في شكله وليس طرحه) هو استضافة بعض الدول العربية والخليجية والاقليمية لمؤتمرات ودعوات لشخصيات ارهابية طائفية مطلوبة للقضاء العراقي واقامة الحوارات والمناقشات وتشكيل جبهات سياسية (معارضة) لنظام شرعي تم اقراره عن طريق ارادة الجماهير المليونية من أجل اضعاف وتشويه صورة هذه الحكومة والعمل على اسقاطها .
آخر هذه المؤتمرات ما عقد مؤخرا في مصر المبارك وقاهرة العرب والحقيقة ان هذه المؤتمرات والاجتماعات لم تقتصر على مصر فقط فقد كانت هناك مؤتمرات وندوات اخرى في تركيا والسعودية وقطر والاردن وهذه الدول التي أعلنت أكثر من غيرها باهتمامها البالغ بأمن واستقرار العراق وسارعت الى احتضان لقاءات بين اطراف العملية السياسية والاحزاب والكيانات الاخرى وممثلي المراجع الدينية والشخصيات المستقلة وتوقع عهود ومواثيق شرف لحفظ وحدة العراق واستقلاله كوثيقة مكة ودور الجامعة العربية وأمينها العام ومؤتمر القاهرة كما ان قطر التي سبق وان تعهدت بتعهدات مماثلة لم تبتعد كثيرا عن قناتها الارهابية (الجزيرة) واعاءاتها بحرية الاعلام في حين ان تركيا قد حشدت جيوشها على الحدود العراقية وقصفت عدة قرى كردية تحت ذريعة ضرب المعارضين الاكراد وتناست ذلك واحتضنت رموز الارهاب وقادته وهم يعدون العدة من اجل عرقلة نجاح العملية السياسية الجديدة في العراق .
السؤال الاهم من هذا كله هو بعد ان عرفنا مواقف أشقائنا وجيراننا وهو موقف ليس بجديد ، ماذا سوف يكون الموقف العراقي بحكومته وخارجيته من هذه الدول الراعية للارهاب ؟ وهل ستستمر أيادينا ممتدة لهم بيضاء ناصعة مع استنزاف خيراتنا والاستفادة من مشاريعنا وأموالنا؟ وهل ستكتفي وزارة الخارجية بالشجب والاستنكار والدعوة الى توضيح الاسباب أو انها ستتخذ موقفا حازما ورادعا تجاه تلك الدول كغلق سفاراتنا وقطع الاتصالات السياسية والاقتصادية معهم ؟لاسيما وان الحرب على الارهاب وهم يدعمونه ويمولونه قد اصبحت حربا ضروسا لا يمكن إلا ان يتم النصر فيها.
https://telegram.me/buratha