حافظ آل بشارة
ما زال الشبح المختلق الذي اسمه (موقع ويكي ليكس) يصول ويجول في الساحة العراقية الاعلامية والسياسية وتهتز له الشوارب وتقوم الدنيا وتقعد في مهزلة دعائية جديدة تمر سريعة ناعمة من تحت انامل المخابرات ، يدعي الموقع انه حصل على تسريبات ووثائق من مصادر امريكية حول اوضاع العراق تحت الاحتلال والانتهاكات والجرائم ، والمعروف ان الاطراف الفاعلة في تلك الأحداث هي الجيش الامريكي والعصابات التكفيرية العربية الشقيقة والصدامية يقابلها جهد محلي حكومي وشعبي مشروع دفاعا عن النفس ، حفنة معلومات قديمة يعرفها الجميع عن اوضاع العراق تحت الاحتلال ، الموقع المشبوه اختار توقيتا مفهوما للجميع ، ثم ركز اهتمامه في كشف تلك الأوراق على معلومات مقتطعة ومختارة بدقة واهمل معلومات أخرى في انتقائية مفضوحة وتعبئة مقصودة ، انه يتصرف بنذالة واضحة كشاهد الزور الذي يشرح رد فعل الضحية الذي احرقوا بيته وقتلوا ابناءه فينتقد صراخه ولطمه واستغاثته ويعتبرها تصرفات منافية للأدب بدون ان يشير الى القاتل ولو بكلمة ، وقد اعتاد العراقيون على الدعاية والاكاذيب التي تدين الضحية وتبرئ الجلاد وتقلب الحقائق ، يمكن ادراك اهداف الحملة من معرفة الذين صفقوا لها فهم انفسهم الذين كانوا يستخدمون الارهاب ويحركونه من مقاعدهم الحكومية والنيابية وهم الهاربون المطلوبون للاجهزة الامنية ومعهم جمهرة الفضائيات التي كانت وما زالت اجنحة اعلامية للارهاب والجريمة المنظمة ، الأمريكون يعتقدون ان الناس اغبياء فهم يأسفون لتسريب هذه الوثائق بينما يعرف الجميع ان التسريب يجري باشرافهم ومن حق العراق ان يرفع شكوى ضدهم وضد الموقع المزعوم اولا لان المعلومات المذكورة لم يمض عليها 25 سنة وهي المدة القانونية للافراج عن المعلومات السرية ، وثانيا ان هذا التسريب يتنافى تماما مع اتفاقية سحب القوات التي تضم بنودا تلزم الولايات المتحدة بالمشاركة في حفظ الأمن في العراق وهذا التسريب اذا استمر بهذه الوتيرة فسيؤدي الى عودة الحرب الطائفية . ويعد هذا التحول اختبارا صعبا للعملية السياسية ، فعندما ينجح موقع مشبوه في اثارة ازمة سياسية في البلد فهو دليل واضح على مدى القلق والضعف والهشاشة في بنيته الحكومية ومقومات استقراره ، ويثير اسئلة عن مدى تبلور مفهوم الاستقلال والسيادة لدى العراق خاصة عندما يستطيع كل من هب ودب ان يتدخل في شؤونه ويستفز مكوناته السياسية وينجح في تحريضها للهجوم على بعضها ، واستعداد بعض الاطراف للاستجابة السريعة لأي تحريض اجنبي والتفاعل معه ودق طبول الحرب على الشركاء الوطنيين! ولكن السلطات بدل ان تنتفض ضد هذه المهزلة الخطيرة تطلق وعودا بالتحقيق في هذه الملفات لتعين العدو على نفسها ! يفترض ان يكون هناك جهد وطني موحد للوقوف بوجه هذه الموجة التي تهدد باندلاع حريق لا يميز بين الاخضر واليابس ، يريدون احراق العراق ضمن لعبة قديمة ومعروفة المقدمات والنتائج .
https://telegram.me/buratha