ثقافة الكراهية والدجل والقتل

كيف يقنع داعش أنصاره بالانتحار؟

1564 16:59:45 2016-03-27

أصبحت مزامير داعش أكثر تأثيرا ونفوذا بعد أن أقام التنظيم ملاجئ آمنة له وخاصة في العراق وسوريا ولذلك نجح في تجنيد أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب، ودفع بالكثيرين إلى الانتحار .

ولا يأتي المدد إلى صفوف "داعش" من الدول العربية فقط، بل و"يهاجر" إلى المناطق التي يسيطر عليها هؤلاء الكثيرون من أوروبا وآسيا وأستراليا والولايات المتحدة، وبذلك أصبح العالم بأسره ساحة معركة لهذا التنظيم الدموي، فلماذا ينضم الأوروبيون العرب وغيرهم إلى هذا التنظيم المتطرف والعنيف؟ وما سر تأثير مزاميره السحري؟

يمكن القول إن الظروف أصبحت مواتية لتمدد داعش وانتشاره، بقدرة قادر، منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ووفر هذا الحدث المأساوي بتداعياته الخطيرة للتنظيم ساحة قتال واسعة وحجة إقناع قوية لحشد الأنصار و"التمكين" بالسيطرة على بلدات ومدن ثم مساحات واسعة في العراق وسوريا وليبيا واليمن.

وفر هذا الوضع أرضية واسعة لاستقطاب المزيد من المقاتلين من كل أنحاء العالم، ترفدها في ذلك أيديولوجية مطلقة وحاسمة تحتكر الحقيقة وتجعل من العنف الدموي "عبادة"، وهي تقطع كل والوشائج والصلات بين أنصارها وما عداهم من الآخرين، جاعلة منهم هدفا مشروعا للعنف.

 

AFP

أسلحة وأعلام لداعش عثر عليها جنوب الفلبين - 2015

هذه الأيديولوجية اكتسبت جاذبيتها وسطوتها من نجاحها في ترويض وتدجين النوازع الشريرة والعنيفة بتغليفها بالمقدس والسامي، فصار الكثيرون من المستلبين والضائعين ينصاعون لمزاميرها ويتحولون إلى قنابل متفجرة وخناجر متوحشة.

تمكن الوهم من أصحابها فظنوا أنهم ينفذون مهمة مقدسة وأنهم جند الحقيقة المطلقة، وما ضحاياهم إلا عساكر للطواغيت وأنصارا للباطل.

وجدت هذه المزامير أصداء واسعة وخاصة في أوساط شباب الأحياء الفقيرة في الدول العربية وفي ضواحي المهجر في الدول الأوروبية وخاصة في باريس وبروكسل.

ترعرع أولئك الشباب العاطلين عن العمل في بيئات فقيرة وعنيفة ومضطربة، وانحرف بعضهم إلى الإجرام وتعاطي المخدرات والاتجار بها، وفجأة وجدوا أمامهم من يمنحهم صكوك الغفران، ويغسل ذنوبهم وينقلهم من عنف الشوارع الخلفية القذرة في الأحياء العربية والأوروبية إلى عنف أشمل وأكثر دموية تحت رايته، موهما إياهم بأنهم جنود في مهمة مقدسة جليلة يتساوى فيها الموت والحياة.

هذه المزامير أحكم المتطرفون في القاعدة وداعش وضع إيقاعها بحيث تنصاع لها شرائح واسعة من التائهين واليائسين والباحثين عن هوية وعن حلم وقضية، ومن ثمة تسوقهم وقد استُلبت إرادتهم تماما إلى ميادين العنف لتجعل منهم وحوشا ضارية لا ترى في سفك الدماء وأشلاء الضحايا ما يُضير.

 

جايك بيلاردي أثناء العملية الانتحارية - 2015

واللافت أن مزامير داعش تجاوز تأثيرها أحياء المهاجرين في الضواحي المكتظة بأوروبا حيث سجل في 2005 تنفيذ أول امرأة أوروبية، هي مارييل ديجوكييه، البلجيكية البالغة من العمر 38 عاما، عملية انتحارية، كانت ساحتها العراق في مواجهة الأمريكيين.

وشهد العام 2015 تنفيذ جايك بيلاردي وهو شاب أسترالي عملية انتحارية ضد الجيش العراقي في الرمادي.

هذا الشاب الصغير الذي لم يتجاوز 18 عاما أعلن مسبقا أنه التحق بصفوف داعش في العراق ليصبح "شهيدا" ويقتل "الكثير من الكفار".

وكما نرى، لا يكلف هؤلاء أنفسهم عناء التفكير طويلا، ويتساوى في أيديولوجيتهم القاسية الرجل والمرأة، الطفل والصبي، كل الحدود والقيم والمبادئ والأحاسيس الإنسانية تتهاوى، ولا يبقى من الوجود بكل تنوعه إلا معادلة صغيرة لا تترك لصاحبها إلا منفذا واحدا: أن يفجر نفسه وسط الجموع وأن يقتل أكبر عدد من الناس ويحول الأرض إلى جحيم.

محمد الطاهر

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاكثر مشاهدة في (ثقافة الكراهية والدجل والقتل)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك