جاسم الصافي
كم مرة طرحت الفدرالية في محافل عديدة محلية وإقليمية ودولية فاعتبرها الكثير مؤامرة لتقسيم العراق وآخرون يخونون العاملين بفكرتها الى أن صارت هذه الفكرة تهمة يتداولها العامة والخاصة بالسر ،أما أعضاء البرلمان فهم يخشون أن تصلهم عدوى التخوين الوطني أو الإقصاء السياسي فيركنون هذا المشروع حد الإهمال، لهذا بقيت الفدرالية دعوى سرية حتى بعد أن صرح بها علانية أعضاء مجلس محافظة البصرة والموصل وغيرهم ، لكن إعلانهم هذا جاء متخوفا مثقلا بأعذار آنية ،طائفية ، هامشية ، بمعنى آخر انها كانت تصاريح خجلة وقلقة من بعض المسؤولين اعتمدت على ردة فعل ارتجالية لمشكلة الشارع و التي يمكن حلها بجرة قلم دون أن يكون لها بعد تنظيمي حقيقي ، لان الحقيقة التي دفعت هذه الجهات الى إعلان الفدرالية و هي اكبر مما هو معلن أو ظاهر ولا يمكن لمساحة مقالنا هذا أن يحتويها ، فبعد أن أعلن مجلس محافظة صلاح الدين فدراليته وهو أمر كان ينتظره الكثيرون ليعطيهم عزما أضافيا يشجعهم لرفع ترددهم في إعلان إيمانهم الفدرالي نجد أن العكس قد حصل وسيطرت تلك المخاوف على المؤيدين للفدرالية لدرجة انهم تركوا مساندة جمهور صلاح الدين والموصل المتهمين بمطالبتهم بفدرالية طائفية أو فدرالية تبعية ، وهنا نسأل أي نوع من الفدراليات التي نطمح إليها ؟ وهل أن أصحاب القرار يريدون نظاما شموليا كما كان سابقا ؟ ... ان كان هذا طموحهم لا داعي بعد اليوم للتبجح بالتغيير والديمقراطية في كل حفل أو ندوة ام أنهم يطمحون الى نظام فدرالي كردستاني ؟ و كلنا يعلم أن نظام كردستان هو نظام ( كونفدرالي ) وان حاول الاخوة الأعداء تجميله بماكياج الوحدة الوطنية و بمسمى فدرالي وهي العقدة التي استوقفت الجميع لأنها تجربة خاسرة في جمع شتات الوطن الواحد.إذن ما الطموح الحكومي ؟ما الطموح الشعبي ؟وما الطموح النخبوي للمثقف السياسي ؟وما هي البرامج التي تقدم لتطبيق الأسس الدستورية من قبل مؤسسات تعمل من سنين نحو مجتمع مدنيأن ما تغير في هذه المرحلة أي بعد مطالبة صلاح الدين بالنظام الفدرالي هو أننا كإعلاميين اكتشفنا مدى جهل العامة بهذا النظام نعم لقد عمدت منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية والتربوية والاجتماعية والاتحادات والنقابات بل وحتى الأحزاب لتعميم و تثقيف النظام المركزي وهو النظام التقليدية ( المفهوم الحكومي الشمولي ) بعد أن ركنت كلها تحت عباءة الحكومة التى حاولت وتحاول الاستحواذ على القرار المعارض ونسيت أو تناست تلك المؤسسات مشروعها الأهم وهو تأسيس دولة بدلا عن ترويض القوانين لمصلحة القوى التنفيذية والأسباب واضحة للجميع، ولم يعد يفهم احدنا الى أين يسعى وسط هذا التجهيل المتراكم لمفهوم النظام الفدرالي. لقد جربنا كل شيء إذاً لم لا نجرب الفدرالية والتي لا يمكن أن نحكم عليها بالفشل وهي لم تطبق عندنا حتى اليوم رغم أنها نظام يسهم بشكل مباشر في حل مشكلاتنا المحلية و الإدارية و الاقتصادية و السياسية وفي الوقت نفسه تقف في وجه غرور البعض في امتلاك ميزة هذا النظام ، ثم أن العالم كله تربطه المصلحة والعلاقة الاقتصادية والنظم الرأسمالية ونحن ما نزال نراوح في مكاننا ونردد ( عونج ياكاع ) (و ياحوم اتبع لو جرينه) ، أن وطنيتهم عارية متورمة بالرياء ولا يحوم في مدارها سوى التجهيل والديماغوغية الديمقراطية .إن الوحدات الإدارية في النظام الفدرالي ستخضع لتبادل المنفعة والتسامح الاقتصادي ما سيخلق بينها وحدة اقتصادية تفاهمية تقضي على العرق القومي والطائفي كما يجري في العالم الأوسع وهذه المصالح تخضع مرغمة لحكومة مركزية توحد إداريتها دستوريا فتكون بذلك قوية قادرة على حماية محيطها الإداري والسياسي والاقتصادي وهو مطلب عرقله الكثيرين ولا اعلم الى متى نبقى مثل البعير نحمل لحكامنا الذهب ونحن نأكل (عاگول) .
https://telegram.me/buratha