من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
بعد فترة زمنية طويلة تعاقبت فيها الحكومات المتعددة على عراقنا الحبيب, وقد كانت ذا سياسات مختلفة بتعدد الحكام, فكل من هؤلاء له أتجاه الخاص, ولكن يختلف الحال بالنسبة للشعب العراقي المظلوم من قبل هؤلاء الطغاة, فالقسوة سائدة, والأرهاب متفشي, والظلم منتشر على قدمٍ وساق.فمنذ أن جاءت زمرة العفالقة البعثيين, وتسلطت على رقاب الناس في العراق -بعد أن تمكنت من إسقاط نظام الزعيم عبد الكريم قاسم في عام (1958) ميلادية- شمرت عن سواعدها, لتحيي أعراف أسلافها من الحكومات الطاغية التي تعاقبت على العراق الأبي, وتعيد أمجاد الظلمة فيه, بل تفننت في كيفية التسلّط الظالم, فأتبعت شتى وسائل الأرهاب والتعذيب تجاه الشعب, وإتخذت أسلوباً حاكماً بعيداً عن عزَّ الاسلام وتعاليم القرآن.., بل مخالفاًَ له تماماً.وهكذا الحال .. إلى أن وصل الحكم إلى الطاغية صدام التكريتي -بعد سفك طويل من الدماء حتى على مستوى الحكام-, فأشتدت الأزمات السياسية بالشعب العراقي بشكل عام, والشيعة بشكل خاص, وتوالت الأحداث الأرهابية. فكان أول هذه الأحداث تضييق الخناق على المرجعية الدينية, ومطاردة المؤمنين وزجهم في السجون, ومضايقة زوّار العتبات المقدسة, خصوصاً زوّار الحسين (صلوات الله عليهم) بصورة أخص, فكان أول مابادر به صدام وأعوانه هو منع إقامة الشعائر الدينية التي تقام عزاءً للإمام الحسين(عليه السلام), كإقامة المجالس الحسينية, والتشابيه التي تجسد واقعة الطف في يوم عاشوراء, وقراءة مقتل الحسين في عشرة محرم الحرام, وإطعام الطعام لمقيمي العزاء, وزيارة الحسين في أيام محرم وغيرها, بحجة واهية, بأن ذلك لمصلحة الحفاظ على أمن الشعب, وقد حاول البعثيون أن يروّجوا هذه الأشاعة, ويؤيدوها, بالأكتفاء ببث المقتل الذي قرائه الشيخ عبد الزهراء الكعبي( ) +في يوم عاشوراء عن طريق إذاعة بغداد سنوياً .., وأخذ صدام يتبع أشد اساليب القسوة والأرهاب والبطش .. مع شيعة آل البيت(عليهم السلام) متأسياً في ظلمه لهم بأسلافه من بني أمية وبني العباس, بل أشد منهم في ذلك كله, فمهما بلغ بأولئك الظلم لم يصل إلى ما بلغه صدام في عدائه للشيعة خاصة, فهو (أموي المنهج، عباسي السياسة) ... ويمكن أن نقول أنه يزيد العصر.ومن هنا إنطلق الشعب العراقي رافضاً لنظام الطاغية صدام, وتصاعدت روح النقمة في صدور الملايين من هذا الشعب الصابر على الظلم عقود من السنين في الجور والبغض -على العراق العزيز- وتورّمت روح الجهاد في داخل بطون أبنائه على الزمرة البعثية الحاكمة في بغداد؛ لأن البعثيين أثبتوا نظرياً وعملياً رفضهم لكل المبادئ والقيم الاسلاميّة العليّا, كما أظهروا بكل وقاحةٍ نصبهم وعدائهم لأهل البيت(عليهم السلام), حيث كان على رأس هذا الرفض المليوني علماء الدين وطلبة العلوم الدينية والثلة من المؤمنين الأخيار.فالشعب الذي حمل العقيدة السامية لمذهب أهل البيت قرون طويلة وضحى من أجل ثباتها على أرض العراق؛ والأمة التي حملت بين أحشائها حب الحسين وخطت عهد الوفاء على جدران تاريخها, وظلت مصيبة سيّد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه وعلى آبائه وآله), وضمّت بين جنبيها أهداف ثورته الجبارة تحت سقف الولاء والمحبة لآل محمد(عليهم السلام), لم تركن لهؤلاء العفالقة, ولن تبرد حرارة جهادها, ولا يخمد لهيب نارها, فبقي ويبقى حب الحسين والولاء له، والعهد لاستمرار ثورته قوةٍ كامنة في صدور المؤمنين بانتظار الفرصة المناسبة للأنفجار .. منطلقة، من حرارة قلوب حَزنُه لمظلومية أبي عبد الله الحسين(عليه السلام), ولن تبرد في قلوب المؤمنين على مر العصور, كما وصفها مولانا الإمام الباقر(عليه السلام) حيث قال: >نظر النبي'إلى الحسين بن علي‘ وهو مقبلٌ فأجلسه في حجره وقال: إنَّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً...<( ).
https://telegram.me/buratha