الكاتب:عمار احمد
استبشر ملايين العراقيين من الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية خيرا عندما سمعوا تصريحات بعض السادة المسؤولين عن النية برفع رواتبهم في العام المقبل. وما وسع حجم ومساحة الفرح والاستبشار كثيرا هو الارقام المهولة للموازنة المالية لاتحادية للعام المقبل والتي عدها سياسيين واقتصاديين كثيرين بأنها الاكبر في تأريخ العراق منذ تأسيسه، حيث بلغت مائة وسبعة عشر ترليون دينار أي مايعادل مائة وعشرة مليارات دولار. اضافة الى ذلك فأن ما وسع حجم ومساحة الفرح والاستبشار هو التوقعات بأرتفاع معدلات انتاج وتصدير النفط، وارتفاع اسعاره في الاسواق العالمية خلال الاشهر القادمة.تبددت كل الامال والتمنيات والافراح وذهبت ادراج الرياح ما ان اعلنت تفاصيل وابواب الموازنة المالية للعام الجديد، ليتضح وعلى لسان معالي وزير المالية الدكتور رافع العيساوي انه لن تكون هناك زيادة في رواتب الموظفين والمتقاعدين خلال العام المقبل. انها فعلا صدمة عنيفة لشريحة من ابناء الشعب يعاني الكثير من ابنائها من مشاكل ومعاناة اجتماعية كبيرة بسبب ضغوطات الحياة اليومية والاعباء المترتبة على غلاء المعيشة.لماذا تبقى اوضاع غالبية ابناء الشعب العراقي على حالها ، ان لم تزداد سوءا في الوقت الذي تزداد فيه ثروات البلاد وموارده؟.. ولماذا الخدمات الاساسية والبنى التحتية بائسة ولايتغير واقعها ويتحسن رغم التخصيصات المالية الهائلة لها؟.ووفقا لاحصيات رسمية من قبل وزارة التخطيط يبلغ عددموظفي الدولة والمتقاعدين والمشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية خمسة ملايين شخص، وهذا عدد غير قليل، وبالنسبة للموظفين الذين مازالوا يمارسون وظائفهم وقسم قليل من المتقاعدين قد تكون اوضاعهم افضل من ملايين العراقيين الاخرين، فهناك الارامل والايتام وذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين وجيوش العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات والمعاهد، وتكفي الارقام التي اعلنت عنها لجنة حقوق الانسان البرلمانية مؤخرا عن اعداد الايتام والارامل في البلاد دليلا عن حجم وعمق الازمة الحياتية الخطيرة، فرئيس اللجنة سليم الجبوري يؤكد ان هناك اكثر من ثلاثة ملايين يتيم واكثر من مليون ارملة في البلاد يعيشيون معاناة صعبة اضافة الى معاناة الاقليات من الضغط السياسي لانشغال بعض القوى بالملفات السياسية والذي انعكس بشكل سلبي على ملف حقوق الانسان.وتزداد مساحة المشكلة الخطيرة، عندما ترد احصائيات او تقديرات عن اعداد اطفال الشوارع المتسولين او الذين يبيعون الاشياء البسيطة في تقاطعات الشوارع والساحات وكراجات النقل بطريقة تشبه الى حد كبير التسول ومعهم اعداد كبيرة من النساء من اعمار مختلفة والشيوخ،بل وحتى بعض الذين هم في عمر الشباب.واذا كانت ثروات البلاد تزداد وترتفع كثيرا والملايين من الناس تشعر بالحرمان والعوز والتهميش والاهمال، فماذا يعني ذلك؟.. مع وجود طبقة او فئة قليلة من السياسيين وكبار المسؤولين والتجار تزداد غنى ورفاهية وثراء.. يعني بأختصار غياب العدالة واستشراء الفساد والمحسوبيات والمنسوبيات، وعدم اهتمام الحكومة بالمواطنين الذين يحتاجون الى الاهتمام والرعاية والاستفادة من ثروات بلدهم ربما تكون موازنة العام 2013 مائة وعشرين او مائة وثلاثين مليار دولار ، وربما تزداد في الاعوام اللاحقة، ولكن ما الفائدة اذا لم يتغير الواقع نحو الافضل وتبقى المشاكل على حالها والمعاناة تزداد حدة ووطأة؟.
https://telegram.me/buratha