الكاتب: عمار احمد
في كل الحسابات والمعايير والاعتبارات فأن مبلغ مائة مليار دولار يعتبر كبيرا جدا بل وخياليا بالنسبة لدول في العالم الثالث والشرق الاوسط مثل العراق،ويمكن لها ان تحدث تحولا هائلا في واقعه الاقتصادي والحياتي اذا احسن التصرف بها وصرفها بالشكل الصحيح لا ان يذوب ويتلاشى القسم الاكبر منها في متاهات وغياهب الفساد الاداري والمالي.ينقل بعض المختصين والخبراء ان ميزانية العراق السنوية تعادل ميزانيات اربع او خمس دول مجاورة او قريبة للعراق. في ذات الوقت الذي يشيرون الى مفارقة يرصدها كل الناس وهي ان مستوى البناء والاعمار والخدمات في العراق تعتبر سيئة جدا ولايمكن مقارنتها بما هو موجود في الدول الاربع او الخمس التي مجموع ميزانياتها قد لاتصل الى ميزانية العراق.اين الخلل ؟؟... سؤال يتكرر في كل يوم وفي كل ساعة وفي كل لحظة.. والاجابة عليه باتت واضحة ولاتحتاج الى كثير من الشرح والتفسير والتحليل. وفي مقال لها تحت عنوان (اين ذهبت ميزانية العراق الانفجارية ...!!؟) نشرته قبل فترة من الزمن ، تقول الكاتبة ناهدة التميمي (هزني منظر طفل يتميم عمره حوالي ثلاث سنوات مشرد في الشوارع يستجدي المارة ولايجد ماوى آمن له يحميه من عاديات الزمن والمآل الى الانحراف او الاستغلال من قبل ضعاف النفوس ونزلت دموعي وانا اراه يعصب راسه الجميل بخرقة يتقي بها حر الشمس اللاهب في صيف العراق الحار والساخن بكل شي .. حاولت انسى هذا المشهد المؤلم عسى ان يرتاح الضمير من المصير المظلم الذي ينتظر هذا الطفل والصغار ممن في مثل حالته.. ولكن الفضائيات لم تمهلني كثيرا اذ عرضت قناة الحرة مشهدا لكثير من البؤساء يتدافعون على مكاتب الرعاية الاجتماعية للحصول على اعانة وقد بدا عليهم الفقر والبؤس والعوز والمرض وكل ياس الدنيا وهم يقولون انهم لم يحصلوا على اعانة منذ اربع اشهر .. تصوروا عوائل ليس لها دخل وتعيش في العراء وليس لديها مايطعمها او يلبي حاجاتها في الماكل والملبس والسكن ماذا تفعل ..؟؟)فعلا اين تذهب الميزانيات الانفجارية والبؤس والحرمان والخراب يعم البلاد؟. وقد يأتي من يقول ان الاوضاع جيدة والناس تأكل وتشرب وتركب السيارات وتسافر وتبيع وتشتري.. والله كل ذلك صحيح، لكنه لايمثل الواقع بالكامل بل انه يمثل جزءا صغيرا جدا منه.كم من العراقيين يفتقرون الى السكن، وكم منهم ارامل وايتام ومعاقين مهملي ومنسيين، وكم من العراقيين مازالوا يفتقرون الى الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء والمراكز الصحية والمدارس، وكم من خريجي الجامعات والمعاهد اخذوا شهاداتهم وراحوا يبحثون عن عمل حالهم حال من لايجيد القراءة والكتابة. هذه الظواهر يمكن ان تكون طبيعية جدا في بلد فقير يعتمد على المساعدات والمنح، ولكن في بلد غني بالنفط والموارد الاخرى وميزانياته انفجارية.تنتفي الغرابة ويتبدد الاندهاش وتنتفي التساؤلات حيال الواقع الحياتي المزري في العراق، عندما نستعرض جزءا وليس كل الارقام المرعبة للفساد المتمثل بالسرقات والرشاوى والنصب والاحتيال بطرق ووسائل يجهلها حتى الشيطان. وزراء ومسؤولين كبار يسرقون وينهبون ويتمتعون ويتنعمون دون قريب ولا حسيب، فهم فوق القانون.. بعضهم تركوا المناصب او ارغموا على تركها، وبعضهم الاخر مازال متربعا على الكرسي يصول ويجول.المعادلة القائمة .. طرفها الاول ملايين الناس المحرومين والخدمات المفقودة، وطرفها الثاني قلة قليلة قياسا الى الملايين المحرومة تنهب وتسلب وتستحوذ على حقوق هؤلاء الملايين..وتفكيك هذه المعادلة هو الذي يؤدي الى الاصلاح ورفع الظلم والاقتصاص من الظالمين، وبقائها يعني لاقيمة لاي حديث بهذا الخصوص.
https://telegram.me/buratha