من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
إستمر تصاعد روح الثورة، ورفض الشعب العراقي لنظام صدام .. حتى إنفجر العراق بأكمله في أنطلاقته المقدسة الشاملة في عام (1991) م, فكانت إنتفاضة الخامس عشر من شعبان المظفرة, حيث كانت تعبير حيّ عن الصورةالحقيقة لولاية الشعب العراقي لأهل البيت(عليهم السلام), ورمزاً لتجديد البيعة والعهد لمولانا صاحب الأمر (عجل الله تعالى فرجه الشريف وسهل مخرجه)؛ لأنها حصلت في ذكرى أحياء يوم ولادته الميمونة, معبّرة عن واقع الشعب العراقي في الرفض العلني لهؤلاء الطغاة البعثيين, ودفاعاً عن الدين والعقيدة الحقة. وماكان أمام النظام إلاّ ان يقمع هذه الأنتفاضة تحت غطاء أمريكي وضوء صهيوني أخضر, وأوّل ما قام به هو قصف الأضرحة المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء بالطائرات والصواريخ والمدفعية والدبابات, مستخدماً جميع ما لديه من أمكانات, بعد أن هُزِمَ من الكويت من قبل دول التحالف الأطلسي بعد أجتياحه لها .., حيث استهدف حرم الحسين(عليه السلام) بالخصوص موجهاً له أشد الضربات, ليطفئ لهيب الثورة, متذرعاً بأن (غوغائيين) قدموا من الخارج، وأحدثوا اعمال الشغب من داخل الحرم المطهر!وهكذا كثف ضرباته على الحرم الحسيني المطهر بواسطة جيشه الخاص الذي يعبر عنه بجهاز الأمن الخاص -وكان بأمرة المقبور حسين كامل؛ والذي نال جزائه نتيجة لضربه لحرم الحسين وتهديم القبة الشريفة وسور الحرم والرواق ..حتى أمر بدخول الدبابات وأوغاده الوحوش إلى داخل الحرم وسلبوا الكثير من المجوهرات التي كانت تزين الضريح المقدس, ونهبوا الكم الهائل من الأموال، ومما هو ثمين فيه, ونتيجة لفعله هذا، بأن قُتل أبشع قتله على يد البعثيين أنفسهم بأمر من صدام ..!أما الحرم الشريف, فقد سالت فيه الدماء الطاهرة للمجاهدين والزوار الذين كانوا فيه, وسيطر أوغاد صدام المجرم على الحرم المطهر, وقد فعلوا مثل مافَعلَ أسلافهم الوهابية -كما سبق تفصيله- فخرّبوا المرقد الشريف ومايحيط به من البناء، وقلعوا الصفائح الذهبية التي كانت تكسوا المرقد والقبة، والأبواب بنسبة كبيرة, بل أخذوا يوجهون رصاصات الغدر العدوانية نحو المرقد الطاهر, والى داخل الضريح والقبة، وثقَّبوا الأبواب المؤدية له, ولاتزال آثارها موجودة ليومنا الحاضر منذ ذلك اليوم, وقد شاهدتها بأم عيني أثناء زيارتي للمرقد الطاهر بعد تلك الأحداث، كما شاهدها الكثير من أبناء شعبنا الذي لا حولَ له ولا قوة ولا ناصر ينصره آنذاك، عندما أوشك صدام على السقوط في الهاوية.نعم, لا حظنا هذه الأفعال الخبيثة عندما كنا في العراق الحبيب, وعيوننا تذرف بالدموع, عندما هدأت الأوضاع للبعثية, وفتح المجال لزيارة تلك العتبات، والتي يخيّم عليها الذل لما سادها من الخراب والوحشة, وإن كانت في حقيقتها زاهيةً, ولم تقلل هذه الأفعال من علوّ منزلتها ورفعة مقامها بين شيعة أهل البيت(عليهم السلام), بل أصبحت شاهداً حيّاً على إنحراف النظام, وفضحت جريمته, وكشفت بغضه لعلي, والحسين وآلهما(عليهم السلام).لكن, لن تبرد حرارة الثورة الحسينية في قلوب المؤمنين في العراق الحبيب, وواصلوا زيارة الحسين(عليه السلام), وباقي الاضرحة المقدسة لأهل البيت في العراق, وإنفردت زيارة سيّد الشهداء بتوافد الزوار حتى بلغت الملايين منهم, وذلك عندما نمت عروق الثورة في الخط الصدري من جديد, حيث تغذت من فكر السيد الشهيد (محمد محمد صادق الصدر >رضوان الله تعالى عليه<), وأستقت من فيض ينبوعه الفكري, ونشطت لصلابة قائدها, وحسن تعامله مع الأحداث السياسية الساخنة في العراق .. حتى إنقلبت أمور البعثيين على عقبها, وإنكسر قيد الحصار والسيطرة على الشعب, وتحوّل إلى صرخة الحريّة, عندما قام هذا الرجل العظيم والعارف الألهيّ بالملايين من أبناء العراق وشيعته, فأظهر الصورة الحقيقية للتشيع بكل شجاعة, ليكون هو الآخر بركاناً ثائراً بوجه الطغاة ويحيي خط السيد الشهيد الصدر (+), فشيد قاعدةً متينة للجهاد على أسس التضحية والفداء, وعبَّد لهذا المجد الشيعي خط الجرأة والنداء بنداءات الاسلام المحمدي الأصيل, ثم سقاه بدمائه الزكية, باستشهاده على ايدي الطغاة المجرمين, وبقي خالداً في نفوس الملايين من شبعه.الحاصل:لقد عظمت على قلوب شيعة أهل البيت بصورة عامة، ومحبي الحسين وزوّاره بصورة خاصة، الأحداث العدوانيّة التي صدرت من قبل حكّام البغي والعدوان، النواصب لآل محمّد، والتي تعاقبت على الحرم المطهّر بين حين وآخر، مِنْ أجل محو آثاره.الأمر الذي دعا هؤلاء المخلصين مِنْ أتباع أهل البيت، المبادرة الى عمرانه وزيارته وحثّ الناس على ذلك، مِنْ أجل الحفاظ على شموخه، باعتبار رمزاً ولائياً، وثوريّاً يمثّل الإِسلام وأهله، ومقتضى ذلك لابد أن يزهو، ويسموّ، ليكون دليلاً على إنتصار النهضة الحسينيّة، وهوية فخر للحريّة الاسلاميّة.* * *خاتمة الكلام :لقد تعابت الأحداث على الحرم الحسينيّ المطهّر، فعمّت الحائر، والمرقد، وكانت في واقعها بين أحداث عدوانيّة إستهدفت محاربة هذا الصرح الثوريّ الشامخ، والقضاء على آثاره، وبين حملات ومبادرات ولائيّة أرادت الحفاظ عليه.ففي الحقيقة ظهر لنا ـ من خلال استعراض واقع الأحداث التاريخيّة المتعاقبة على الحرم المطهّر ـ منهجين متوازيين، منهج الحقّ والولاء للحسين (عليه السلام)، ومنهج الباطل والعداء، وكلّ من هذين المنهجين أخذه دوره واتّضحت أهدافه في المجتمع؛ وذلك من خلال أفعاله وتصرفاته العمليّة تجاه المرقد الشريف لأبي عبدالله الإمام الحسين (عليه السلام)، فإنفرد منهج الولاء بالدور المشرّف والممدوح بين الناس.* * *
https://telegram.me/buratha