بقلم : طالب الوحيلي
من البديهي ان نتصور الدور الذي يلعبه الإعلام الغربي والأمريكي في التأثير على الرأي العام المحلي والعالمي ليكون فيما بعد العامل الأخطر المكون لصنع القرار السياسي الذي يتعدى حدود المحلية عادة باتجاه الواقع الدولي ومفارقاته المختلفة .وبالقدر الذي نبخس فيه الصحافة ولا نعيرها الاهتمام المطلوب الا كونها مجرد نوافذ لنقل الخبر المكتوب بعد ان مر على الفضائيات المختلفة او استقر على صفحات مواقع الانترنت ،او انها موثقة لحدث او رأي عابر قد يبقى كاتبه مغمورا وأدنى بكثير من تقولات سياسي ما زال يتهجأ أبجديات السياسة ليدلي بدلو اكبر من حجمه بكثير ،بهذا القدر او ذاك تقفز رؤى وتصورات كتاب الأعمدة او التقارير في الصحف العالمية لتغير من تصورات دهاقنة السياسة وصناعها ،ولعل تقرير بيكر هاملتون كانت أهم مصادر معلوماته هي التقارير الصحفية المنتقاة حسب إثارتها لا حسب دقتها او صحة ما ورد فيها حسب مواقع الأحداث ومسارحها ،وبلا شك فان وراء هذه التقارير جهات محلية او دولية قادرة على تمييع الحقائق وتزويرها او التمهيد من خلالها الى صناعة احداث مؤثرة لتصير عينا بعد ان كانت خبرا !! بما متوفر لها من رساميل خيالية رصدت لسحب البساط من تحت أقدام الساسة العراقيين الذين تنقصهم اليوم الماكنة الإعلامية الفعالة برغم وفرة الكم المترنح تحت أنماط لا ترقى الى التحدي الذي يواجه العملية السياسية العراقية ،فقد قطعت قوى الباطل البعثية والصدامية أشواطا بعيدة في شراء ذمم رجال الإعلام العرب او الدوليين ناهيك عن تجيير عدد خطير من الفضائيات والإذاعات العالمية للضد من الواقع العراقي والمسيرة الديمقراطية ،لاسيما الوكالات الدولية كرويتر وغيرها ،فهي برغم من كونها وسائل إعلام ينبغي فيها الحيادية ،الا ان العاملين فيها منحازون دائما ضد الشعب العراقي والقوى السياسية التي انتخبها ،حيث تسعى دائما الى تصوير الواقع العراقي بصورة مشوهة تملا متابعها اليأس والقنوط من مستقبل زاهر ،مستقطبة عناصر حاقدة على الشعب العراقي اما طائفيا او سياسيا او عنصريا ،قاصدة بذلك خلق انطباع دولي بفشل التجربة العراقية المتجسدة بما يسمونه بالمشروع الأمريكي ،دون ان تعكس الحقيقة بشفافية ،فهي لا يمكن ان تجهل حقيقة النظام البائد وما الحقه بالعراق والمنطقة من كوارث تستحق ان يحاكم عليها دوليا عدة مرات ،كما انها ان جهلت واقع المكون العراقي وعمقه التاريخي ومستوياته الاثنية وحجومها ،فان حديثها عن العراق مجرد لغو او نعيق ،فالانتخابات العامة كانت ميزة القرن بما اشتملت عليه من معان لا حصر لها كلها تشير بالاتجاه نحو حقوق الشعوب المضطهدة في تقرير مصيرها ،وقيام حكومة مشاركة وطنية هو استغفال لاستحقاق انتخابي لو تحقق لكانت هناك حكومة طائفية او لنقول مذهبية ،لكن الحقيقة هي على العكس فقد تنازل الفائزون بالانتخابات عن حقهم لصالح مشاركة الجميع لتكون الحصيلة حكومة محاصصة يطمح الخاسرون فيها الى إعاقة تقدم العملية السياسية وإنهاء الملفات المعقدة باتجاه بناء دولة القانون التي ينادي بها قادة الأحزاب الفائزة وكتلهم الكبيرة كما يدعو لها مراجع الدين بعيدا عن الطائفية المقيتة او الراديكالية ،بل ولد في العراق نمط ديمقراطي معتدل يسعى لاحتضان الجميع بما فيهم بعض خصوم الأمس ممن لم تؤشر ضدهم ملاحظات تشي بارتكابهم جرائم ضد الشعب العراقي ..
دستور دائم كتب من قبل جمعية منتخبة واستفتي عليه في وضح النهار وامام العالم وبشهادة الامم المتحدة ومباركتها ،و حكومة دستورية منتخبة تمثل كافة الوان الطيف العراقي ،ومكونة حسب نقاط اخذت بنظر الاعتبار عدد المقاعد التي حازتها تلك الكتلة او ذلك الحزب ،يقابل ذلك تحشيد إرهابي شاركت فيه دول الجوار ومستويات طائفية و تكفيرية و سياسية ،والقصد من ذلك كله الثأر من الشعب العراقي لخلاصه من النظام البعثي والانتقام من هذا الشعب للقضاء على الطاغية صدام ،ومحاولة إلغاء او إنهاء التجربة الديمقراطية الجديدة واعادة المعادلة الظالمة لتحكم الشعب العراقي من جديد أسوة بالشعوب العربية التي بقيت ترزح تحت تسلط أصنامها المستبدين ..وعودة لبدأ ،فقد نشرت صحيفة الوطن الكويتية مقالا مترجما عن صحيفة ( واشنطن تايمز) بقلم: جيمس ليونز ، القائد الأعلى للاسطول الأمريكي سابقا بعنوان ـ هل هناك حاجة لتجاوز حكومة المالكي؟ حان وقت اتخاذ القرار الحاسم في العراق ـ والغريب فيه ان الكاتب تحدث عن الواقع العراقي من وجهة نظر صالح المطلك وجماعته البعثيين متعمدا وصف الحكومة العراقية بالطائفية وقد لايدري بان نسب الشيعة والسنة متعادلة اذا ما اعتبرنا الكرد من طائفة السنة ،فيما توزعت الوزارات بهذا المستوى في وقت يتجنب جل اعضاء الحكومة من كتلة الائتلاف الحائزة على اكثر من 128 مقعدا في البرلمان من اصل 275 وحلفائهم في القائمة الكردية من تلف أي وصف يرمي الى الطائفية بشيء سوى في الرثاء على مئات الالاف من ضحايا الارهاب او المهجرين او المستباحة حرماتهم كون معظمهم من اتباع الطائفة الشيعية !!فهذ الكاتب يعتقد بان (كل ما تحقق من تحسينات في مجال الامن والبنية التحتية والنشاط الاقتصادي حتى هذه اللحظة كان نتيجة للجهود العسكرية والمالية الامريكية، ولم تشارك فيه الحكومة المركزية مطلقا).وذلك تجني كبير على الحكومة العراقية وعلى قوات الامن التي ما ان تحل في منطقة ساخنة الا وحققت حسما عسكريا بالرغم من فقر إمكانياتها المادية والتجهيزية التي قد تتخلف كثيرا عن إمكانيات الزمر الإرهابية ،مما يضطرها الى انتظار المدد والإسناد البخيل من القوات المتعددة الجنسيات ،بل ان هذه القوات تحولت في كثير من الاحيان الى عوامل معرقلة لفرض الأمن في بعض المناطق المستقرة امنيا وتطبيق خطة فرض القانون ،فيما يشهد أبناء شعبنا على المناطق التي تقع ضمن سيطرة تلك القوات على تدهور خطير في الامن وسيطرة مطلقة لقوى الإرهاب بمسمياتها المختلفة كما في العامرية وابي غريب والتاجي والطارمية ،ويؤكد ذلك ما قال تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ،السبت الماضي الذي افاد بإن القوات الأمريكية فى العراق أقامت علاقات مع عشرات الميليشيات السنية المسلحة في منطقة العامرية وأوضح التقرير ان الأمريكان يعرفون ان هذه المليشيات تضم عددا من (المتمردين)الذين شنوا هجمات على القوات الأمريكية في وقت مضى، في محاولة لطرد القاعدة من العراق!!"، وأشار التقرير إلى أن "الامريكان ضمنوا تقديم الدعم لتلك الجماعات، و ان "هذه الجماعة تشكلت بعد ان تركت القوات العراقية المنطقة " بحسب الصحيفة . ويضيف "يخطط الامريكان لجعل هذه الجماعة قوة شرطة العامرية (أودع البزّون شحمه)،وان تحالف الأمريكان هذا مع جماعات تشتغل وفق أجندة معينة لزمن طويل شيء غير واضح المعالم ، كما انه يتناقض مع تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي التي تقول بوجوب نزع السلاح من الجميع باستثناء القوات العراقية". ويرى التقرير أن "هذه الميليشيات السنية التي بدأت بالظهور سوف تسبب مشكلات خطيرة اذا تحولت للقتال ضد القوات الامنية ".
واذا كان الكاتب المذكور قد أشاد بصحوة أهل الانبار ومحاربتهم للقاعدة او غيرها من الزمر الإرهابية ،معتقدا تعاونها مع قوات الاحتلال ،فان شيوخ العشائر وقادة مجلس إنقاذ الانبار يرتابون من مواقف تلك القوات وينتابهم الشك في معالجتها للإرهابيين ،الى ذلك اتهم رئيس مجلس إنقاذ الأنبار الشيخ حميد الهايس القوات الأميركية بالتعامل مع ارهابيي تنظيم القاعدة بلطف بعد إلقاء القبض عليهم، مشيرا في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن لديه خطة عصرية لتطوير محافظة الانبار ثقافيا وحضاريا.
ويعبر الشيخ الهايس الذي يقاتل تنظيم القاعدة الإرهابي في غرب العراق، عن فخره بالانتصارات التي حققها مقاتلوه ويدعو إلى تطبيق قانون العشائر بحق الإرهابيين ، معتبرا أن الأميركيين لا يتعاملون معهم بالصرامة اللازمة، ويقول إن الأميركيين لطفاء جدا في تعاملهم مع الإرهابيين لدى اعتقالهم. ويضيف الهايس: "أقول للأميركيين دائما، لماذا تعتقلون العدو؟ لا تعتقلوهم، دعوهم لنا، لدينا في قانون العشائر، وهو تقليد لا يمكن أن يتغير، أن القاتل يجب أن يُقتل. مشددا على أن عدم استخدام القوة ضد المسلحين سيؤدي إلى نشر الإرهاب".
https://telegram.me/buratha