حسن البحراني
الاستمرار في الاحتجاجات السلمية ورفع راية "سلمية سلمية" يضمن لنا البقاء ويحقق الانتصار اجلا ام عاجلا ..
التمسك باستراتيجية "السلمية" في الثورة وفي مواجهة القوة العسكرية الغاشمة واذنابها المرتزقة لا يجرد الثوار وابناء الشعب الشرفاء الشجاعة ولا يسلبهم الشهامة والبطولة ولا يدخلهم في خانة "الجبناء" بل يرفعهم في العليين وسوف يشهد العالم لهم بانهم "مظلومون فينتصرون" !
ان معظم الثورات التي انتقلت من الحالة السلمية الى الحالة المسلحة والعنفية اما فشلت واما اجلت عملية الانتصار او توقفت على ابواب الانقسام والانشقاق .
وليس اعتباطا ان يعلن المهاتما غاندي وهو يواجه جيشا محتلا وامبراطورية عظمى بانه "تعلم من الحسين كيف يكون مظلوما فينتصر" رغم علمه ان الحسين عليه السلام لم ينتصر عسكريا الا ان مبادئه قد انتصرت وبالتالي فالحسين ايضا كان منتصرا يوم شهادته .. غاندي انتصر في مواجهة الجيش البريطاني وقوى الاحتلال ورفع راية الاستقلال على ربوع الهند خفاقة والسبب هو سلميته ورفضه اللجوء الى العنف .
الايرانيون بقيادة الامام الخميني انتصروا على اقوى جيش في العالم رغم المجازر البشعة ورغم اعداد الشهداء الكبيرة التي تساقطت ابان ثورتهم السلمية ولم يطلقوا رصاصة واحدة حتى هروب الشاه وسقوط بختيار .. ولعكم قراتم او شاهدتم والبعض منا تابع يوميات الثورة الايرانية خاصة يوم الجمعة الاسود او الحزين في ساحة الشهداء "ميدان 17 شهريور" حيث كانت المسيرة المليونية تتجمع في ذلك الميدان فاذا بطائرات الهليكوبتر ويقال ان الشاه بنفسه كان يقود احداها تفتح وابل نيرانها لتمطر الجموع فيسقط في ذلك اليوم وخلال بضعة ساعات اكثر من 5000 الالاف شهيد منهم 600 امرأة وفتاة كن خرجن لمعاضدة رجال الثورة في ثورتهم فاذا بهن يسقطن شهيدات‘ تلك المحطة السلمية كانت بداية نهاية نظام الشاه والسقوط المدوي للامبراطورية الشاهنشاهية وانتصار الثورة الاسلامية .
ان ادخال العنصر النسائي في المسيرات وفي الاحتجاجات الثورية يشكل عاملا مهما في نجاح الثورة ومن دون النساء الثورة لن تنتصر وهذه القاعدة غير مستثنية من كل الثورات في التاريخ وفي العالم ولعل ثورة الامام الحسين عليه السلام خير نموذج لنا على ذلك حيث لولا المرأة ولولا ثبات ومقاومة زينب لما انتصرت الثورة ولذلك قيل عن ثورة اباعبدالله بانها "حسينية الوجود وزينبية البقاء"!
ان مشاركة النساء وباعداد غفيرة في الثورة السلمية ليس فقط يعطي زخما لمسيرة الثورة وانما يضع النظام وزبانيته وجلاوزته وعلى رأسه رأس النظام حمد واعوانه في ورطة وفي موقف حرج يجردهم من انسانيتهم ويعريهم فيما لو اقدموا على اي حماقة لقتلهم او ضربهم ‘ فلا نخشى من القيل والقال ولا من احاديث التثبيط فالنساء لهن الاولوية في الثورة وعلى ايديهن نسرع من عجلة الانتصار .
ان اي خطوة باتجاه العنف والعمل غير السلمي بقدرها نؤخر عملية الانتصار بل قد تزيد الوضع تعقيدا كما حدث ويحدث في ليبيا حيث ان العنف سوف يعطي العدو مبررا ليس فقط للقمع بل لتشويه صورة الثورة ورفع راية الدفاع عن النفس و"مظلومية" رجاله ومرتزقته وبالتالي الاندفاع وبوحشية اكثر لقمع الثورة خاصة واننا في جزيرة الوصول اليها اصعب من الخروج منها !
قد يقول قائل ان سلميتنا قد قمعت وقد خرجنا في مسيرات سلمية بالعشرات الالاف الا ان الة القمع العسكرية والامنية كانت اقوى منا وتم قمع كل المسيرات السلمية وحتى النساء تم الاعتداء عليهن وبالتالي لم يبقى امامنا الا الانتقال الى مستوى الثورة المسلحة .. طبعا هذه النظرية غير صحيحة لان ثورتنا لم ولن تقمع بل مازالت مستمرة وهي تتحدى جبروت النظام ووحشية الاحتلال السعودي وقد تجلى ذلك في المسيرات التظاهرات اللامركزية التي تخرج في المناطق المختلفة وهذا بحد ذاته دليل على نجاح الثورة وعجز النظام على قمعه لانه لايملك مبررا في قمعه ‘ فقد فشل حمد وقوات الاحتلال من كسر ارادة الشعب ومن النيل من ثورته فهي مشتعلة وتتحدى كل الغزاة وكل قوى الامن والمرتزقة والبلطجية..
ولكي تاخذ الثورة زخما اكبر فلابد من رفع معنويات الشعب وتشجيع النساء و حتى الاطفال للخروج الى الشوارع والمشاركة في المسيرات حيث ان استمرار النساء في معاضدة الثورة ومشاركة الرجال في الثورة وباعداد كبيرة يعقد من عملية القمع وتدخّل الجيش وان اي حماقة باتجاه فتح النار سوف يكون لها صدى عالمي قد يعجل في نهاية النظام واندحار قوات الاحتلال .ان صورة سقوط ذلك البطل الشهم وهو يواجه سلاح قوى الامن وهي تطلق في رأسه بعد ان اصيب في بطنه غدت اقوى من كل جيش الاحتلال وغيرت من المشهد السياسي باتجاه التنديد بالنظام وسقوط هيبته وهي صورة خالدة لن يستطيع النظام التعويض ولو صرف الملياراد ‘ وهذا هو الدفاع المقدس بعينه ‘ وهنا يستوجب الانتقال الى مرحلة تمثل حقا "الدفاع المقدس" ومن دون النساء وخروجهن بالالاف في المسيرات فان الثورة لاتاخذ اي طابعا دفاعيا مقدسا فلا تقللوا من قيمة هذا النصف الثائر!بل انها "الثورة كلها" !
ان سلاح "المقاومة السلمية" هو سلاح امضى واقوى من اي سلاح اخر وان العدو يهاب هذا السلاح اكثر من السلاح النووي لذلك افتعل النظام مسرحية قتل الشرطي لكي يرفع ظلامته ويشوه صورة الثورة لنعترف فقد كان لمسرحيته بعض الاثر في نفوس الجهال وفي عقول البعض من غير ملتنا رغم انكشاف حقيقتها وفشلها الا ان النظام يعي جيدا حقيقة المقاومة السلمية ولذلك يسعى لجر الثورة ورجالالتها الى النزال العسكري والى العنف كي يكون ذلك مبررا لطحن ثورتنا .اننا بحاجة الى سلاح غاندي في المقاومة وهو سلاح السلمية والى عنصر النساء في الثورة كزينبيات والى اساليب "ال ياسر" في الصبر كي ننتصر حيث كما قال الرسول الاكرم عليه افضل الصلاة والسلام "صبرا يا ال ياسر فان موعدكم الجنة"!وبالمناسبة ان سمية وهي امراة كانت اول شهيدة في الاسلام‘ وكان ان انتصر الرسول وانهزم بني سفيان وبني جهل وبني لهب ! ورفعت راية الاحرار على الكعبة وهدمت اصنام قريش وطغاة الجزيرة العربية على هدير اذان ذلك الحبشي الاسود وهو بلال .
حسن البحراني
كاتب من السويد
https://telegram.me/buratha