المقالات

هدية للميلاد لهــا طعـم العــراق

825 14:54:00 2011-01-15

عمار نعمة جابر

ترسم الأقدار تفاصيل كثيرة في أعمارنا ، وكونك في العراق فأنت لا تنعم أبدا بحياة مستقرة ، لان العراق بلد غير مستقر منذ عقود مضت . وحين أكون من جيل الحروب القومية في عام 1973 مولدا ، والحروب التي تلتها ضد الأكراد في 1975 ، وحرب إيران 1980 ، والكويت 1990 ، و أمريكا 2003 حياةً . فأنت ترى آثار سرف الدبابات في الشوارع والدرابين ،و تشم رائحة البارود على ملابسك وملابس زوجتك وأطفالك ، وترى الطائرات الحربية تحلق فوق ملاعب الصبا ، وتتفتت كل الأحلام بلا استثناء في بيت العزاء لأبيك وأمك وقد قتلتهما أمراض في وطن المرض والموت . عندها يحاصرك ما خطه أبي العلاء المعري على قبره ، ( هذا ما جناه عليّ أبي ولم اجنه على أحد ) . ولأننا لسنا أبي العلاء ، رحنا نكرر أخطاء الآباء ونقع في ذات الحفرة ، ونلدغ من الجحر نفسه عكس ما يتصف به المؤمنون . فذهبنا بعين وقحة نجني على أبناءنا بهذه الأرض المنكوبة ، ولم نجعل العصفور الذي لا يتناسل في قفصه أسوة حسنة لنا . ولأنني تاسع تسعة في عائلتي ، اكتفيت بأن اجعل المعذبين ثلاثة فقط ، عزاءا واحتياطا .ولكن .. ومنذ أن صرت واعيا كانت تحاصرني هواجس الكوارث التي ألمت وتلم بمن حولي من العوائل العراقية ، فما كنت أخاف منه وقعت فيه ، أضفت رقما آخر للآباء الثكالى في هذا الوطن . فكان أبني باقر وردة زرعت في غير أرضها كي تذبل ، وسنبلة غرس حبها في ارض سبخة بور ، لن تطرح سبعمائة حبة ولا بطيخ ! ونخلة أنبتها الأغبياء مثلي في ارض الجليد ، عند مهب العواصف الباردة التي لا تبقي ولا تذر . فضاع ولدي من بين يدي متوسدا أسرة المستشفيات ، وكارعا سم الأدوية ، ومتحملا أشكال القتلة من الأطباء والصيادلة . ومحدقا بصمت الأنبياء بأبويه العراقيين بالولادة ، وهما عاجزان ، لا يجدان ما يقدمانه له ، باحثين بين زوايا المستشفيات ، والغرف القذرة للأطباء النخاسين ، والصيادلة الجشعين ، من اجل تشخيص أو علاج حقيقي ، يساعد ابنهم على الخروج من حالته ، طارقين كل أبواب الدعاء ، والأولياء ، بل وحتى العرّافين ، ولكن من أين لأمراض أهل العراق من أطباء أو سماء أو سحر يشفيهم ، ولا حتى كف المسيح !وابني وبسبب كونه عراقيا فقط ، صار مقعدا ، غير قادر على المشي .. لان العراق ليس فيه علاجا فيزيائيا له ، علاجه في أمريكا وألمانيا ولا املك فيزة أو مبلغ العلاج الطائل . ومصر وهي دولة تملك علاجات متقدمة لمثل حالة ابني رفضتني لأنني من العراق . واليوم وأنا أقدم تقارير ابني للعلاج في الهند و تركيا ، بعد أن قدمتها للأمم المتحدة ولأمريكا وألمانيا وهولندا وروسيا وسوريا ومصر والأردن ، وأطباء من لبنان وتونس وإيران ، والإمارات والكويت . أشعل شمعة ابني الثامنة في يوم 10 /1 /2011 .. أشعلها وهي باهتة لا ترغب في أن تنير أكثر من العجز والمرض والمستقبل المجهول للصغير باقر .ثمان سنوات من الألم والمرض مرت طويلة ، طويلة على باقر ، وطويلة على أبيه وأمه .. مفيدة ماديا للأطباء والصيادلة ، وغير مهمة للقادة والساسة غير العابئين بأبناء وأطفال البلد . ثمان سنوات من الأماني البسيطة في المشي والمدرسة ومرافقة الأب لتشييعه عند باب الدار.. ثمان سنوات عراقية ! وفي ليلة 10/1 لم تحيرني قضية الهدية التي سأهديها لابني .. مطلقا ، لأنها لن تكون حقيبة مدرسية فهو بلا مدرسة ، ولن تكون دراجة هوائية لأنه بلا قدمين كي يقودها ، وليس علما عراقيا لأنه لم يشعر بالانتماء بعد . ..هديتي لك هذا العام يا بني .. عربة للمعاقين ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك