المقالات

انسحاب آن اوانه

695 00:25:00 2011-05-03

جواد العطار

مع إقتراب موعد إنسحاب القوات الاميركية نهاية العام الحالي ، يتصاعد الجدل داخليا بين طرفين احدهما يرى ان لا مبرر لوجود هذه القوات بعد انتفاء الحاجة اليها ، وطرف آخر يرى بضرورة الابقاء عليها لأسباب تتعلق بعدم جاهزية مثيلتها العراقية . واذا كانت قضية الانسحاب قد أدرجت ، كما هو معروف في المادة الخامسة والعشرون الفقرة 1 من اتفاقية الاطار الستراتيجي (صوفا) بين العراق والولايات المتحدة ، وحدد موعدا نهائيا لإنجازها ، فان هذه الاتفاقية شملت في نفس المادة - الفقرة 5 نصا يجيز امكانية ابقاء جزء من هذه القوات باتفاق الطرفين. وما زيارة وزير الدفاع الاميركي التي رافقه فيها رئيس هيئة الاركان؛ مؤخراً؛ الا محاولة لاحياء هذا النص ... أفضت سرا حسب مصادر مطلعة على المباحثات الى التفاهم بشأن الابقاء على أعداد من المستشارين العسكريين ( لاغراض تأهيل القوات العراقية ورفع قدراتها القتالية ) وقوات اميركية تصل الى عشرة آلاف تحدد مهامها بحماية السفارة والقنصليات الاميركية ببغداد والسليمانية وأربيل. ورغم قصر الزيارة الا ان ما ترشح عنها لوسائل الاعلام كان أكثر وضوحاً؛ مما خفي منها؛ خصوصا عندما أشار روبرت غيتس الى إرتفاع مستوى جاهزية القوات العراقية وقدرتها على ادارة الملف الأمني، وتلميحه الى إمكانية تقديم المساعدة حالما طلبت بغداد ذلك. وهكذا يكون المسؤول العسكري الأميركي قد وضع النقاط على الحروف، وبعث برسالة موجزة، غاية في التعبير والتذكير، مفادها أن الكرة في ملعب الحكومة وعليها أن تقرر موقفها النهائي من العرض الذي تقدمه واشنطن قبل فوات الاوان.إذا أردنا أن نقرأ هذه المعلومات بروية وموضوعية علينا أولاً البحث في إتفاقية سابقة أمضاها النظام الدكتاتوري البائد عقب هزيمته المنكرة في الحرب التي عرفت بـ(عاصفة الصحراء). ففي هذه الاتفاقية، التي سميت باتفاقية خيمة صفوان عام 1991 أرغمت ذلك النظام على القبول بشروط مهينة وخطيرة أمليت عليه من قبل الطرف المنتصر، رهن بمقتضاها العراق على ذمة الإدارة الاميركية والأمم المتحدة، ولم يعد يملك رئيس الدولة التصرف بمخدع نومه، الذي أدرج على قائمة المواقع المعرضة للاقتحام من قبل فرق التفتيش واللجان الدولية، وتحولت عائدات النفط؛ وهي المصدر الايرادي الوحيد لبلد ريعي الاقتصاد كالعراق، الى أموال محجور عليها بعد أن أعطيت "الولاية" للمنظمة الدولية التي اصبحت المعنية باقتطاع مبالغ لتعويض وإدارة ملف النفط مقابل الغذاء والدواء، إضافة إلى فرضها وصاية صارمة على الحركة التجارية ومنافذ التوريد والتصدير، حتى لم يعد بمقدور الدولة العراقية إستيراد زجاجة عطر بدون إخطار الأمم المتحدة بذلك. ولعل أخطر ما في هذه الاتفاقية ما ترتب عليها من نتائج سياسية هيأت لتواجد القوات الاميركية بمعدلات غير مسبوقة في المنطقة، لتفرض على النظام السابق طوقاًً بحرياً محكماً الى جانب الحصار الذي كانت تفرضه تلك القوات براً وجواً.من هنا، يمكننا القول أن الدور الخارجي في تحجيم السيادة الوطنية جرى فرضه من قبل الإدارة الاميركية والموافقة عليه من قبل ذلك النظام في إتفاقية صفوان عام 1991 ، وليس في إتفاقية صوفا عام 2008. لان الاتفاقية الاولى هي التي مهدت الطريق لاحتلال العراق وليس الاتفاقية الثانية. هذا التسلسل المنطقي للأحداث لا شك أنه يمثل السياق التأريخي الكفيل بفصل الاسباب عن النتائج ووضع النقاط على الحروف ، فعندما نتهم النظام السابق بتوفير عوامل الاحتلال ، لا بد ان نعمل على انهاءه وازالة أسباب بقاءه واستمراره . أما أذا أردنا البحث عن الاسباب التي حالت دون جاهزية القوات الوطنية ، وأوجدت مثلما يدعي البعض الحاجة الى الإبقاء على بعضا من القوات الاميركية ، فأن القسم الأكبر منها يقع من دون شك على عاتق الكتل السياسية التي دخلت في سجالات وخلافات جانبية وانشغلت بمنافع ذاتية ومكاسب حزبية وشخصية على حساب الاتفاق بشأن الكثير من الملفات المهمة والحيوية بما في ذلك ملف إعادة تأهيل قوات الجيش والشرطة والاسراع في تسليحها والارتقاء بجاهزيتها .القضية الوحيدة التي يمكن ان تخل بالانسحاب الامريكي الناجز اذن ، هي مسألة قصور جاهزية القوات الوطنية ، فكيف يمكن لهذه المسألة أن تحل؛ حتى لا يصار الى تمديد بقاء القوات الاميركية ؟ ان الحل قد يتم عن طريقين :1. إتفاق ثنائي مباشر بين الحكومة من جهة والإدارة الاميركية من جهة أخرى يفضي الى تمديد بقاء القوات ، بمعزل عن موافقة البرلمان والكتل السياسية والشارع العراقي الذين يجمعون على ضرورة انهاء تواجدها لانتفاء الحاجة اليها .2. الركون الى آراء التقنيين والمهنيين العراقيين ومن القادة الميدانيين؛ وهم الاعلم من غيرهم بجاهزية القوات ومدى قدرتها على ضبط الامن؛ وبتوقيع واتفاق السياسيين ... يؤدي الى انهاء تواجد القوات الامريكية واتمام اتفاقية الانسحاب .واذا كان الحل الاول تعسفي لن تقدم عليه الحكومة باي شكل من الاشكال ، فان الركون الى المهنيين والمتخصصين بالشأن الامني والعسكري يبدو الاقرب الى الصواب ، وحتى لو اقر اؤلئك المهنيين بعدم جاهزية القوات وهو ما يغاير الحقيقة والواقع ، لان القوات التي دحرت الارهاب يستحيل ان تكون فاقدة للجاهزية والقدرة على حفظ الامن الداخلي ، فان هناك الكثير من الطرق والوسائل التي سلكتها دول سبقت العراق في هذا المجال سعت من خلالها الى تعزيز وترسيخ علاقاتها الثنائية والاقليمية والدولية في مجالات التعاون العسكري بديلا عن اللجوء للابقاء على قوات خارجية قد يخلق وجودها خلطا للكثير من الاوراق السياسية والميدانية ... اكثر من ترتيبه لها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مروان العاني ابو الحكم
2011-05-04
الاخ جواد المحترم ذكرت في مقالتك الجميله عن طريقين للحل واقول ان بقاء الامريكان في العراق سيبقى حتى لو تم تجهيز الجيش بكل الاسلحه والمعدات وانقل اليك رأي مواطن سمعته من الاذاعه البريطانيه فبل يوميين يقول بصريح الكلام ان الكرد ليس عندهم اطمئنان من العرب وان اهل الاعظميه يعتبرون الجيش الحالي طائفي وكذلك اهل الجنوب ايضا يعتبرونه جيش طائفي وان انسحاب الامريكان سيؤدي الى حرب اهليه هذا الكلام نصا المشكله عدم الثقه بالله عليك من يضمن سلاح جيش المهدي وكذلك المكون السني يحتضن القاعده دعك من المتنازع عنه
ستار الربيعي
2011-05-04
كلا كلا امريكا/كلا كلا أسرائيل/أخرج أخرج يا محتل
ستار الربيعي
2011-05-04
كلا كلا امريكا/كلا كلا أسرائيل/أخرج أخرج يا محتل
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك