المقدمة
سيد قطب اسم يمرنا بصورة يومية تقريباً على شاشات التلفزيون وعلى صفحات التواصل الاجتماعي يعتبره بعض العوام عالماً دينياً ويعتبره الآخرين كافراً خارج عن الدين هذا الاسم يتكرر على ألسنه المهتمين بشؤون الجماعات المتأسلمه واسم لطالما مرنا بنقاشات مع أتباع العقائد المختلفة وقد اثأر هذا الاسم جدلاً على مدار الستون سنة الماضية حتى في أوساط حزبه الأسود الى يومنا هذا فمنهم من يعتبره المنظر الأول لفكر الإخوان ومنهم من يعتبره منشقاً عن فكر الإخوان اعتبره العديد من المثقفين بأنه داعية إسلامي ومغفور الذنب واعتبره آخرون بأنه ملحد تستر بالإسلام لغرض الشهرة وانه مدفوع الثمن من الاستخبارات الامريكية والمخابرات .
كتب سيد قطب خطرة ومثيرة والى يومنا هذا لازلت تطبع وتباع وأفكاره شاذة مابين السلفية الجهادية وتكفير المجتمعات الاسلاميه وما بين المتعة والجنس والعلمانية وهو متأثر بالمقدسي من جهة والعقاد من جهة أخرى وهذا هو دليل الشذوذ الفكري لدى هذا الشخصية القلقة.
يتداول اسمه بسطاء الناس عن جهل ويعتبروه عالماً وقد ناقشت الكثير منهم وهم لا يعرفون حتى مؤلفاته او تفاسيره او فكره ولكنهم يعتبروه عالما لا يمكن المساس به وكأنه معصوم ويغتاظون غضباً لو مسست به او نعته بالتكفيري وسرعان ما تتهم بتأجيج الطائفية وتتهم بمحاولة إشعال فتنه متناسين ان الله عز وجل منح الإنسان عقلاً ليعرف به طريق الصواب من الخطاء وطبعاً هؤلاء اي بسطاء الناس غير ملامين لكونهم سمعوا اسمه عن أناس ادعوا بأنهم علماء وهم جهلة ونقلوا لهم صورة غير الحقيقة من على منابر الضلالة والتكفير .
لعل الكثير من القراء يعتبرون هذه الدراسات وما كتبت من قبل من دراسات ومحاضرات وبحوث اموراً تاريخية قديمة داستها السنين وطوتها ولا داعي للنقاش بها وتأجيجها في يومنا هذا ولكني ارد عليهم بان التاريخ وفهم التاريخ وحل النزاعات التاريخية هو السبيل الوحيد لحل الأزمات الفكرية في يومنا هذا وفي مستقبلنا , كان ومن الضروري جداً مواجهة الفكر المتطرف والفكر التكفيري تاريخياً قبل مواجهته في الوقت الحاضر وهذه هي وجه نظري منذ بدايه دراستي للجماعات المتشددة والمتاسلمة والتكفيرية كون حاضر الأمة لا يمكن تغيره ولا تعديله الى بتعديل الماضي او على الأقل وضع الحقائق في الصور لكي يعرفها بسطاء الناس ولكي ننتهي من جدالات السابقين وتلقائيا سنرى الناس يبتعدون عن دعاة الكفر والباطل بمجرد وعيهم بالماضي .
كان ولا زال يؤسفني ذكر بعض الناس لشخصيات يعتبروهم علماء ألامه ونجوم ألامه ويضعون هالة العصمة الألهيه على أحرف أسمائهم دون وعي لما حمل هؤلاء الشخصيات من فكر أساء للدين وأساء للانسانيه ولم يجني منهم الإسلام سوى العنف والقتل والطائفية المريرة والتقسيم ألامه الى معسكر الإسلام ( بيت الاسلام ) ومعسكر الكفر ( دار الحرب )حتى وان كان دار الحرب هذا دار مسلمين اختلفوا معهم فكرياً لا أكثر .
قرأت مؤلفات سيد قطب اغلبها ولم اجد فيها سوى الشذوذ الفكري والسلفية الجهادية والانتقال من فكر أدبي لا يخلوا من الانتقادات لما فيه من ميول غير أخلاقي ووصف غير لائق الى فكر متطرف إسلامي إخواني بحت وهذا ما اضطرني للشروع بأعداد هذه الدراسة الشاملة عن فكر سيد قطب والتاريخ الأسود له ولحزبه .
1. سيد قطب حياته ونشأته
هو سيد قطب ابراهيم الشاذلي من مواليد (1906 ) محافظة (اسيوط) أنهى دراسته الدينية الأولى في (اسيوط) ثم انتقل الى معهد المعلمين وأنهى دراسته في القاهرة عام (1933 ) واستطاع الحصول على بعثة دراسية الى الولايات المتحدة الامريكية وهذا البعثة بحد ذاتها كانت مصدر جدل لدى المؤرخين والكثير منهم اعتبر هذه البعثة ليست سوى عمليه تنظير للسيد قطب على يد الاستخبارات الأمريكية كونها بعثة خارجه عن الضوابط في وقتها , وقد عاش سيد قطب في الولايات المتحدة الأمريكية حياه لهواً ولذة وجنس وهذا ما ذكره هو نفسه وما ذكره الكثير من معاصريه فقد ذكر (طاهر احمد مكي) عن حياه سيد قطب في أمريكا وقال بأنه أحب فتاه من بين سبع فتيات طرقن باب قلبه وقد بكى حين تزوجت وذكر أيضا بانه كتب عن الشفة الظامئة والعين الهاتفة والفخذ أللفاء والصدر الناهد وذكر عنه أيضا بأنه دعى الى العري العام وان يعيش الناس كما ولدتهم امهاتهم وهذا الكلام كله طبعا منقول مثلما ذكر عن( الطاهر احمد مكي) احد معاصريه (1) وذكر عنه أيضا بنفس المصدر بأنه قال عن إحدى سهراته في أمريكا بأنها ( لذيذة بريئة ) (2)
في الثلاثينيات من عمره عاش سيد قطب حياه التمرد على القيود الأخلاقية والاجتماعية ودافع عن الاباحيه وصرح بأنه لو أوكل إليه إعادة تكوين الكون من جديد لجعله حدائق ومتنزهات يلتقي بها الأصدقاء والخلان والمحبوبين والحبيبات للتناجي والسهر اللطيف بدون ضجيج ولا اضطراب .
ويعزوا الكثيرون وأهمهم ( محمد حافظ دياب )(4) الى ان احد أهم أسباب حالات التمرد التي عاشها سيد قطب هو بسبب تأثره آنذاك اي في بداية حياته بالعقاد وتتلمذه على يديه لفتره طويلة . وبعدها اخذ سيد قطب العمل في المجال التعليمي والأكاديمي حتى بدأ يتأثر أكثر وأكثر بأفكار عباس محمود العقاد وبدء حياته السياسية الفكرية من حزب الوفد ثم ما لبث ان انتقل الى فكر جديد هو فكر (حسن البنا ) وهنا نلاحظ الطفرة الفكرية النوعية البالغة الخطورة واخذ في بدايته ينشر مقالات واهداءات تمجد بحركة الإخوان المسلمين وصار صديقاً من قياداتها حتى انضمامه بصورة رسمية للحركة عام 1952 (5).
1.1 سيد قطب بين الإلحاد والماركسية البريطانية والإخوان المسلمين
أن الانتقالات الفكرية النوعية ( الطفرات ) في فكر سيد قطب جعلته دائرة تشير لها كل أصابع الاتهامات في وقتها وكان لابد له من الاعتراف بهذه الانتقالات النوعية ولم يكن أمامه في وقتها اي طريقة لإخفاء هذه الانتقالات حتى انه اعترف بوقتها بأنه كان ملحد وقد قال عن نفسه في كتابه ( لماذا اعدموني ) ( وكنت قبل ذلك أحدى عشر سنة ملحداً )وقد ذكر عنه بوقتها بأنه كاتب سينمائي لا اكثر يتغنى بمفاتن النساء وبسهراته اللذيذة البريئة , ثم انتقل بعد الإحدى عشر سنة من الإلحاد الى الماركسية البرطانية حيث ذكر السيد ( احمد كشميري ) في كتابه ( عبقري الإسلام سيد قطب ) (6) ان سيد قطب التقى (جون هيروث ) وهو رجل مخابرات بريطاني ماركسي وهو الذي افتعل الالفه مع سيد قطب فصمم سيد قطب بعد اجتماعه به واجبره على الالتحاق بالإخوان .
وقد اعترفت القيادات البارزة للإخوان وأهمها وابرزها الشيخ (محمد الغزالي) في ذلك الوقت وخصوصا بعد مقتل (حسن البنا) بان الماسونيه والماركسيه دعمت قيادات جدد للتنظيم وهم يقصدون سيد قطب ومجموعه أخرى معه من اتباعهه انضموا مؤخراً للإخوان ما ادى الى هلاك التنظيم وهم يقصدون تنظيم الإخوان المسلمين (7) وحتى حسن البنا بنفسه نلاحظه في مقالته قد حذر كثيرا من سيد قطب وجماعته وقد ذكر عنه بأنه شاب متأثر بالبيئة الغربية وهي التي تغذيه بأفكاره .(8)
2. فكر سيد قطب بعد انضمامه للإخوان
بعد اعترافه بالإلحاد لسنوات طويلة واتهامه بالماركسية كما أسلفنا دخل سيد قطب في خانه التأسلم عن طريق كتابه الاول بالتفسير فقد أطلق كتابه ( في ظلال القرءان ) وقد فسر القران بطريقة عجيبة حيث يذكر ابو بكر خطيب البغدادي وهو يصف عدد من من ادعوا العلم بالقران وصاروا علماء بغير علم ( من هؤلاء رجل يدعى (سيد قطب) لم يسبق له ان جثى بين يدي عالم للتعلم ولا شم رائحة العلم كان صحفياً ماركسياً انخرط بعدها بحزب الإخوان فأقدم على التأليف فزل وضل ومن وقف على كتبه وكان من اهل الفهم والتمييز وجدها محشوة بالفتاوى التي ما انزل الله بها من سلطان وعلم بأنه من اهل الجهل ) (9 ).
اخذ سيد قطب تفسير القران بصور عجيبة غريبة لم يسبق وان تجرأ احد لها واخذ في كتابه المذكور التطرق الى وصف الله عز وجل بصور غريبة حاشى لله منها ويمكن لاي احد ان يطالع كتابه المذكور ويلاحظ الية التصوير لربوبية الله عز وجل ولم يكتفي بالتوصيف بل راح يدخل في أفكار عجيبة غريبة منها فكرة وجود الله واليه الخلق واخذ ايضا يتجاوز على الأنبياء والرسل بكل وقاحة ففي كتابه الثاني ( التصوير الفني بالقران ) يذكر نصاً ( لناخذ من موسى انه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج ) وبعدها يذكر (فلندعه هنا لنلتقي به بعد عشر سنوات لعله هدأ وصار رجلاً هادئ الطبع حليم النفس ... الخ ) (10 ).
استعمال سيد قطب لهذه الافاظ ما هي الا طعن بنبي الله موسى وهو نبي معصوم ولديه العصمة من الله لا غيره وقد مدحه الله بكتابه الكريم مرات عديدة أليس هو كليم الله ام إنني على خطاء .
https://telegram.me/buratha