المقالات

المسيرات السلمية حق مشروع وخيار لا بديل عنه

731 11:00:00 2011-04-11

بقلم : السيد علي الموسوي

ليس النظام السعودي من يعيش وراء التاريخ في سياساته وتعاطيه مع الشأن الداخلي و الاستحقاقات المطلبية فحسب بل أحسب أن بعض النخب الاجتماعية والدينية التي تصدت مؤخرا لاحتواء ثورة المطالب وغضب الشباب الثائر في محاولة لترشيدها وتوجيهها حسب زعمهم ، هي الأخرى تعيش في ما وراء التاريخ حيث تصر على صم آذانها عن نداء الحقيقة المرتبطة بفهم حقيقة هذا النظام الذي ظل طوال عشرات السنين من عمر الحركة المطلبية يتعامل مع نداءات المطالبين بالحقوق والإصلاح بسياسة القمع والإرهاب والخداع والمكر والتسويف و الوعود المعسولة التي أصبحت سرابا يلهث خلفه بعض السذج الذين ما زالوا رغم الاحباطات والفشل المتكرر وخيبات الأمل المتعددة ينظرون إلى أفق مظلم علهم يحفلون بتحقق المعجزة (الوفاء بالحد الأدنى من المطالب) رغم أنهم لم يوفروا بابا من أبواب التواصل المفتوحة مع السلطة إلا وطرقوه ، ولم يدعوا كلمة في قاموس الإطراء والمديح والتملق والإعراب عن الولاء والإخلاص لـ(ولي الأمر والنعمة) والعائلة المباركة المقدسة إلا واستخدموها ، وكانت النتيجة طوال تلك السنوات البائسة المزيد من التهميش والاحتقار والاستهزاء والظلم والاضطهاد ، والمزيد من سلب الحريات ونهب الثروات والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة ، والمزيد من تخريب البلاد وتراجعها سياسيا واقتصاديا ودينيا وأمنيا ، والمزيد من تكريس سياسة التمييز القبلي والمناطقي والطائفي والغوص حتى الأذنين في الفساد والترهل الإداري والأمني والاجتماعي .

المرحلة الراهنة التي شهدت منعطفا مهما واستراتيجيا ونقلة نوعية في حياة الشعوب العربية على مستوى الفكر والثقافة والوعي واليقظة والتي كسرت كل الحواجز النفسية والخصوصيات الثقافية والسياسية والجغرافية أدت بدورها الى قفزة نوعية على مستوى الطموح والمطالب الأمر الذي جعل من الشعوب المسحوقة المستضعفة المحرومة تتطلع إلى دور أساسي ومركزي في صناعة الدول والقرار وتقرير المصير بلباس العزة والكرامة والسيادة ، الأمر الذي يتطلب منا أيضا موقفا ومشروعا جديدا بأساليب منسجمة مع طبيعة المرحلة مع الحفاظ على عزتنا وكرامتنا ، لا أن ندور في حلقة مفرغة بأساليب بائسة ومذلة قد أثبتت التجارب الفاشلة عدم جدواها بل ضررها وخطورتها على الحركة المطلبية .

إن دعوات بعض المشفقين وأصحاب النوايا الحسنة لصد الشباب (المؤمنين المجاهدين الذين يمثلون اليوم بصرخاتهم المدوية والمخلصة أمل البلاد في الخلاص وتحقيق الأهداف والمطالب المقدسة والمحقة ) عن أداء واجبهم عبر المسيرات السلمية والشرعية التي أضحت اليوم وجها حضاريا متقدما لكل الشعوب التائقة للحرية والعدل والمساواة تعتبر خطأ سياسيا وتاريخيا عظيما وخدمة كبيرة للنظام الذي يحاول بكل الوسائل لسلب الشرعية عن هذه الحركة المطلبية المقدسة وتمييعها واجهاضها وتشويه أهدافها وحرفها عن مسارها .

كان حريا بهم أن يستفيدوا من غليان الشارع وحماس الشباب الذي أربك النظام وأقض مضجعه ليجعلوا من ذلك ورقة رابحة وعامل قوة وضغط سياسي على النظام في العملية المطلبية لا أن يتنازلوا عنها ويكشفوا ظهرها ويقدموها هدية لأهل الحكم دون مقابل ، والأنكى من ذلك أن يقوم البعض بدور البوق للسلطة عبر ترديد مصطلحات بني سعود في النيل من المسيرات السلمية كاتهام الشباب بالجهل والغوغائية والطيش والتسرع وفقدان العقل والحكمة وغيرها من الاتهامات الرخيصة .

المسيرات السلمية لشعب يرزح تحت الظلم والطغيان والاستبداد حق مشروع وأحد أبرز المظاهر الراقية لحق الإنسان في المطالبة بحقوقه وإصلاح شؤونه المتوافقة مع روح الإسلام وتعاليمه ومبادئه ، وكما أن الأساليب البائسة المذلة المتمثلة في العرائض والتسكع على أبواب أهل الحكم تحت شعار التواصل والحوار في ظل عدم التكافؤ بين الطالب والمطلوب ، وفي ظل غياب الوطن الجامع والدولة الممثلة لسيادة الشعب وفي ظل استكبار السلطة واستبدادها، إذا لم تحقق أي مطلب يذكر في الماضي فلن يكون ذلك ممكنا في الحاضر أو المستقبل .

إن الحرية والحقوق والعزة والكرامة (في ظل نظام سياسي يرى ما بيده ملكا وحقا خاصا يهب منه ما يشاء الى من يشاء بالمنة والإحسان والتفضل) لا تعطى ولا توزع مجانا من غير مقابل ، بل تنتزع انتزاعا عبر الكفاح والحراك المطلبي من موقع القوة والندية والحضور الدائم في الساحات وبذل التضحيات الجسام .

إن تغير الظروف الموضوعية السياسية والاجتماعية والثقافية بما تحمل من انعطافات جديدة على الصعيد الداخلي والإقليمي والعربي وانقلاب المعادلات السياسية الحاكمة لصالح الشعوب يحتم علينا تغييرا جذريا في تفكيرنا وأساليب عملنا المطلبي بمستوى المعطيات والتطورات الجديدة الحاكمة على بلادنا شأنها شأن البلدان المحكومة من قبل الفراعنة والطغاة الذين يتعاملون مع شعوبهم بمنطق الاستعلاء والكيدية والعداء والتهميش والإقصاء لا أن نبقى نراوح مكاننا .

الاحتجاجات الشعبية الشبابية عبر المسيرات والاعتصامات السلمية التي أضحت أمل الشعب في الخلاص من الكابوس الجاثم على الصدور هي اليوم خيارنا وسفينة نجاة وطننا بعد أن ثبت فشل كل الخيارات التي ما زال البعض يراهن عبثا عليها ، وإذا لم يكن البعض قادرا ومستعدا لتحمل مسؤوليات هذه المرحلة التاريخية المهمة والمصيرية ودفع ضرائبها وأثمانها ، ولم يكن يعي ويدرك قواعد وأساليب اللعبة الداخلية القذرة التي يديرها بنو سعود و الهادفة للرجوع بالحركة المطلبية إلى نقطة الصفر كلما تقدمت قليلا ، من لم يكن كذلك فليدع ويمضي ولا يتحمل مسؤولية المشاركة في المؤامرة السعودية في الإجهاز والقضاء على هذه الحركة الشبابية المباركة المنبعثة من روح الحب والإخلاص والوفاء والولاء للوطن لا لبني سعود الذين خانوه وغيبوه واحتكروه لأنفسهم بظلمهم وطغيانهم واستبدادهم وفسادهم .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك