شدد باحثون اميركيون على وجوب الاستعداد لانهيار السعودية، خاصة وأنها أمام سيناريوهات عدة تعبّر عن غضب شعبي من الحكم، في وقت عزت صحف غربية اسباب موافقة الرياض على تجميد مستوى انتاج النفط إلى التخوف السعودي من الافلاس.
الانهيار السعودي
موقع "Defense One" نشر مقالة بتاريخ الأمس كتبها الباحثان "Sarah Chayes" و "Alex de Waal" حملت عنوان "ابدأوا الاستعداد لانهيار المملكة السعودية"، والتي وصفا فيها السعودية بانها ليست دولة. ورأى الباحثان انه يمكن وصف المملكة بشكلين، كشركة سياسية تستخدم نموذج عمل ذكي ولكنه غير قابل للاستمرار ايضاً، او كمؤسسة فاسدة تشبه المنظمة الاجرامية. وعليه شددا على انه في كلا الحالتين لا يمكن ان تبقى. وبالتالي دعيا صناع القرار الاميركيين الى البدء بالتخطيط لانهيار المملكة السعودية.
وقال الباحثان إنه يمكن النظر الى الملك السعودي على انه الرئيس التنفيذي لشركة تجارية عائلية تحوّل النفط الى دفعات لشراء الولاء السياسي. واضافا ان ذلك يأخذ شكلين، الدفعات النقدية او الامتيازات التجارية للعدد المتزايد من اتباع العشيرة الملكية، وتوفير بعض السلع وفرص العمل للمجتمع العام. كما لفتا الى ان "قوات الامن الداخلي الوحشية المسلحة بالاسلحة الاميركية تستخدم العصا القسرية".
الباحثان شددا على ان توسيع انتاج النفط في ظل الاسعار المنخفضة – اقله حتى اعلان يوم امس من قبل السعودية وروسيا بتجميد مستوى الانتاج – شددا على ان ذلك قد يعكس حاجة ملحة الى الايرادات والضرورات الاخرى.
كما اشار الكاتبان الى ان السوق السياسي ايضاً يخضع لقانون العرض والطلب، وعليه سألا عما سيحصل في حال ارتفع ثمن الولاء السياسي.و قالا انه يبدو ان ثمن هذا الولاء قد ارتفع بالفعل، حيث اضطر الملك سلمان الى صرف الكثير من الاموال من اجل تأمين ولاء "الوجهاء" الذين سبق وأعلنوا ولاءهم للملك عبدالله الراحل. واشارا الى ان الرياض قد تواجه سيناريو يشبه ما يحصل في جنوب السودان و الصومال، اللتين تعانيان من تلك المشاكل نفسها.
كذلك حذر الباحثان من ان المملكة قد تواجه الاعسار السياسي في حال تواصل ارتفاع "مؤشر اسعار الولاء". وشبها النخبة الحاكمة السعودية بالمؤسسة الاجرامية المتطورة، في الوقت الذي تطالب فيها الشعوب بمختلف الاماكن بمحاسبة الحكومة.
وشدَّد الباحثان على ان المواطنين السعوديين يعتبرون انفسهم اكثر فاكثر مواطنين وليسوا مأمورين، واشارا الى الحراك الشعبي ضد الحكم الاجرامي في دول مثل نيجيريا و اوكرانيا و البرازيل و مولدوفا و ماليزيا. وتابعا ان ما يزيد عن ست دول قد شهدت تظاهرات شعبية في الشارع خلال عام 2015 الماضي، وان القادة في ثلاث من هذه الدول اما مهددون او اضطروا الى الاستقالة.كذلك لفتا الى ان هذه المعاناة قد تسببت بتوسع الحركات "الجهادية" او المنظمات الاجرامية في اماكن اخرى.
ونبه الكاتبان الى انه وبينما تأتي المطالب السياسية بشكل اساس من الاقلية الشيعية في السعودية اليوم، الا ان هناك طبقة سنية مثقفة منفتحة بشكل غير مسبوق على العالم الخارجي، وبالتالي من غير المرجح ان تبقى راضية ببعض الخدمات التي يقدمها الحكام.كما تحدثا عن العمال الاجانب، لافتين الى ان هؤلاء قد يطالبون بحقوق لهم قريباً.
هذا وحذر الباحثان من ان اساليب الملك سلمان بالتعاطي مع اصوات المعارضة، مثل الاعدام و خوض حروب خارجية و اللجوء الى العداوات الطائفية لمواجهة مطالب السعوديين الشيعة، حذرا من ان كل ذلك يحمل معه مخاطر جسيمة.
وحدد الكاتبان بعض السيناريوهات في حال ضعف تمسك سلمان بالسلطة.
احد السيناريوهات، قال الكاتبان، هو حصول صراع داخل العائلة الملكية، حيث يصبح ثمن الولاء اعلى من ان يقدر اي كان على دفعه.
اما السيناريو الآخر، فهو حرب خارجية اخرى، وحذرا من ان التصعيد قد يحصل بسهولة نتيجة المواجهة بين السعودية وايران في كل من اليمن وسوريا.
وعليه، اكد الكاتبان على ان صناع القرار الاميركيين يجب ان يأخذوا بعين الاعتبار هذا الخطر بينما يضغطون من اجل حلول اقليمية للمشاكل في المنطقة. امام السيناريو الثالث بحسب الباحثين، فهو حصول تمرد – اما على شكل انتفاضة غير مسلحة او تمرد جهادي.
بناء على كل ذلك شدَّد الباحثان على ضرورة ان تخطط الولايات المتحدة للسيناريوهات المحتملة والاجراءات الاميركية المحتملة للرد على مثل هذه السيناريوهات. وقالا انه يجب تحديد السيناريوهات الاخطر والتوقف عن التفكير "الاوتوماتيكي" الذي طالما قاد السياسة الاميركية تجاه السعودية.
الرياض امام الافلاس
محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة الاندبندنت البريطانية "Ben Chu" كتب بدوره مقالة نشرت أمس شرح فيها ستة اسباب حقيقية دفعت بالسعودية الى الموافقة على تجميد مستوى انتاج النفط.
السبب الاول يقول، ان سعر النفط ينخفض بشكل حاد دون وجود اي مؤشر على الانتعاش. وأضاف ان السعودية كانت ترفض خفض الانتاج رداً على انخفاض الاسعار، اذ توقعت ان الاسعار ستعود الى طبيعتها، الا ان الاسعار انخفضت اكثر مما توقع السعوديون وبالتالي اصبحوا متخوفين جداً.
السبب الثاني هو ان المملكة قادرة على ان تؤثر على السعر العالمي للنفط من خلال زيادة او خفض المخزون،كما انها تعد رئيسة منظمة اوبك، وبالتالي لا يمكن ان تنجح اي خطة بخفض الانتاج من دونها.
اما السبب الثالث فهو ان السعودية تواجه خطر الافلاس في حال انخفض سعر النفط بشكل حاد جداً. وذكّر الكاتب بان صندوق النقد العالمي قد حذر في شهر تشرين الاول /اكتوبر الماضي عندما كان سعر برميل النفط ما زال عند خمسين دولار، من ان السعودية تسير على طريق استنزاف الاصول المالية في غضون خمسة اعوام في حال تواصل انفاقها بالمستوى نفسه. وأشار الى ان السعودية و منذ ذلك الحين اعلنت اجراءات تقشف رداً على وضعها المالي المتدهور، الا ان سعر النفط انخفض اكثر، ما عزز الضغوط المالية على الحكومة.
واعتبر الكاتب ان السبب الرابع يعود الى انهيار سوق البورصة في السعودية، مدفوعاً بمخاوف الافلاس للشركات النفطية. وقال ان البورصة السعودي هي الاكثر تضرراً بين البورصات العالمية، بالتالي يريد السعوديون رفع قيمة قطاع المؤسسات السعودي من خلال استقرار اسعار النفط.
ويتابع الكاتب، أما السبب الخامس فهو لا تريد السعودية وقف الانتاج بالكامل لانها لا تزال تريد إلغاء دور منتجي النفط الصخري الاميركيين. فيما السبب السادس يتحدث عن رغبة السعوديين بابقاء الاسعار منخفضة من اجل الحاق الاذى بايران. وقال ان السعودية لا تريد ان يستفيد الايرانيون كثيراً من صادرات النفط الجديدة، وبالتالي تريد ان تبقى الاسعار منخفضة.
الخلافات الاميركية التركية
من جهتها، مجلة "Foreign Policy" نشرت تقريراً بتاريخ امس جاء فيه ان ادارة اوباما تجد ان اصدقاءها يشكلون مشكلة بقدر اعدائها عندما يتعلق الامر بتنفيذ وقف اطلاق النار في سوريا. و تحدث التقرير في هذا الاطار عن القصف التركي للقوات الكردية في شمال حلب لليوم الرابع وتجاهل تركيا دعوات واشنطن لكافة الاطراف بوقف القتال.
واعتبر التقرير ان تعزيز وتيرة العنف يشكل احباطاً لادارة اوباما التي تسعى جاهدة الى ضمان تنفيذ وقف اطلاق النار المفترض ان يدخل حيز التنفيذ يوم غد الجمعة. وقال ان هذا الاتفاق في خطر نتيجة القتال المتجدد في شمال سوريا، مضيفاً ان العمليات التركية تعطي لموسكو مبرر للاستمرار بحملة القصف في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة ممارسة الضغوط على روسيا كي تتوقف،الامر الذي يتسبب بانقسام جديد بين واشنطن و حليفتها الاطلسية.
ولفت التقرير الى ان نائب وزير الخارجية الاميركي "Tony Blinken" تحدث خلال ندوة في واشنطن عن ضرورة وقف التصعيد من قبل كافة الاطراف، قال ان الولايات المتحدة تتوقع من "كافة الشركاء الى جانبنا" ان لا يصعدوا وان يمتنعوا عن محاولة السيطرة على اراضٍ جديدة قبل تنفيذ وقف اطلاق النار.
كما رأى التقرير ان هذا الخلاف الاميركي التركي ليس الاخير في سلسلة من الخلافات بين الحليفين خلال فترة الحرب الاهلية السورية على مدار خمس سنوات. واضاف ان المشكلة الاصعب بهذا الصدد تبقى الدعم الغربي لوحدات حماية الشعب الكردية وجناحها السياسي (حزب الاتحاد الديمقراطي).كما يشير الى ان الولايات المتحدة تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي بانه من اكثر الشركاء فاعلية بالمعركة ضد داعش، والى ان تركيا تعتبر الجماعة ذاتها امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره انقرة منظمة ارهابية.
ولفت التقرير الى ان هذا الخلاف بين واشنطن و انقرة ظهر جلياً الشهر الفائت مع زيارة مسؤول وزارة الخارجية الاميركية عن الحرب ضد داعش "Brett McGurk" الى كوباني الشهر الفائت و لقائه اعضاء من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي و وحدات حماية الشعب.
كما اشار التقرير الى ان الاتراك قد وجهوا التهم الى واشنطن بتوفير الاسلحة للمقاتلين الاكراد في سوريا تم تهريبها الى داخل تركيا و وقعت في ايدي حزب العمال الكردستاني،و هو ما نفته الولايات المتحدة.
https://telegram.me/buratha