حيدر عباس
لم استغرب أبدا نتائج أو تقارير هيئة النزاهة العراقية النزيهة وهي تسرد لنا أسماء الوزارات والمحافظات والمؤسسات الحكومية الأكثر تعاطيا للرشوة والابتزاز وقلة الحياء والغيرة في نشراتها الشهرية من خلال تعاطيها اليومي مع هموم المواطن ومراجعاته المؤلمة.لكنني استغربت كثيرا عندما قرأت إعلانا يزين موقع وزارة العدل العراقية يعاهد فيه الله والوطن والقائد والوزير على ان جميع شكاوى المواطنين سوف تصل الى السلطات المعنية من اجل القضاء على الفساد في جميع مفاصل الوزارات؟؟وقد قيل على لسان ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية وبعد أن دمرت الحرب البنى التحتية البريطانية ″طالما أن القضاء والعدالة في البلد بخير فكل البلد بخير″.ولست ادري هل قرأ ساستنا ووزرائنا وحكومتنا الموقرة هذه المقولة وعرفوا معناها ولماذا حدد البريطاني الماكر وزارة العدل فقط ولم يقل مثلا وزارة الصحة أو الرعاية الاجتماعية أو الحوار والمصالحة الوطنية او مجالس الاسناد العشائري..وانأ طبعا لم استطلع رأي الرجل بصورة مباشرة لعدة اسباب منها انه لاتوجد لديه وزاراة ومؤسسات بهذه الاسماء والصفات ولانه لم يبتلى بالمحاصصة الطائفية وبرلمان معطل ولان الرجل يعلم ان العدل أساس الملك وان ضبط إيقاع سير الدولة بصورة صحيحة من اجل النهوض بأعبائها ينطلق أساسا من الالتزام بالحدود الشرعية والدستورية والقانونية للبلد .وعودة على ذي بدء فان التقرير الذي تعده هيئة النزاهة كل شهر عن الواقع الفاسد في مفاصل الدولة العراقية هو غيض من فيض ولا يعدو عن كونه نقطة في بحر مأساة المواطن العراقي في رحلته اليومية مع أي دائرة وفي أي محافظة وعلى اعلي المستويات. والاجدر بهيئة النزاهة ان تقول في تقريرها جملة واحدة وتختمها دون ان تكلف نفسها عناء البحث والاستقصاء والاستقراء وهي في صومعتها " ان جميع وزارات ومؤسسات مفاصل الدولة فاسدة.. وربما يسأل سائل عن النتائج التي تترتب على تقرير هيئة النزاهة وما هي العلة من إصداره..فمجرد الأخبار عن وجود الفساد لم يأتي بجديد لان كل الناس في العراق وفي خارج العراق يعلمون علم اليقين وبالدليل الملموس وجود افة الفساد المالي والإداري والاختلاس والرشوة والولائم التي تعقد من خلالها الصفقات وتوقع العطاءات والمناقصات.بينما لم يسمع المواطن عن إجراءات وخطط وتشريعات قانونية خاصة لمعالجة هذا المرض الخطير الذي ينخر جسد الدولة ويجعلها في حالة من الشلل التام حتى وصل الحال الى ان يوضع العراق من قبل منظمة الشفافية العالمية بموازاة الصومال وموزنبيق.قد يكون إعلان هيئة النزاهة عن فساد وزارة العدل ليس جديدا لكنه بكل الأحوال مؤشر خطير على ان حالة الفساد وصلت الى أعلى المستويات ولا بد من وجود ثورة كبرى تطيح بكل الفساد والمفسدين وتعيد موقع العراق بلد الأنبياء والرسل وأهل البيت والخير الى مساره الصحيح وان كنت لا اراه قريبا حتى لو وضعت دولة القانون الف ميزان في صورها ومؤتمراتها العامرة في كل حين.
https://telegram.me/buratha