من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
لقد كانت أجهزة القمع والأرهاب لنظام الطاغية صدام, منذ اليوم الأول لسلطتها تعمل على إخمادة همة الشعب العراقي, لكن شعبنا الأبي أبى أن يكون ذا صدراً مخنوقاً, فهتف رافضاً للعصابة الصدامية, ولم يتراجع عن صرخته وإصراره على المقاومة, بالرغم من كثرة الأعتقالات السياسية والتصفيات الجسدية, حيث باتت السجون تحبس بين جدرانها الآلآف من خيرة رجال الشعب، والعفيفات من نسائه.ومن أجل ذلك أيضاً .. تصاعدت الأصوات بالرفض أكثر فأكثر .., وأعلنت استعدادها للتضحية والفداء ثباتاً على ولاية أهل البيت(عليهم السلام), لكن على صعيد محدود إنحصر في بادئ الأمر, بالعلماء وطلبة الحوزة العلمية, وطلبة الجامعات -كما حصل في الجامعة المستنصرية ببغداد-, والطبقة الواعية من المثقفين والمتدينين في المحافظات الأخرى .., فحصلت أعتقالات عام (1974) م وأقدم النظام الصدامي المجرم على إعدام الكوكبة من الشهداء الخمسة( ), وكان في أثر هذا الحدث المؤلم الأعتقالات الشاملة في صفوف العلماء المتدينين من أبناء شعبنا الصامد, ثم كُثفت حملات القمع على زوّار الإمام الحسين(عليه السلام) خصوصاً في ايام عاشوراء, والاربعين في صفر, والزيارة الشعبانية, وذلك لمنعهم من أداء مراسيم الزيارة والعزاء.من هنا نهض مرجعنا الديني المجاهد الثائر اية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر لتفجير طاقات الشعب المتورمة, والشباب المؤمن بخط الحسين وآله الطاهرين(عليهم السلام), ففجر ثورته الاسلامية المباركة, فولدت إنتفاضة العشرين من صفر لعام ((1977)) م, عندما منع النظام البعثي زيارة سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام), وتشرّفت أرض العراق, وخصوصاً أرض كربلاء المقدسة بدماء الشهداء من زوّار الحسين(عليه السلام). نعم ..!, هكذا بدأت المعركة الساخنة بين الطغاة البعثيين, والأحرار مِنَ الشيعة, وهكذا أخذ التاريخ المعاصر يسجل تلك الأحداث بدماء الشهداء والمضحين من أبناء شعبنا الغيور على عقيدته ودينه, والحفاظ على ولائه وحبه لأهل البيت(عليهم السلام).ولم يهدأ تصادم الشعب مع الحكومة الجائرة, فتلتها إنتفاضة السابع عشر من شهر رجب المرجب لعام ((1979)), وواجه صدام ذلك بالقتل وسفك دماء المؤمنين -مع إنَّ هذا الشهر من الأشهر الحرم-, وأستمرت قوافل الشهداء السعداء .. حتى تفجرّ العراق بأكمله, بل أصر على مواجهة النظام, والسعي من أجل إسقاطه, ولازال كذلك, وذلك عندما أقدم صدام على إعدام مفجر ثورته الأسلامية الشهيد السعيد الغالي محمد باقر الصدر(+)( ).., فمُلئت السجون بالمجاهدين والأبرياء -رجالاً ونساءاً وأطفالاً, حيث فُرق بين الرجل وزوجته, والطفل وأبويه- وأصبحت الأعدامات على قدم وساق خصوصاً بعد إنتصار الثورة الأسلامية في إيران بقيادة آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني(+), عندما أظهر الشعب تأييده لهذه الثورة المباركة, وما كان من النظام البعثي إلاّ ان يشن الحرب العدوانية على إيران الأسلام, فأصبح الشعب العراقي بين مقتلٍ ومسجون ومشرّد .. ومضطهدٍ في بلاده!.وإستمرت هكذا الأوضاع، فاستطاع صدام ان يسيطر على زمام الأمر, مضافاً إلى أنه شغل الساحة الداخلية وأخمد الصراع السياسي بالحرب على الجمهورية الاسلامية, حيث زج الأغلب من الشعب في جبهات القتال -وكان قد فرض العقوبات الصارمة على من يتخلف عنها- حتى الشيوخ.لكن خمود الشعب الداخل لم يكن حقيقاً, وإنما ظاهرياً, أما في الخارج فالمقاومة مستمرة على الشريط الحدودي بأكمله, فلم تمض فترة طويلة, إلاّ وأنفجرت الأمة مرة أخرى .., فكان انتفاضة ساحة النهضة في بغداد عام ((1988)) م, وإنتفاضة السليمانية, فحركة الأكراد في شمال العراق, ومواجهات أهالي جنوب العراق في أهوار البصرة والناصرية والعمارة المستمرة في مسيرة الجهاد والتضحية.
https://telegram.me/buratha