المقالات

يا اجيال الحزن ...والثأر ...والانتقام...الى متى؟؟؟

806 17:35:00 2010-10-17

الدكتور يوسف السعيدي

ربما لم يكابد هذا الجيل إلا ما كابده في السنين السابقه التي مرت وكانت قاسية بحق...وكانت مأساوية بلا شك....وكانت الافظع مما مر في تاريخ العراق دون ريب...حسبها انها كانت سنينا اجدب الناس فيها...وحسبها انها كانت سنينا لم تزرع فيها إلا بذور الضغينة، ولم تثمر إلا عن الرعب، وكأنها تتساقط من شجرة الزقوم التي تظلل أهل الجحيم...ثم حسبها ان السماء ما امطرت فيها إلا الدماء مدرارا...لقد عاش هذا الجيل الماساة، والخشية كل الخشية ان يستقر في عقله وضميره ان هذه هي الحياة، فيضيق ذرعاً بالهواء، ويعادي الشمس، ويلوذ بالجريمة ليحتمي منها...ويفترض ان الشعب بل والبشرية كلها هي فرد واعداء.... فرد واعداء... ولكن علينا، نحن العراقيين، ان نلوم انفسنا قبل ان نلوم الغير، وان الآباء والاجداد قد اسسوا لهذا، حيث كانت الغرائز حاضرة بينما العقل غائب، وكانت السادية أو النزوع نحو الحاق الاذى حد الافتراس ماثلين بينما الرحمة مفقودة... لقد انمحت مآثر التاريخ الزاهية إلا ظلالاً تستعصي على الفهم وبقيت منه صورة السيوف التي تقطع الرقاب....وكانت اكرم الرقاب واشرفها رقبة الامام الحسين عليه السلام، وهيمن الندم على كل جارحة فينا لكنه لم يدفع الى الصلاح بل تحول الى رغبة جموح في الثأر لما حدث احيانا، وفي تقليد ما حدث في أكثر الاحايين.ولست معنيا هنا بالتاريخ القديم بما فيه من فضائل ومن شرور... أنما في العام 1958 وجه الرصاص الى العائلة المالكة ولم تكن سوى جمهرة من النساء فيها رجلان لا غير الملك الذي احبه الناس، وانتظروه سنينا منذ اغتيال ابيه وولي العهد عبدالاله، كان الجمع يحمل المصاحف الشريفة لكن الرصاص قد انهمر على جمع مستسلم بريء قد احتمى بكتاب الله.سلمت جثة عبدالاله، وبعده نوري سعيد الى ما اسمته الأحزاب (الجماهير) وكانت هناك لذاذة في تقطيع اوصالها، ومكسباً أي مكسب بالحصول على اصبع سقط حول الجسد... وكان العرس لا يكتمل إلا بسحب الجثة بالحبال من شارع لشارع، ومن محلة لاخرى حتى تتلاشى على اسفلت الطريق، اما ما تبقى، ان بقي شيء، فيحرق وسط الزغاريد والتصفيق... بهذه الطريقة تصورنا اننا قد اصبحنا احراراً....صارت الحبال وسيلة النضال ضد (الامبريالية وعملائها)، وكان شعار الحزب الشيوعي (ماكو مؤامرة اتصير، والحبال موجودة).... وقد رسمت على بعض جدران بغداد والمدن الاخرى لوحات بدائية تمثل اشخاصاًَ وقد التفت الحبال حول اعناقهم....حتى الذي يزف الى عروسه كان الجمع يهتف وراءه (اعدم، اعدم جيش وشعب يحميك).... ولم تقف الثقافة متفرجة بل كانت على موعد مع الحقد فاحتضنته وقال شاعر مجدد يتحدث عن (اعداء الثورة) سنجعل من جماجمهم منافض للسجائر) وقال شاعر كلاسيكي بارز يخاطب (زعيم الثورة) فضيق الحبل واشدد من خناقهمو فلقد تبين في ارخائه الضررُبهذه الطريقة تصور الحزب الشيوعي انه سيستحوذ على السلطة اما ان استيلاءه على السلطة في بلد كالعراق هو العامل الرئيس لاية حرب عالمية ثالثة فهذا ما لا يفكر به من اسكرتهم الهتافات. ولم يتوقف الامر عند منتسبي العهد البائد فظهرت تسمية جديدة هي (اينام العهد البائد)وهكذا أصبح يتيما لعهد مذموم كل من عارض بل كل من استخدم عقله، بل كل من اخذته الرافة بالناس، ولم يستسغ طعم الدماء.... واصبح اقطاعيا كل من (غترته نظيفة) ، بما في ذلك المسؤول عن تنفيذ الاصلاح الزراعي لتصفية الاقطاع فقد ظهرت اهزوجة بحقه تقول (هديب اقطاعي شلون اتأمن بيه اسمع يكريم)....طبعاً لم يفكر احد بان تطبيق الاصلاح الزراعي بهذا الشكل قد جعل القطاع الزراعي ينهار... ولم تنفع وعود الحزب الشيوعي للفلاحين ببيت وبقرة حلوب وزوجة (معلمة)...في العام 1963 جرى الانتقام فتحول ايتام العهد البائد الى ايتام العهد القاسمي، وجرى اولاً تصفية زعيم انقلاب 14 تموز 1958 واتباعه بذات الطريقة التي تمت فيها تصفية العائلة المالكة... وصار رافعو حبال الامس ضحاياها...وانتهت تسعة أشهر ليطل انقلاب جديد فاذا باحد أقطاب 8 شباط يفخر في 18 تشرين من نفس العام ان طائراته تلقي على (رفاقه) حجارة من سجيل...ومضى الحكم يقتص ممن رفعوا اللافتات لتسعة اشهر فقط، ومضى اتباعه يثأرون حتى العام 1968 وفي كل الاحوال كان هناك اعدامات فردية واخرى جماعية، وحروب، وحاكم يستفرد بيتيم من العهد الذي سبق ليسلم نفسه يتيما لحاكم جديد...وثأر يجر الى ثأر...وانتقام يولد انتقام...ودماء تسيل وتطمح بالمزيد....ورقاب تخنق أو تقطع لتدعو غيرها الى رفقة الطريق وجلاد يفخر بعدد ضحاياه...وجلاد آخر يواجه الاول ويسابقه في عدد الضحايا...ومثقفون لم يعودوا يتوزعون على مدارس الادب ونظرياته بل على الطوائف سنة أو شيعة.. والنتيجة تعالوا للحساب:بعد كل هذا الدمار الذي الحقناه بانفسنا... ليس لدينا عمل يدر رزقاً... ولا كهرباء توقد مصباحاً... ولا قطرة ماء تبل غلة... ولا شارع للسير... ولا بيوت تأوي مشردينا... ولا ضماد يلف اجساد جرحانا... وحتى بلا وطن ندعي اننا منه وانه لنا...اما يكفي هذا التفاخر بقتل بعضنا ؟حاشا لله ان يكون قد حرمنا من افكار تصارع بعضها، ومن السنة واقلام تحمل رؤانا ويجادل فيها بعضنا البعض، وحاشا لله ان يكون قد تركنا لا نجيد إلا لغة السلاح إلتي تأكل من اجسادنا وتجتث ارواحنا؟ فلماذا يظل الانتقام لذات الانتقام مبتغانا؟...لماذا ناكل بعضنا فحتى كواسر الغاب لا تأكل لحم بعضها فكيف استسغناه.... نحن؟ كيف؟ والى متى ؟

الدكتوريوسف السعيديالعراق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زئير فهل من اذان سامعه؟
2010-10-21
ان كتاباتك الهادفه وبالاسلوب المنفلوطي المؤثر هو عامل صحو للكثير رعاك الله وما أضيف بعجالة هو أحداث شيلي وبذخ كل ملايينها لأحياء عمالها وبذخ الارذلين الادنسين ملياراتهم لحرق الجنين في بطن أمه والطفل في الاحضان والطاعن فاقد المعيل والعرض والحرث أقول أمسوخ المومسات هم أم ماذا؟ أبقايا الجرذالشــــــــهيد المزغرد له في بيروت وسرت وفي خباياالبلد أم لهذا يمدح الضافرون ويلطم الاسطنبوليون الفارون أم يتشهى الارذلون المهبلون والمهجرون الانجاس والحراقون الادناس او المحزمون المجانين المصدرون؟هل
الدكتور يوسف السعيدي
2010-10-19
التحية والسلام لك اخي العزيز....لا زلت صوتا غاضبا وقلما ثائرا....وانت في بلاد الغربه....طالما كتبت وعلقت على مقالاتنا....ونحن نكبر فيك وطنيتك ايها العراقي الشريف...نلتقي على خير بعونه تعالى
زئير فهل من اذان سامعه؟
2010-10-18
وليتها توقفت عند أفراد يقتلون لا بل تطورت الى ألوف السجون يطهرون ثم الاف بالخردل يصعقون ثم ملايين بحروب الجرذ الشهيد؟ يحرقون وللكيمياوي اختراعاته بالتفجير بانزينيا ولعدي اكتشافاته الذبح رصيفيا وللشهيد الجرذ تصفياته من المسرح نهقا ولمخلفيه اللطم اسطنبولياوالتكفير وهابياوالتفخيخ جيرانيا وللمساندين السلب ملياريا والتحضين شعبياوملكيا والبذخ تسخيريا والفتاوى تكفيريا والدعاءسرطانيا والتصدير مجنونيا و و و فماذا بعد الحق ألا الضلال؟ وما نرى من جرجرات وكراسي دليل دال متى الصحو؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك