المقالات

الشهيد الصدر يرحل مرتين /

781 12:36:00 2011-04-12

حافظ آل بشارة

كلما مرت ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر ، تذكر العراقيون مشروعه التغييري الجذري ، وتنظيره للتنمية الشاملة ، ذلك الفيلسوف العملاق سحب الحوزة والمرجعية ليضعهما في مركز الأزمة مجددا بعد عقود من الاسترخاء ، خرج الصدر بعبقريته من اطار الفكر المدرسي التقليدي ليخوض معركة تأصيل الرؤية الاسلامية في أخطر الموضوعات وهي الولاية والسياسة ، لم يكتف باثبات قدرة الاسلام على ادارة وسياسة العالم بل اثبت بطلان او ضعف اي نموذج بديل يمكن ان تبحث عنه البشرية ، ملأ فراغا كبيرا في الفكر الاسلامي السياسي التطبيقي ، قام بتجديد وتبسيط عملية الدمج بين ثلاثة عوامل اخلاقية وعقيدية ومهنية في القيادة والادارة ، وقد يقترب المفهوم مما نسميه اليوم الكفاءة والنزاهة ، احيا عملية الفصل بين الوسيلة والغاية في الحكم ، وتذكير العالم بأن الرئاسة والسلطة مجرد وسيلة للوصول الى هدف نبيل وهو تحقيق السعادة للبشرية في الدارين ، الشهيد الصدر يرى ان الحاكم هو وريث الانبياء ويؤدي دوره تكليفا لا تشريفا وواجبه اقامة العدل الذي ينتج السعادة للحاكم والمحكوم . كرس الشهيد الصدر رؤية الامام علي (ع) وهو يخاطب سلمان الفارسي وقد دخل عليه سلمان وهو يخصف نعله فقال : والله ان امرتكم لا تساوي عندي هذا النعل الا ان اقيم عدلا او ادحض باطلا ، وفي موقف آخر يقول امير المؤمنين ع : أابيت شبعانا وفي الحجاز او في اليمامة من لا طمع له بالشبع ولا عهد له بالقرص ، الشهيد في مؤلفاته ومحاضراته كان يذكر المؤمنين بأن استقامة الحكام ليست شعارات بل اختبار عسير يعيشه المؤمن عندما تكون لديه دنيا هارون الرشيد ، اثبت علميا استحالة الفصل بين الدين والحكم او الفصل بين الحكم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر لان الامر والنهي تقنين ودستور ، كان فكره مؤثرا وعميقا لانه يصدر عن صدق واقتران القول بالسلوك ، فان قرأته فهو مفكر ، وان عايشته فهو سلوكي من الطراز الاول ، لم يكن مفكرا منعزلا عن شؤون الحياة بل كان حاضرا وسط الزلزال ، بدأ بنفسه وعضا وتهذيبا فكان مثالا للزهد ، لم يبحث عن اي مظهر من مظاهر الترف ولم يدخر لنفسه شيئا ولم يفكر بموقع او رئاسة ، كان يريد اداء دوره كعالم دين وقائد ثورة وصاحب مشروع تاريخي ، وتعتبر قصة استشهاده آخر محاضرة بليغة يلقيها على طلبته ورفاقه في طريق الثورة ، العملية السياسية الراهنة في العراق يفترض ان نعثر في داخلها على اصداء لذلك الصوت الخالد ، كثير من تلاميذ واتباع الشهيد الصدر مازالوا يبحثون عن ملامحه في هذه التجربة فلا يجدون ما يدل عليه فتزداد وطأة الفاجعة بفقدانه ثم فقدان اثره في حياة بلده ، أحد الظرفاء قال ردا على انتقاد هذه الحالة : ليس الاسلاميون وحدهم فقدوا صدى الشهيد الصدر في هذه التجربة ، الباحثون عن اصداء لماركس لا يجدونها ، وكذلك الباحثون عن اصداء لمونتسيكيو او جان جاك روسو ، هذه تجربة غريبة ليس فيها ملامح شكل او مضمون لا للاسلامي ولا لليساري ولا لليبرالي نموذج جديد لا يمكن ادراجه في صنف محدد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك