خضير العواد
لقد دأبت الأمم على تكريم أبطالها والأشخاص المتميزين فيها ، فتارةً يكون التكريم بحفظ صورهم وأسمائهم في متاحف خاصة أو تأليف الكتب عن حياتهم بالإضافة الى تدريس بطولاتهم للأجيال حتى يكونوا لهم قدوة حسنة في هذه الحياة لكي يحصلوا على أجيال تتصف بصفات قريبة لهؤلاء الابطال ، لقد مرت الأمة العربية في إنتكاسة كبيرة واستمرت لمئات السنين من بداية الإستعمار العثماني الى السنوات القليلة الماضية ، والأمة تخرج من هزيمة لتدخل في هزيمة أخرى وآخر الهزائم الخسائر التي تكبدتها في حروبها مع إسرائيل ،
ووصل بها الأمر الى التذلل الى إسرائيل من أجل قبول الصلح معها وبالشروط الإسرائيلية وإعطاء فلسطين هبة الى العدو الإسرائيلي تحت عنوان التطبيع مع الجارة إسرائيل حتى وصل الأمر الى إقامة علاقات مع هذا الكيان من قبل أغلب الدول العربية وفي مقدمتها مصر والأردن وبقية الدول الخليجية ، ولم يبقى في جبهة المواجهة إلا سوريا ومجموعة من الشباب الذين نذروا أنفسهم من أجل إيقاظ الأمة من هذا السبات المذل ، وبالفعل لقد أنتصر الشباب العربي الثوري في أغلب مواجهاته مع إسرائيل وفي كل مواجهة يخرج هؤلاء الشباب أكثر إندفاعاً وإصراراً وعزيمةً على متابعة النضال ضد هذا الإحتلال الغاشم ،
وأصبح هؤلاء الشباب الرموز التي يتغنى بهم الشباب العربي الذي وجد فيهم ضالته وكبريائه الذي فقده من سنين طوال ، وفي كل إنتصار تحرزه المقاومة العربية وفي مقدمتها حزب الله لبنان تضع الحكومات العربية المتخاذلة في موقف محرج وتثبت للشعوب العربية فضاحت الأخطاء التي تقوم بها هذه الحكومات ، واصبحت هذه الحكومات في موقف محرج من قبل شعوبها وهي تشاهد مجموعة من الشباب المؤمن يحطم كبرياء الدولة التي قهرت جميع الحكومات العربية وهذه الحكومات تنازلت عن جميع الحقوق من أجل إقامت علاقات مع هذا الكيان ،
لهذا قامت هذه الحكومات بدعم إسرائيل وأمريكا من أجل تحطيم هذه التنظيمات المقاومة فدعمت إسرائيل في حربها ضد حزب الله 2006 بل أجبرت علماء السلطة بأن يحرموا حتى الدعاء لهؤلاء الشباب المؤمن بقضاياه العادلة ضد العدو الصهيوني ، وأما المقاومة الفلسطينية فقد حاصروها من كل مكان بل منعوا عنهم حتى الأكل والدواء من خلال الحصار الذي طبقوه عليهم ، ولكن كل هذه التحركات فشلت وأنتصر المقاومون مرة أخرى ،
ولكن كل هذه الإنتصارات لم تأتي عن فراغ بل تحققت لتوفر مجموعة من العوامل وأهمها تواصل الدعم لهذه المقاومة عن طريق سوريا ، هذه الدولة التي وقفت وقف مشرفة وبطولية في تقديم كل التسهيلات من أجل نجاح هذه المقاومة ، وقد هُددت سوريا عدت مرات وحُصرت من أجل قطع طريق الدعم الذي تقدمه إيران لهؤلاء الشباب العربي الثوري ، ولكنها أبت وأصرت على الإستمرار في هذا الطريق ومهما كانت النتائج ، وبسبب فشل الدول الغربية وإسرائيل وبقية الدول العربية الخائنة لقضاياها الوطنية في هزيمة شباب المقاومة توجهت الأنظار الى قطع طريق الدعم من خلال تغير النظام في سوريا الى آخر يعطي ولاءه الى إسرائيل والغرب ،
وقد حشدوا كل الطاقات لهذا الأمر وفي مقدمتها التغطية الإعلامية والمالية ، فبدأت حملة التغير تحت عنوان مساعدة الشعب السوري في بناء نظام ديمقراطي ، علماً أن الدول التي تقوم بهذه الحملة جميعها أنظمة دكتاتورية تعتمد في حكمها على عائلة واحدة فقط ويجب أن يعطي الشعب ولاءه الكامل لهذه العائلة ، وترفض هذه الدول مطالبات الشعوب بالأنظمة الديمقراطية وهي التي أرسلت الجيوش لكي تقتل الشعب البحريني الذي يطالب بحقوقه من سنين وهي التي رفضت خروج الشعب المصري ضد حسني مبارك وهي التي أجهضت الثورة اليمنية وغيرها من المواقف المتعسفة ضد إرادات الشعوب وحقوقها ، لهذا من سخافات الدنيا أن تتخذ السعودية وقطر حريات الشعوب كوسيلة من أجل تحقيق المخطط الإسرائيلي الغربي في ضرب المقاومة الثورية ،
فجمعت السعودية وقطر المرتزقة من كل مكان وخصوصاً شمال أفريقيا (تونس ، ليبيا ، الجزائر، المغرب) الذين قد غُسلت عقولهم بأفكار الوهابية التي خلقها الجاسوس البريطاني(همفر) في الجزيرة العربية وغدقت عليهم بالمال والسلاح والتدريب تحت الإشراف الأمريكي الإسرائيلي ، وبدأ الهجوم على سوريا من جميع الجهات التركي والأردني واللبناني بالإضافة للعراقي عن طريق إقليم كردستان ، يدعم هذا الهجوم جميع القوى الاستكبارية في العالم بحيث لم يجتمع العالم على دولة كما إجتمع على سوريا إلا ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ،
ويرافق التحرك العسكري على الأرض الدعم الإعلامي العالمي الذي بدأ حملة إعلامية مكثفة على سوريا وقد غير كل الحقائق وشوه كل الصور ونقل أحداث للعالم تخالف الواقع بالإضافة الى نشر النعرات الطائفية مما دفع المواطن العربي الى دعم العملية السعودية القطرية الغربية في ضرب القاعدة الداعمة للمقاومة العربية (سوريا) ، أي كل هذه الحشود والمواقف الدولية من أجل تدمير المقاومة العربية بأبطالها الشباب العربي الذين نذروا على أنفسهم أن يوقظوا هذه الأمة من خنوعها وذلها الطويل ، ولكن الأمريكان والإسرائيلين جعلوا الشعوب العربية هي التي تقوم بتصفية الشباب الثوري بقيادة السعودية وقطر بعد أن عجزت هي نفسها على ذلك ، فيالتعاسة وبوؤس وتخاذل هذه الأمة التي تقوم بقتل أبطالها الذين يريدون أن يرفعوا رأسها عالياً.
https://telegram.me/buratha