عندما تتهم الشعوب العربية والاسلامية وحتى الحكومات الغربية، السعودية ومذهبها الوهابي الدموي ودولارتها النفطية القذرة وإعلامها الطائفي، بنشر الفتن والفرقة والنزاعات والصراعات والخلافات بين ابناء الدين الواحد، وابناء الاديان المختلفة، خدمة للسيدين الامريكي و"الاسرائيلي"، نرى امراء ال سعود ومشايخ ال الشيخ وجوقة مرتزقتهم في شتى اصقاع العالم، يخرجون على الناس، مفندين تلك التهم، عبر "التأكيد" على "الخدمات الجليلة التي تقدمها السعودية لضيوف الرحمن"!!، وكأنها منة يمن بها ال سعود على المسلمين، وليس واجبا اسلاميا.
اغلبنا يتذكر العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر( 1991- 2002) ، حيث انتشرت ظاهرة التكفير في المجتمع الجزائري وبشكل مخيف، وهي ظاهرة غريبة عن المجتمع الجزائري، حيث كان التكفيريون يقتلون المواطنين بدم بارد، بذيعة انهم لا يحملون السلاح ضد الحكومة، وهي ذريعة كافية لاخراجهم من الدين ومن ثم تكفيرهم وفي الاخير قتلهم، وحصلت في تلك العشرية مجازر مروعة ذهب ضحيتها الالاف من المسلمين الابرياء.
ومن اجل بيان مدى دموية هؤلاء التكفيريين نكتفي بالاشارة الى مجزرة قرية الرايس، بالقرب من مدينة سيدي موسى وإلى الجنوب من الجزائر العاصمة، والتي ذهب ضحيتها اكثر من 800 شخص قتلوا خلال ساعات في يوم 29 اب / أغسطس عام 1997، حيث وصل المهاجمون المقنعون، كما نقلت الصحافة الجزائرية، إلى القرية حوالي الساعة الواحدة صباحا في شاحنات وسيارات، وكانوا مسلحين بالبنادق والسكاكين والفؤوس والقنابل. وقد استمروا في قتل الرجال والنساء والأطفال وحتى الحيوانات في القرية حتى الفجر (حوالي الساعة السادسة صباحا)، حيث كانوا يقومون بذبح الأشخاص، كما كان لديهم الفرصة لحرق الجثث، أما الفتيات الصغيرات فقد تعرضن للخطف بدلاً من القتل. وفي بعض الحالات، كانوا يتركون الرؤوس المقطوعة على عتبات الأبواب. كما قاموا بتشويه الجثث وسرقة الموتى، كما ارتكبوا الفظائع ضد النساء الحوامل. وقاموا بحرق وتفجير بعض المنازل. وقد حاول القرويون الهرب أو الاختباء لكنهم امسكوا وقتلوا. وفر القتلة بعد الفجر واخذوا معهم عدد كبير من الفتيات .
هذه الممارسات الوحشية كانت غريبة عن المجتمع الجزائري، وغرابتها دفعت قوات الامن الى ملاحقة خيوط هذه الظاهرة الغريبة، فوجدوها في المذهب الوهابي التكفيري، وبعدد كبير من التكفيريين السعوديين، الذين دخلوا الجزائر، ونشروا في ربوعها الفوضى، وبين شبابها التكفير. وهو مادفع المسؤولين الجزائريين الى مكاشفة السلطات السعودية، والطلب منها وقف تدخلها فيما يجري من قتل وسفك للدمء في الجزائر.
هذه الحقيقة تم تكذيبها لعقود من قبل السعوديين، ومن قبل مرتزقتها في الاعلام العربي، الا انه بعد مضي اكثر من عقدين يخرج علينا الرئيس السابق للاستخبارات العامة السعودي، تركي الفيصل (1977–2001)، لدى استضافته ضمن برنامج "الصندوق الأسود"، الذي يُبث على مختلف منصات صحيفة "القبس"، ليكشف عن هذه الحقيقة، وينشر دون ان يقصد الغسيل السعودي الوسخ في الجزائر، عندما قال ان رئيس المخابرات الجزائري الأسبق، محمد مدين، زار السعودية وأبلغ نظراءه هناك أن الأمن الجزائري كشف عن تورط سعوديين في اعمال الارهاب التي تشهدها الجزائر.
تركي الفيصل وكعادته انكر ان يكون للسلطات السعودية دور في هذا الشان ، وانه لو كان هناك سعوديون فهم ليسوا مدفوعين من طرف الحكومة السعودية، إنما لديهم توجهات متطرفة. الا انه وفي نفس اللقاء ناقض نفسه بنفسه، عندما قال ان السلطات السعودية حملت السفير الجزائري في الرياض محمد العيد العتيبي، تسجيلات لفتاوى "الشيخين" عبد العزيز ابن باز ومحمد بن صالح العثيمين، والتي سلمها للحكومة الجزائرية التي بدورها عرضتها على الإرهابيين ما ساهم في ترك الكثير منهم للعمل المسلح!!.
من الواضح ان الوثائق التي قدمها الجانب الجزائري للسعودية كانت دامغة، الى الحد الذي دفعت السلطات السعودية الى استصدار فتاوي من كبار مشايخ الوهابية ضد القتال في الجزائر، الامر الذي جعل الارهابيين يمتثلون لهذه الفتوى ويلقون السلاح ، ما يؤكد ان الارهابيين ذهبوا بفتوى الى الجزائر وقتلوا هناك بفتوى، ولم يكونوا جماعات متطرفة كما وصفها تركي، والا لما كانت امتثلت لفتوى مشايخ الوهابية!!.
اخيرا، مازالت الجزائر مستهدفة من الوهابية السعودية، لكون الجزائر مازالت ترفض التطبيع مع "اسرائيل" ، وتدعم القضية الفلسطينية ومحور المقاومة، وترفض استفراد السعودية بالقرار العربي، وهو ما جعلها هدفا لامريكا و"اسرائيل" والسعودية، ومازالت، الا ان جميع المؤامرات التي تم التخطيط لها في غرف مظلمة للنيل من الجزائر، تحطمت على صخرة وعي وتلاحم وانسجام الشعب الجزائري الاصيل.
https://telegram.me/buratha