المقالات

المبالغة المذمومة

1003 17:12:00 2011-05-25

السيد حسين الصدر

من التاريخ الى الجغرافية المبالغة المذمومة قرأت في (الموسوعة العربية المسيرة والموسعة ) /ج1 / ص236 ترجمة القرطبي ( أحمد بن عباس ت 427 ) - الذي كان وزيراً لزهير العامري الصقلبي أمير ( المريه ) ، والذي جمع من الكتب ما لم يكن عند ملك - قوله : ليَ نفسٌ لا ترتضي الدهر عمراً وجميع الأنام طُرّا عبيدا لو ترقّتْ فوق السماء محلاً لم تزل تبتغي هناك صعوداً

ولقد ذهلتَ لأول وهله ، لما تضمنه البيتان من صلف وغرور ، ناهيك عن (الذاتية ) التي تجاوزت كل الحدود ..!!لقد كان القرطبي واحداً من أولئك الذين هاموا بحب أنفسهم الى الدرجة التي لاتكتفي بان تعيش الدهر كلّه، أي انها لا تكتفي حتى بالخلود، الذي لا يتاح لأحد من الناس ..!!ولا يقف الأمر عند هذا الحد ، بل يرى نفسه أكبر من أن يكون الناس جميعاً عبيداً له ....انه يغفل عن أن هذا الشعور يعني ( الا لو هيه ) بعينها ، والاّ فما معنى عدم الرضا بان يكون جميع الناس عبيداً له ؟هنا يتحول الأغراق في حب الذات الى جنون مُطبق .وفي هذا التحوّل ، يكمن السقوط الأخلاقي والأجتماعي ، ناهيك عن السقوط العقائدي والديني .ان سمو النفس ، ورفعتها ، وطموحاتها نحو الرقيّ والتقدم شيء ، والنظر الى الناس على أنهم عبيد شيء آخر .انها نزعة عدوانية فيها الكثير من الشراسة والتنمر ، والخروج على القيم الدينية والأنسانية والأخلاقية والأجتماعية .انها لغة من يرى نفسه من ( طينة ) لا تشبهها طينة الخلق أجمعين .طينة تعلو على الأولياء ، والأتقياء ، والأبرار ، والصالحين ، والموهوبين من العلماء والمفكرين والأدباء ، والفنانين ....وهذه هي الحماقة بعينها هبْ أنه كان يرى نفسه موهوباً ، وربما كان كذلك ، ولكن ما معنى جعل المجتمع بكل طبقاته ، وكل شرائحه ومكوناته ، وكل أفذاذه وأعلامه، عبيداً له ؟ولو أصبحوا كذلك ، لما ارتضاهم أيضاً .....!!!انها صورة ناطقه عن التصورات الرهيبة للنرجسيين، عن أنفسهم، ومكانتهم وفي البيت الثاني :يعلن أنه لو وصل الى السماء علّوا ، لواصل الصعود ، ولم يكتف بما وصل اليه ..!!وهكذا تتضخم في النفس المريضة، مشاعر وأحاسيس ،تصلح ان تكون أمثله وشواهد ( للتفرعن ) في أعلى صِيَغهِ ودرجاته والسؤال الان :هل كان ( القرطبي ) يمثّل حالة نادرة في تصوراته وانفعالاته ؟ أم ان تضخم الجانب الذاتي موجود عن الكثيرين عبر الأقطار والأزمان، وان كانت الصور متفاوتة قوةً وضعفاً ؟ والجواب :ان البشرية ابتليْت بمثل هذه النماذج المتورمة وعانت منها الويلات والكوارث المفجعة .....ان معاناة الشعب العراقي من الدكتاتورية المقبورة البائدة، بكل ما أدعتّه من مناقب ، وكل ما سببته من مصائب، يرجع الى هذا الجانب حيث أنها ، أرادت تركيع الشعب العراقي وأذلاله بما فرضته عليه من سياسات رعناء وممارسات حمقاء، ومغامرات طائشة هوجاء .ولو لم تكن ثمة من جريمة الا المقابر الجماعية لكفاها ذلك خزياً وعاراً ..!!وهذا ملك الملوك (...) القذافي، يواصل رغم كل الوضوح الكبير بوصوله الى الطريق المسدود ،حملات الأبادة الجماعية لشعبه ، والذي يكتب بدم أبنائه اليوم ملاحم الرفض له ولنظامه ولأبنائه ولكل المرتزقة الحافين به ....انه يأمر بتوزيع حبوب ( الفياغرا) على قواته، لأغتصاب العفيفات من الأسر الليبية المناضلة ،في واحدة من أبشع الجرائم التي يرتكبها الحكام الطغاة المفتوتون بذواتهم ....وما يقع اليوم في اليمن ليس ببعيد عن هذا .ان حاكم اليمن يصّر على ان يكون البليد الذي لا يقوى على فهم ما يريده اليمن السعيد ، من حريات سياسية وحفاظ على الكرامة الأنسانيه .ان المسألة مسألة وقت ليس الاّ فالحراك الجماهيري المضطرم ، لا تعيقه عن الوصول الى أهدافه ، عقول متكلسة ، وزعامات ترفض الأعتراف بالمتغيرات و ( التسونامي ) السياسي الذي هبّ على المنطقة بأسرها وحق الشعوب في ان تنعم بالحرية والعدالة والكرامة الانسانية .وهكذا تتصل حلقات التاريخ من ( القرطبي ) المفتون بذاته الى حد الجنون ، الى القذافي المسعور، وحاكم اليمن المعزور ....والنهاية واحدة انها الأندثار والأنحدار المحفوف بكل معاني الخزي والعار .

حســـين الصــــدر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
العراقي
2011-05-26
صحيح سيدنا الجليل فألان الكثير من السياسيين يبالغون في أقوالهم في الوعود الكذابة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك